الجمعة 20 سبتمبر 2024 / 17-ربيع الأول-1446

تحقيق الأمان النفسي والانفعالي عند الأطفال



http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTTFoj7I19j6-1PUJivwLTbBPrZ0Fgpo2cPebq6PhgmzVbnht4T
أ. روحي عبدات .

يعتبر الوالدان مصدر تحقيق الأمان والاطمئنان والاستقرار النفسي عند الأطفال، وخاصة الأم التي تشكل مصدر إشباع حاجات الطفل البيولوجية، من رضاعة وإطعام ونظافة، وتشكل الملامسة الجسدية إحدى أشكال التعبير عن الحنان والعاطفة، إضافة إلى الابتسام في الوجه، والحديث مع الطفل، واللعب وقضاء وقت معه،

حيث يستقرئ الطفل انفعالات الأم عند العناية به ويستطيع أن يتعرف من صوتها وملامح وجهها فيما إذا كانت سعيدة أو منفعلة، وذلك من طريقة العناية به، فعادة ما يرافق عملية العناية من استحمام وإطعام ولباس، لمسات رقيقة حنونة من الأم، مع أغاني وأناشيد ذات سجع محبب لنفس الطفل.

وإذا كانت الأم منفعلة ومضغوطة من الناحية النفسية، فإن ذلك سينعكس على طريقة رعايتها للطفل من حيث السرعة، وعدم الإتقان والاهتمام، وأحياناً الانفعالات السلبية كالغضب والصوت العالي، وعدم الرقة في حمل الطفل، وإبداء الخشونة في رعايته، وتجاهل حركاته وحاجته إلى اللعب أو التواصل.

ويعتبر عمل المرأة أحد مسببات الضغوط الانفعالية التي تمر بها، وتعكسها بدورها على طفلها، ناهيك عن الوقت الذي بدأ بالتناقص والذي كانت تقضيه الأم مع طفلها، الأمر الذي يجعله أقل شعوراً بالأمن وأقل ارتباطاً بها، حيث تقل عملية التواصل الجسدي والروحاني بين المرأة وطفلها، مما يشعر الطفل بالحاجة إلى الحنان، وفقدان المحبة، والحاجة إلى الإشباع العاطفي.

ومن الأمور الهامة الأخرى التي تسرق محبة الطفل هي ميلاد طفل جديد في الأسرة، مما يجعل الطفل يفقد الكثير من الحنان والعاطفة، ويتخيل أن المولود الجديد قد سلب منه الكثير من عاطفة الأمومة بعد أن كان متربعاً على عرش الوالدين، يحظى وحده بالكثير من المعاني الانفعالية والعاطفية،

وهو ما يخلق الغيرة نحو المولود الجديد، ويعبر الطفل فيه في مواقف كثيرة عن رغبته بالحب والحنان، بحيث يظهرها في طريقة لعبه العنيف أحياناً، أو في رسوماته التي قلل فيها من دور الأسرة والوالدين في حياته، واستخدم فيها ألواناً تعبر عن عدم اطمئنانه، أو في أحلامه وكوابيسه اليومية، أو في بعض السلوكيات مثل عدم رغبته في النوم لوحده ورغبته في النوم في حضن الأم التي يفقدها في كثير من الأحيان، ورغبته في اللعب في أوقات متأخرة من الليل.

إضافة إلى السلوكيات التي تظهر رغبة الطفل في التراجع إلى مرحلة نمائية سابقة، كان يحظى فيها باهتمام الوالدين، مثل التبول اللاإرادي أو التمارض، وارتفاع درجة الحرارة، أو السلوكيات التي تعبر عن القلق كقضم الأظافر ومص الأصابع.


ومن أجل الحرص على إشباع حاجة الطفل إلى الحب، والأمان، والتواصل الانفعالي الصحي معه، لا بد من انتباه الأسرة إلى مجموعة من الأمور وخاصة الأم التي تعتبر الطرف الأقوى في منح مشاعر الحب والأمان، وخاصة في حالات المرأة العاملة التي لا تجد الوقت الكافي في قضاء وقت مع طفلها، بعد أن شغلتها ضغوط العمل، وردّت إلى بيتها متعبة تستغل فيه كل دقيقة للبحث عن راحتها على حساب طفلها الذي طال انتظاره لها.

وفيما يلي مجموعة من الإرشادات الموجهة للوالدين للحفاظ على مستوى مناسب من الأمان العاطفي عند الطفل:

– ضرورة قضاء وقت للعب مع الطفل يومياً، وفقاً لمرحلته العمرية، لما يشكله اللعب من حاجة نمائية ماسة، وتفاعل وجداني مع الطفل.


 – الاحتضان البدني للطفل والتقبيل الذي يعبر عن توفير الأمان له، حيث أثبتت الكثير من الدراسات
أن الملامسة الجسدية مع الطفل تساعد في تحقيق الأمان والاستقرار النفسي، وتبني علاقة إيجابية
مع من يحتضنه.

– إسماع الطفل عبارات المحبة والأمان وخاصة عبارة أنا أحبك لما لها من وقع في نفس الطفل،
وتشعره بالاطمئنان.

– عدم الانفصال عن الطفل لفترات طويلة، لأن الطفل بحاجة بين كل وقت وآخر إلى جرعات من الحب
والحنان من قبل الوالدين لا يمكن أن يعوضه عنها إنسان آخر مهما بلغت محبته له.

– بناء علاقة متوازنة بين الطفل والمولود الجديد إن وجد، بدلاً من علاقة الغيرة والمنافسة،
وعدم فقدان المولود الأول حقه في الرعاية والاهتمام.

– ممارسة الأنشطة الخارجية المشتركة مع الطفل، كالذهاب في زيارات عائلية، أو رحلات ترفيهية.

– تكليف الطفل بمهام في نطاق الأسرة، تشعره بقيمته وباهتمام الوالدين به، وتعبر عن ثقتهما به،
كأن يساعد في بعض الأعمال التي يستطيع القيام بها في الأسرة، والثناء عليها.

– التعزيز لسلوكيات الطفل الإيجابية التي يمارسها، سواء من ممتلكات أو مديح لفظي.

– إتاحة الوقت للطفل للتفريغ النفسي والانفعالي عما يجول في خاطره، وذلك عن طريق اللعب والرسم،
والنشاط المشترك مع الأقران.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم