موقع المستشار – عبد الرحمن هاشم.

سأل الوالد ابنه عن زميله وصديقه، لماذا يبدو حزيناً مطرق الرأس مغرورق العينين؟

فأجابه الابن وقد بدا الحزن على نبرات صوته وتعبيرات وجهه: إنه الليلة يبيت عند أحد زملائنا، إذ طرده والده، بعد أن ضربه ضرباً مبرحاً، ترك على جسده أثراً واضحاً!

وبعد صمت شابه تردد قرر الأب الرفيق أن يهاتف والد صديق ابنه ليشفع له فبادره الرجل قائلاً: وماذا فعلت؟ لقد كان أبي يضربني ضرباً شديداً، ويعاملني بقسوة، وهكذا كان المعلم يؤدبنا في المدرسة، ولذلك تربينا على الصبر والجلد وتحمل المسؤولية، ومن ثم فأنا أستخدم مع أولادي أسلوب التأديب الذي استخدم معي!

الأب الرفيق: سبحان الله.. ولماذا تصنع بيديك شخصية مهزوزة تضر المجتمع أكثر مما تنفعه؟

الأب القاسي: كيف ؟

الأب الرفيق : إنك عندما تقدم ابنك للمجتمع إنما تضع لبنة في صرح كبير، فهل يليق بك أن يسهم الناس بلبنات سليمات صلبة وأنت تقدم لبنة متهالكة مفككة ضعيفة؟

الأب القاسي : ولكن ماذا أفعل في عناده؟

الأب الرفيق : اتخذ معه أسلوب التحفيز والتشجيع لا الإهانة والتعذيب!

ثم ألا تلاحظ معي أن ابنك ـ بسبب سياستك التأديبية معه ـ بدا يتصف بالعناد والميل إلى القسوة والعدوان؟

الأب القاسي : إنه بالفعل كذلك، وهذا ما جعلني أضربه ضربا مبرحا بعد أن مزق قميصه وحطم لوحات فصله في المدرسة فضلا عن شكاوى مدرسيه المتعلقة معظمها بعنفه مع زملائه وتطاوله على معلميه..

الأب الرفيق : لسنا الآن في مجال اللوم أو الاتهام .. ولكننا في مجال العمل السريع درءً لتفاقم المشكلة ، وما ينبغي عليك أن تقابل عنفاً أنت صانعه بعنف مضاد ، ولكن عليك أن تأخذ ولدك في حضنك وتتفاهم معه وتحرص على بث الطمأنينة والأمان في وجدانه حتى يشعر بروح جديدة بدأت تسري بينكما قوامها المودة والمحبة وأساسها الاحترام والثقة والتقدير.

الأب القاسي : وهل تعتقد أن ابني ستنطلي عليه هذه الحيلة؟

الأب القاسي: كيف ذلك؟

الأب الرفيق : يقول أنس بن مالك رضي الله عنه :” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً، فأرسلني يوماً لحاجة، فقلت : والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب إلى ما أمرني نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال : فخرجت حتى أمر على الصبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قابض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك، فقال : ” يا أنيس، اذهب حيث أمرتك” قلت : نعم أنا أذهب يا رسول الله” رواه أبو داود في كتاب الأدب.

فعلى الأب أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبر على الأولاد ومتابعتهم في تنفيذ الأوامر، مع شيء من الملاطفة والصبر والإحسان والمداعبة، حيث يقول صلى الله عليه وسلم أيضاً : ” علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف” شعب الإيمان للبيهقي.

كما روى البخاري في الأدب المفرد قوله صلى الله عليه وسلم: ” علموا ويسروا ولا تعسروا وإذا غضبت فاسكت ( كررها ثلاثاً ) ” أحمد 1/283.

ويقول الإمام النووي عن معاملة الابن : ” ينبغي الصبر على جفائه وسوء أدبه في بعض الأحيان، فإن الإنسان معرض للنقائص” وهذا دليل على أن اللين والرفق هما الأصل في معاملة الأبناء.