الأحد 22 سبتمبر 2024 / 19-ربيع الأول-1446

التواصل مع الأبناء.



http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQspaGYQ6j8Rl8Or6TV8_xHvKLsySb_L2rQtuUJ_8Km-a5jRSDNQA
أ. حازم محمد صالح قواقنه.

الأبناء هم نعمة من الله تعالى أنعمها علينا، وهم زينة الحياة الدنيا، وكم رقصنا وفرحنا طربا عندما رزقنا بالطفل الأول، وهكذا الثاني والثالث،

وبعد عدة سنوات أشغلتنا مشكلات الحياة ومصاعبها عن فلذات أكبادنا، وألقت الظروف بظلالها على مشاعرنا وأحاسيسنا الجميلة تجاههم، وأغفلنا الكثير الكثير من المواقف والكلمات واللمسات، التي تزيد من قربنا لهم ومن قربهم لنا، حتى أصبح احدنا لا يعرف كيف يعبر عن حبه لأولاده.

فكم من الأوقات التي نقضيها معهم بقصد التعرف عليهم عن قرب، والتعرف على مشكلاتهم، وما يواجهونه من صعوبات، نخرج برفقة أحدهم نمشي سويا نستمع لهم بكل إحساس، نبادلهم المشاعر، ننظر في عيونهم، ندرك ما يريدون قوله، ونتقبل ذلك بكل عاطفة صادقة، نضع أنفسنا بذلك الموقف الذي يمرون فيه، نخاطبهم بلغة الأب الحنون ونحن نضمهم بين ذراعينا، ونهمس في أذانهم، مبتسمين، لا تقلق يا ولدي، أنت بأمان.

نشجعهم، نبني في دواخلهم ثقتهم بأنفسهم، نقدر مجهوداتهم التي يبذلونها، وليس فقط نتائج هذه المجهودات، يقيم أحدنا حفلا خاصا بسيطا ( غداء، تناول حلوى، رحلة برية ) لأن ابنه فلان بذل جهدا رائعا في مجال ما، والثاني أبدع في كذا، والثالث كان له حضوره المميز في البيت. . . وتصرفنا بكل ثقة وسعادة معهم، تبادلنا الحديث، قدمنا لهم النصح والمشورة والرأي بأسلوب حضاري، هادف وبناء، ابتعدنا قليلا عن العتاب واللوم والصراخ، واستبدلنا ذلك بالتوجيه، والرفق واللين،

علمناهم كيف يفكرون بايجابية، وكنا لهم خير قدوة، تناولنا معا فنجانا من القهوة أو الشاي، ونحن نستمتع بنفس اللحظة ببهاء وجوههم ونظارتها، نكحل أعيننا بذلك الجمع الأسري الهانئ، نطلب من أحدهم أن يأخذ لنا جميعا صورة جميلة، ونطلب من الآخر إحضار البوم الصور القديم، أنظر برفقتهم إلى صور والدتهم وأنا أطربها بتلك الكلمات المهذبة التي أسمعها لأولادنا عن جمال وبهاء وأصالة هذه الأم التي غمرتنا بالفرح والسرور، أتنقل بين الصور، وأنا أعزف لكل منهم قصيدة غناء، تطرب أسماع إخوته وأخواته، حتى تستقر في أعماقه كل تلك المشاعر التي أريد إيصالها إليه أو إلى ابنتي الحبيبة.


أشعرهم بأنني تعلمت منكم أيها الأحبة أجمل المعاني وأسماها وأنتم تبادلونني هذه الضحكات والابتسامات الرائعة، نشعرهم كم نحن فخورين بأننا آباؤهم، وأنهم أبناؤنا، نحترم قراراتهم ووجهات نظرهم، نرافقهم إلى الأسواق دونما فرض عليهم ماذا يلبسون، وأي شيء يختارون، نلعب معا، نرسم نلون، تتسخ أيادينا بألوانهم كما هم، نسمع منهم عن أصدقائهم ومدرسيهم وما هي المواد التي يحبونها والتي يواجهون فيها صعوبة، وكيف نواجه تلك الصعوبات، بذلك يشعرون أننا معهم، وأنهم ليسوا وحيدين، نصغي لهم باهتمام ونترك كل ما بأيدينا عندما يحدثوننا، نداعبهم ليشعروا بالأمان والاطمئنان، نقبلهم عند ذهابهم للنوم، وإذا حضرنا إلى البيت وهم نائمون فلنلقي نظرة عليهم،

وما أجمل أن نضع جنب كل واحد منهم قطعة حلوى أو مصروفه لليوم التالي. . أو ورقة صغيرة مكتوب عليها ( أحبك، اشتقت لك. . . . )،

وما أجمل أن نضع في حقيبة أحدهم مع السندويشة التي ترافقه كل يوم عبارة جميلة حتى نشعرهم بمدى أهميتهم لنا وأننا مهما شغلنا عنهم فهم محور اهتمامنا وتفكيرنا.

وكم هي سعادة أطفالنا عندما نتحدث عنهم أمام الآخرين ونحن نمدح سلوكياتهم، ونقصد عامدين رفع أصواتنا لكي يسمعون ذلك حتى وهم في غرفهم، فيقدرون مدى هذا الإعجاب وهذا الحب فيزيدون من تكرار تلك السلوكيات التي لاحظناها وتحدثنا بها بكل إطراء، نهتم بانجازاتهم، نعلق رسوماتهم على جدران الغرفة الخاصة بهم، نذهب معا إلى المكتبة لشراء كتاب أو قصة أو لعمل برواز لشهادة تقدير، أو لوحة، أو ما شابه، ننسى أخطاءهم في الأمس بعد أن نعلمهم الصواب بدل معاقبتهم والقسوة عليهم،

ونبدأ معم صباح اليوم التالي بكل طلاقة وجه وأريحية في السلوك، ندربهم على ممارسة مهارات حياتية تنمي لديهم الثقة وتجعلهم أكثر قدرة على الإبداع، وعلى التواصل، تجعل منهم قادة فكر، وأصحاب قدرة وقرار، مفعمين بالطاقة والحيوية، منفتحين ليس بيننا وبينهم حواجز، مما يجعلنا أكثر فهما لهم، ووعيا بقدراتهم ومواهبهم، نحتضنهم في كل يوم، نشعرهم بدفء العلاقة، نربت على أكتافهم، ونحن ننظر في أعينهم.


داعيا العلي القدير أن يجعلهم ذرية صالحة.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم