السبت 23 نوفمبر 2024 / 21-جمادى الأولى-1446

القضية الفلسطينية.. الحرب النفسية وعلم النفس السياسي



 

عبده الأسمري

لقد تفتحت عيوننا على فلسطين والقدس ومعاناة شعب مغلوب على أمره وسط منهجيات ووصايا لزعماء عرب ظلت في «قالب» الدفاع والاستبسال عن كل ما يخص هذه القضية الإسلامية والعربية واتذكر أننا كنا نتبرع على مر سنوات منذ أن كنا طلاباً على مقاعد الدراسة وكان الأمر لنا بمثابة الواجب وعني شخصياً لم ولن أندم على أمر كانت توجبه الشريعة وترعاه الدولة وتمليه العروبة.

كبرنا وكبرت معنا تداعيات هذه القضية الفلسطينية التي أراها قضية «عادلة» فهنالك أرض مملوكة وعدو محتل وأطفال أبرياء ونساء مكلومات وشهداء راحلون وشباب معتقلون ومسنون مهانون.. في وقت تداخلت مع هذا المشهد «العتيق» الصورة الذهنية «البائسة» في ظهور «مرتزقة» استغلوا الأزمات لشراء «الطائرات» والسكن في فنادق الخمسة نجوم والصياح المريب على شاشات التلفزة.

تاريخ «اليهود» مكتظ بالجبن والخداع والاحتيال منذ الأزل حيث يمعنون في قتل «الرضع» و»المواليد» و»الأطفال» ويبتهجون بنشر المآتم وترمل النساء وبكاء المكلومات ونحيب الفاقدات حتى وإن كانت غلبتهم في هذا الإطار فحسب وخسارتهم المدد والعدد إلا أن تركيزهم الأكبر على تحقيق مارب «اليتم» و»التهجير» و»التعذيب» مستخدمين بذلك «الحرب النفسية» ضد الشعب الفلسطيني وأمام المشهد العربي.

في قلوب كل الراشدين والشباب في فلسطين من الجنسين «جروح» عميقة تتجدد مع كل «مناوشة» على معبر أو «تعدي» على منزل أو اعتراض على تصعيد فدماء «الشهداء» الطاهرة تشربتها الأرض المباركة ونحيب «الثكلى» أصداء ترسخت في الذاكرة عبر أجيال ومنظر «المعدات الفلسطينية» والقمع والقتل «مشاهد» دامية استعمرت «الوجدان» الفلسطيني والعربي قبل احتلال الأرض.

ما يعنينا هو تلك «المناظر» التي تنفظر لها «القلوب» للأطفال والنساء المشردات والدمار الذي احتضن «ويلات» مسنين باتوا يذرفون الدمع على نواصي «الهلاك» أما حسابات «حماس» ومصالح «فتح» فالأمر يقتضي اتجاه من «الصواب» واتجاهات من «الخطأ» وتداخل بين حق «واجب» و»باطل» مستنكر ولكن ما يهمنا هو «الإنسان» الذي عاش كل مراحلة في فلسطين وهو يتجرع الويل ويبتلع الرحيل حتى إن سرادق العزاء باتت مجاورة لمنظر الحياة اليومية وبات «الموت» خبراً جائلاً يجاور «المشاعر» التي تشبعت بالتبلد ما بين «فرح بالاستشهاد» و»حزن على الاضطهاد».

ما يعنينا هو المسجد الأقصى والقدس وقبة الصخرة والمسجد الأقصى ونابلس التاريخ وبيت لحم الأصالة وغزة العزة وكل شبر في الأرض «المباركة» التي خصها الله عز وجل بحياة أنبياء ورسل واختصها القرآن الكريم بآيات مباركات ومن يعش عليها هم «أخوة» بمنطق «الشرع» ومنطلق «العروبة» أما «الشاذون» فكرياً منهم من أهل الجحود والنكران والعداء فهم لا يعنون لنا شيئا ولكن «الطفل الشهيد» والآخر المجروح والأسرى بلا ذنب والمهجرون من أراضيهم لا يعرفون «الأقطار» ولا علاقة لهم بتصفية «الحسابات» من «زمرة» الأحزاب أو «زبانية» المصالح لأنهم هم «الضحايا» التي اقتاتت «الحروب» على آلامهم وصيحاتهم ومواجعهم، أما ما سواهم فهم الباحثون عن «الغنائم» سواء من «المسؤولين» أو «المارقين» الذين يهرب منهم «الفلسطيني» ذاته باحثاً عن أرض تحتضنه أو مكان يأويه أو موت شريف يقيه شر «الذل» على حساب «الهوية».

منذ سنوات لعبت «إسرائيل» على وتر الحرب النفسية وباتت الكثير من «البلدان» تحاصر «جواسيسها»واستخباراتها المنغرسة في أوساط المدنيين والمندسة بين قيادات الصف الأول في بعض الدول الغربية حيث اعتمدت على اليهود الأصليين والذين ينتمون للديانة والأصل والفكر ويحتالون بجنسيات مختلفة لا تتجاوز «بطاقات» تحمل الأسماء دون «التوجهات» وبعد انكشاف لعبتها تنبهت أخيراً الى الاستعانة بخبراء يجيدون اللعب في ميدان «علم النفس السياسي» من خلال دراسة سلوكيات الشعوب ومسالك القيادات ومن ثم تحقيق المآرب والمصالح من ثنايا السلوك العام واستغلال «ثغرات» الفوضى و»مسارح» الخلل في بلدان عدة لتمرير المصالح اليهودية والإمعان في تشتيت الانتباه بعيداً عن «جرائم» احتلال وكوارث حرب.

تعاني إسرائيل من «انقسامات» داخل جماعاتها «الهشة» تقودها «أحزاب» متناحرة ما بين يمين «متطرف»ويسار «متصرف» في وقت ظلت فيه بعض «قيادات»السلطة الفلسطينية تجهز «التذاكر» وتحجز «المواعيد» في مؤتمرات الأمم المتحدة التي انشغلت بإعلانات «الوعود» و»الاتفاقيات» الدولية المدوية والغياب المخجل عن «التنفيذ».

فلسطين جزء من «جسد» الوطن العربي الكبير و»قطعة»من «كيان» الأمة الإسلامية العظيمة وما يمارس من «إسرائيل» هو مخطط لحرب نفسية تعمقت في قلب كل «مسلم» غيور وفي أعماق كل «عربي»أصيل.. أما «الحرب الظاهرة» أمام «أعين» العالم بأسره فهي حرب»إبادة جماعية وتهجير قسري» أدمت القلوب وأوجعت الأفئدة.

لن تنجو «إسرائيل» بأفعالها وستتجلى في القريب «تداعيات» متجددة تؤكد خسرانها المبين»واندحارها «البائن» أما «المقاومة» فستبقى «مقام» الشرفاء و»الصمود» قيمة «النبلاء» من أهل فلسطين أصحاب الهوية «الحقيقية» في الدين والوطن والمبدأ والقضية أما المتوارون خلف «الشاشات» والمندسون في «الفنادق» والمختبئون خلف «الشعارات» فهم «تجار» دم يتشاركون مع اليهود في الاحتلال والاستغلال الذي سيأتي يوماً ويكون مصيره «الزوال» بأمر الله تعالى.

حفظ الله فلسطين وشعبها وكشف عنهم الغمة وكتب لهم الفرج، اللهم ثبت أقدامهم وانصرهم نصراً مؤزراً عاجلا غير آجل.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم