أ.عبد الرحمن هاشم.
حين ندقق في واقعنا الاجتماعي نكتشف من يكرر أخطاءه وأخطاء الآخرين دون الاستفادة غالباً من دروس تجاربهم في تفادي الخطر والنجاة من سوء العاقبة، الأمر الذي يثير التساؤل والتأمل في آن واحد : لماذا يقترب الهاموش الطائر دائماً من مصدر الضوء فيلسعه ويحرقه مع أنه قد رأى آلافاً غيره تواجه هذا المصير من قبل؟
أحداث ومغامرات غير بريئة تمتليء بها الصحف وتقام من أجل مناقشتها برامج تليفزيونية وندوات.
من ذلك، زوج وأب لطفلين يعمل عملا مرموقاً بإحدى الهيئات، قد ارتبط عقب تخرجه بفتاة، لكن قصته معها لم تنته النهاية الطبيعية بالزواج..إذ فرقت بينهما التقلبات العاطفية لهذه الفتاة، فتزوج بغيرها، وتزوجت بغيره، لكن الصلة بينهما لم تنقطع وإنما اتخذت شكل الصداقة المتينة بين الأسرتين، وبعد زواجها شهدت حياتها فترة قصيرة من الاستقرار ثم لم تلبث أن رجعت إلى طبيعتها المتقلبة فارتبطت بعلاقة خاصة مع أحد مديري الهيئة التي تعمل بها، وتطورت العلاقة بينهما حتى كادت تهدم أسرة ذلك المدير، وأسرتها بطبيعة الحال، ووجدت نفسها في موقف عسير بعد أن علمت زوجة الرجل بوجودها في حياة زوجها وبدأت تطاردها وتطالبها بالابتعاد عنه وتهددها بإبلاغ زوجها بخيانتها له.. مادت الأرض تحت قدميها فاتجهت بتلقائية إلى “صديق الأسرة” الذي تعرف جيداً ضعفه تجاهها وطالبته بإنقاذها من ورطتها !!
هب صديق الأسرة كعادته لنجدتها.. وتدخل بينها وبين زوجة الرجل الآخر وأقنعها بعدم تصعيد الأمور إلى الحد الذي لا يرجى معه أي إصلاح.. وتعهد لها بأن تنهي غريمتها علاقتها بزوجها، وركز جهده بعد ذلك على صديقته القديمة وراح يقنعها بالابتعاد عن هذا الرجل قبل أن تدمر علاقتها به حياتها العائلية نهائياً ولا تحصد في النهاية سوى الحسرة وراقبها بحزم لكي لا تستجيب لضعفها وتواصل لقاءاتها مع هذا الرجل، وحاصرها نفسياً وعائلياً حتى برئت من ضعفها.. وقطعت علاقتها بالآخر بالفعل.
ومن عجب أن يتساءل صاحبنا طالباً المشورة : هل سترجع صديقته القديمة إلى طبيعتها المتقلبة بعد حين أم ستكتفي أخيراً بزوجها وأسرتها و ” صداقته ” المخلصة لها ولأسرتها؟
ويسأل : ما التوصيف الصحيح لعلاقته بها وبأسرتها؟ ثم كيف يتحرر من أسرها وسطوتها عليه؟
بعد بحث غير طويل، عثرت في كتابات الراحل الكبير الأستاذ عبد الوهاب مطاوع ما يفيق هذا الرجل ومن هم على شاكلته عسى الله أن يهديهم ويصلح أحوالهم :
ـ هذه المرأة لم تكن قصتها مع هذا المدير هي القصة الأولى لها مع رجل آخر غير زوجها.
ـ في كل مرة وبعد أن تقطع شوطاً كبيراً في المغامرة والعبث وحين ترى نذير الخطر أمامها تصرخ طالبة مساعدة ( صديق الأسرة ) وتجده مستعداً لذلك دائماً فتقترب منه من جديد وتشعره بأنه أقرب إنسان إليها في الوجود ويسعد هو بذلك ويطمئن ثم فجأة تتورط في علاقة جديدة مع شخص آخر ثم يتكرر السيناريو القديم بذات التفاصيل.. يشجعها على ذلك أنه على استعداد دائم لأن يغفر لها ضعفها وخطاياها مع الآخرين.
ـ هذا الصديق، غالباً لا يطمع في إقامة علاقة كاملة معها وهو يسلم من البداية بأنها ليست له لكنه يرضى من علاقته بها بالقليل الذي تهبه له في فترات الود والاستنجاد.
ـ ينبغي على من هو في مثل حالته أن ينزع غطاء الحب الأعمى من عينيه ويرى هذه المرأة في صورتها الحقيقية .. امرأة عابثة لا تمل العبث .. ولا تريد أن تحرم نفسها في الوقت نفسه من عطاء هذا “الراعي” لها .
ـ لا ملجأ ولا مخرج لك من هذه الورطة سوى أن تزهدها وتبتعد عنها وتتحرر من أسرها وسطوتها عليك، فتعجب من نفسك حينذاك كيف قبلت هذا الهوان باسم الحب فتهجرها وأسرتها غير نادم وتتوجه بمشاعرك لمن تشاركك حياتك وعاشت في صمت وإخلاص إلى جوارك.
ـ حين تنتصر على ” الخائن الصغير ” بين ضلوعك فسوف تضع النهاية بإرادتك واختيارك لهذه القصة المريبة وبغير انتظار لما يحمله لك الغد من تطورات وأحداث!