حذر استشاريون أسريون الآباء عن الانشغال عن أبنائهم وبناتهم في أمور الدنيا والأعمال تاركين إياهم يتأملون لحظات لجلوس الأب معهم للاستماع لهم ولهمومهم ومشاكلهم, مطالبين بتخصيص أوقاتاً للحوار المنفرد مع الأبناء خارج المنزل واصطحابهم في رحلة ترفيهية أو مكاناً هادئاً كدعوتهم لعشاء في احدى المطاعم للاستماع للأبناء وما يدور في داخلهم وتحقيقها حتى لا يضيع الابن في ظل انشغال الأب.
وطالب المدرب والمستشار الأسري في مركز التنمية الأسرية التابع لجميعة البر بمحافظة الأحساء الدكتور فؤاد بن عبدالرحمن الجغيمان الأمهات باحتضان بناتهن وعدم الغفلة عنهن واستماع آرائهن وأفكارهن وترك الفتاة تعبر ما في قلبها.
وأضاف خلال ندوة بعنوان (فن التعامل مع أخطاء الآخرين) التي أقيمت مؤخراً لمنسوبي مكتب التأمينات الاجتماعية بالأحساء: »ينبغي أن تكون الأم هي الأخت والصديقة لها ونصحها إذا أخطأت وأن يكون النصح باللطف واللين وفي سرية مطلقة بعيداً عن الناس, وأنا هنا أدعو إلى التثبت فيما يراه الآباء والأمهات من الأبناء وعدم الاستعجال في الأمور والاستفسار عن الخطأ مع إحسان الظن والتثبيت, وعدم الاستعجال في اصدار الأحكام والنظر إلى الوضع من جميع الجهات ».
كما حذر المستشار الأسري من دعاء الآباء والأمهات على أبنائهم عند الخطأ نتيجة تصرفاتهم خاصة فترة المراهقة والتي قد تحدث من الأب أو الأم نتيجة الغضب بالدعاء على أبنائهم بدون أي تمالك وضبط النفس وعدم نقل مشاكل العمل إلى البيت أو العكس, وعدم التهور الذي قد يصل إلى طرد الابن من المنزل بسبب تصرفه.
ورداً على سؤال قال الجغيمان:»يجب أن يتقبل الأب والأم من الابن جميع تصرفاته واحتوائها وعلاجها بالحوار والجلوس معه أو الخروج معه خارج المنزل وعدم توبيخه أو التلفظ عليه بألفاظ غير مرغوبة كالألفاظ الحيوانية».
وذكر أن الهاتف الاستشاري للمركز (920000900) يستقبل يومياً شكاوى من أبناء وبنات يشكون ابتعاد آبائهم عنهم وجلوسهم في الاستراحات والانشغال في الأعمال التجارية وغيرها من المشاغل الدنيوية, مؤكداً أن نسبة ضياع الأبناء والبنات أسباب انشغال رب الأسرة عن أسرته.
وطالب الجغيمان أن يعامل رب الأسرة أبناءه بالمعاملة الحسنة وبالرفق والدفء واللين والعقلانية والابتعاد عن العنف والضرب كونه يولد الكراهية للأبناء.
كما دعا إلى تجنب الجدال في معالجة الأخطاء فهي أكثر وأعمق أثراً من الخطأ نفسه, مذكراً أنه بالجدال قد تخسر لأن المخطئ قد يربط الخطأ بكرامته فيدافع عن الخطأ بكرامته فيجد الجدال متسعاً ويصعب عليه الرجوع عن الخطأ, ونصح بأن لا يغلق عليه الأبواب بل نجعلها مفتوحة لتسهل عملية الرجوع.
وأوضح الجغيمان أن فن التعامل مع أخطاء الآخرين هو فرع علم العلاقات الانسانية يهدف إلى تغيير الخطأ بطريقة سليمة وكسب ود المخطئ, مشيراً إلى الحاجة إلى هذا الفن وللمدير مع موظفيه, والأب مع أسرته والمعلم مع طلابه والمشرف مع المعلم والداعية مع من يدعو له وكل من يتخالط مع الناس.
ونوه أنه يجب عند معالجة الأخطاء أولاً الاخلاص لله تعالى ثم تحديد الهدف وأن الخطأ من طبيعة النفس البشرية, وإشعار من حولك أنك تحب الخير لهم, وأن تكون التخطئة مبنية على الدليل الشرعي.
وتابع حديثه قائلاً:»مهم جداً أن يدرك الناس من أخطائهم وليس شرطاً أن يصححوها أمامك فلا تغضب, ويجب الابتعاد عن الكلام السيء للأبناء أو غيرهم حين توبيخهم, وعدم معالجة الخطأ في حالة الغضب, أو التفتيش عن الأخطاء الخفية وأن يكون الانسان كالنحلة تقع على الطيب وتتجاوز الخبيث, وأن يضع الانسان نفسه موضع المخطئ حيث إن مدح قليل الصواب يكثر من الممدوح الصواب, وأن يجعل الخطأ هيناً ويسيراً وبنيان الثقة».مطالباً باستخدام العبارات اللطيفة في إصلاح الخطأ, مؤكداً أن الناس يتعاملون بعواطفهم أكثر من عقولهم.
_____________________
المصدر : جريدة اليوم .