الجمعة 20 سبتمبر 2024 / 17-ربيع الأول-1446

الاندفاع عند الشباب: تهورٌ أم صواب ؟



الاندفاع عند الشباب: تهورٌ أم صواب ؟

http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRRA3rv96Ai4fXSqufv-L8wD2z3HliTDf7pDWcA3q0hY5vEh290fe6g51w
د. صالح بن علي أبو عرَّاد الشهري.

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد ؛

فلا شك أن اندفاع الشباب الملاحظ نحو كثيرٍ من المواطن التي يقدمون فيها التضحية بالنفس كميادين الحرب والقتال ، وميادين الإرهاب والتفجير ، وغيرها من الميادين الأخرى ، أمرٌ مُشاهدٌ وملموس ، وظاهرةٌ جديرةٌ بالعناية والاهتمام على مستوى المجتمع المسلم.

وإذا كان البعض يستغرب هذا الاندفاع من فئة الشباب ؛ فإن الحقيقة تنبئ عن عكس ذلك ؛ إذ إن هذا أمر ليس بالغريب من فئة الشباب التي يتوقع منها الكثير من الظواهر المختلفة لاسيما. في ظل مختلف الظروف الصعبة التي تمرُ بها الأمة المسلمة في كل مكان من عالمنا، والتي تدفعهم دفعًا إلى التضحية بكل شيء حتى الأنفس .

وفي أغلب الظن أن هذا الاندفاع من فئة الشباب يمكن إرجاعه إلى أسبابٍ عديدةٍ ومختلفة ، منها ما يلي :


1 – انعدام الوعي الصحيح الناضج عند هؤلاء المندفعين والمتهورين ، وهو ما يمكن إرجاعه إلى انخفاض المستوى التعليمي والثقافي لمثل هؤلاء الشباب في معظم الأحيان .


2 – تعاملهم مع مجريات الأحداث المختلفة من منطلقٍ عاطفيٍ بحت ، بعيداً عن تحكيم العقل الرشيد والنظر السديد ، والتدبر الحكيم في مثل هذه الأمور .


3 –التعامل ( عند أصحاب هذه القناعات ) مع الأحداث والتطورات المختلفة في مجالات الحياة من منطلق فكريٍ فرديٍ ضيقٍ ومحدود؛ إذ إن البعض منهم يتوقع أن هذا الاندفاع هو السبيل إلى الجنة ، وأنه يُحقق معنى الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام ؛ أو أنه وسيلةٌ لإنهاء الحياة بما فيها من المتاعب والمشكلات والمصاعب ،

وهذا غير صحيحٍ أبداً ، وقد تحدث في ذلك الكثير من أهل العلم وبينوا أن هذا الاندفاع يأتي في غير محله وتكون نتائجه الوقوع في الخطيئة والعصيان والعياذ بالله .


4 – فهم بعض النصوص الشرعية في مسألة الجهاد في سبيل الله تعالى فهماً فردياً قاصراً ، وعدم الرجوع في ذلك إلى العُلماء الموثوقين الذين بينوا أن للجهاد شروط وضوابط تختلف كلياً عن هذا الاندفاع الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى ما لا يُحمد عقباه من النتائج المؤسفة .


5 – التأثر بما في الساحة من أفكارٍ مُنحرفةٍ ودعواتٍ مُضللة تعكس الحقائق ، وتقلب المفاهيم ، وتجعل من الحق باطلاً ، ومن الباطل حقاً ، ولاسيما في بعض الأوساط الاجتماعية التي يغلب عليها قلة العلم الشرعي ، وانخفاض الوعي الاجتماعي ، والسطحية في التفكير .


6 – عدم وجود المتنفس الكافي لطاقات الشباب في المجتمع ، حيث إن مرحلة الشباب هي المرحلة العُمرية الزاخرة بالطاقات والقُدرات والاستعدادات والمواهب المُختلفة ، وإذا لم تجد من يوجهها ويُصرِّفها في ما فيه النفع والفائدة ، فإنها بطبيعة الحال ستتحول إلى الجانب السلبي الذي يأتي من أبرز أمثلته هذه الظاهرة المؤسفة .



أما مضار هذا الاندفاع فكثيرةٌ جداً ومنها ما يلي :


( 1 ) أن في هذا الاندفاع مخالفةٌ صريحةٌ لتعاليم الدين الحنيف وتوجيهاته ، وبُعدٌ عن تربية الإسلام التي نهت عن تعريض النفس للأذى أو التهلكة والعياذ بالله .


( 2 ) أن فيه هدراً للطاقات والقدرات الشبابية التي يُفترض أن توجّه وتُصرف في كل نافعٍ ومُفيدٍ من الأعمال التي يتحقق من خلالها إعمار الأرض واستصلاحها تحقيقاً لمبدأ الاستخلاف الشرعي الذي أمر الله به في كتابه الكريم .


( 3 ) أنه يترتب على ظاهرة الاندفاع العديد من المخالفات الشرعية كعقوق الوالدين وضياع الأُسر وفقدان الأمن وإهلاك الحرث والنسل وتدمير المنشآت وإحداث الفوضى ونحو ذلك .


أما كيفية العمل على معالجة هذه الظاهرة فيمكن أن تتحقق من خلال الرجوع إلى تعاليم ومنطلقات الدين الإسلامي الحنيف الصحيحة التي تضبط هذا الاندفاع الشبابي ، وتوجهه إلى الخير .


كما أنه لا بُد من التوعية بخطر هذا الاندفاع السلبي ، ومضاره الفردية والاجتماعية ، وما يترتب عليه من نتائج مؤسفة لا يقبلها شرع ولا عقل ولا خُلق .


ومن العلاج الحرص على احتواء الشباب ، وتكثيف الجهود الرامية إلى تربيتهم التربية الإسلامية السليمة التي تراعي الحقوق والواجبات ، وتهتم بالميول والرغبات ، والتي تعمل على توجيه طاقاتهم واستعداداتهم لما فيه صلاحهم وصلاح أوطانهم .

وفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد ، والحمد لله رب العباد .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم