يتوقف البعض عند الفخر بآبائه وأجداده فلا يتقدم وهذا سيئ، ويقع البعض في تنقص الآخرين ويرى أنهم أقل منه منزلة وهذا أسوأ.
لننظر في نسب خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم، ونرى هل توقف سيد البشر عند نسبه الشريف، الذي حوى بين جنباته رجالاً عظاماً أسسوا أمجاداً لا تزول، فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وعدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
– وقصي كان قائداً عظيماً وكريماً وافر العقل، وهو أول من تولى حجابة الكعبة وسدانتها، فقد كانت بيده مفاتيحها، وهو الذي أنزل قريشاً مكة، وهو الذي أنشأ السقاية والرفادة التي حققت مجداً لا يُضاهى لقومه.
– وهاشم الذي كان أعظم أهل زمانه حيث كان يهشم الخبز، أي يفتته في اللحم، فيجعله ثريداً، ثم يتركه للناس، وهو الذي سن رحلة الشتاء والصيف، وكان يعرف بسيد البطحاء.
– وعبد المطلب الذي كان أعظم الناس قدراً، وقد شرف في زمانه شرفاً لم يبلغه أحد، سمي بالفياض لسخائه، وكان يرفع من مائدته للمساكين والوحوش والطيور، فكان يلقب بمطعم الناس في السهل، والوحوش والطيور في رؤوس الجبال، وهو الذي حفر زمزم بعد أن دفنتها جرهم عند جلائهم بعد رؤيا رآها في حادثة تاريخية عظيمة، وفي وقته وقعت حادثة الفيل.
ووالده عبد الله كان أحسن أولاد عبد المطلب وأعفهم، وهو الذبيح، وذلك أن عبد المطلب لما حفر زمزم وبدت آثارها نازعته قريش، فنذر لئن آتاه الله عشرة أبناء، وبلغوا أن يمنعوه، ليذبحن أحدهم، وقد فداه بمائة من الإبل.
وآمنة بنت وهب أمه كانت أفضل نساء قريش شرفاً وموضعاً، وكان أبوها سيد بني زهرة نسباً وشرفاً.
وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفخر بهذا النسب، وهو الذي يقول يوم حنين:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
من باب ذكر فضل الله ونعمته عليه، ولكن هل توقف نبي الله عند فخره بنسبه؟ وهل نظر لغيره بتنقص؟
طبعاً لا! ولذلك عندما قيل له صلى الله عليه وآله وسلم: يا خير البرية! قال: ذاك إبراهيم عليه السلام.
هذا ما يجب أن يدركه بعض بني فلان وعلان مع تقديرنا الكبير لآبائهم وأجدادهم، ولكن عليهم ألا يتوقفوا ولا ينتقصوا.