الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

الروتين الزوجي



 

الروتين هو تكرار نفس العمل يوميًّا، سواء في أكل الوجبات أو لبس نفس الملابس أو مشاهدة نفس البرامج أو الذَّهاب إلى نفس الأماكن؛ مما يجعل الحياة الزوجية في حالة ملل وكدر، ويُسمَّى الروتين عند بعض المتخصصين القاتل الصامت للعلاقة الزوجية، فحين يحلُّ كالضيف الثقيل على الحياة الزوجية يُحوِّلها إلى علاقة آلية، لتصبح بمرور الوقت عبارة عن رواية مأساويَّة بطلها رجلٌ باردُ المشاعر أو امرأةٌ منطويةٌ على أعمالها المنزلية.

تقول فتاة: زوجي قتل الأنوثة والسعادة بداخلي، فأصبحت أيامي شبيهةً بعضها ببعض، لا شيء جديد مع الروتين المُميت، ويقول آخر: زوجتي قضَتْ على كلِّ شيء مُتجدِّد في حياتي، فهي مشغولة بالمنزل وتربية الأولاد، لا جديد في حياتنا.

إن تجربة الإحساس بالفتور الزوجي والروتين اليومي، التي تُعَدُّ من الأحاسيس النفسية الصعبة التي تشوب العلاقة بين الزوجين، قد تؤثر بشكل أعمق على نفسية الزوجين خاصة إن كانا في بداية حياتهما الزوجية، فالمرأة- من وجهة نظرها- ترى أن زوجها قد تغيَّر عليها، ولم يَعُدْ يُحبُّها مثل فترة الخطوبة، لتبدأ تطاردها الهواجس والوساوس، وينتابها الإحساس بالإحباط والفشل المرتقب؛ بسبب اختفاء كلمات الحب والغرام والعبارات العاطفية والمجاملة.

ويعود السبب في فتور العلاقة الزوجية إلى عدة أسباب منها:

  • كثرة استعمال مواقع التواصُل الاجتماعي بما تحويه من لقطات كاذبة ومزيَّفة تُصوِّر لنا علاقات عاطفية مثالية وهميَّة، ليبدأ أحد الطرفين بمقارنة حياته وعلاقته مع شريك حياته، بحياة هؤلاء المشهورين فتنتابه الحسرة والألم.
  • وجود فارق كبير في السِّنِّ بين الزوج والزوجة، بحيث يشعر الزوج أنه كبر على عدة أمور لا تزال مُفضَّلة عند المرأة؛ مما يجعلها تمَلُّ من زوجها.
  • اختلاف المستوى الثقافي والفكري بين الزوجين؛ مما يؤدي إلى تأزُّم الحوار بينهما، ثم نفور كُلٍّ منهما من الآخر، والتزام الصمت في أغلب الأحيان.
  • انشغال كل طرف بمسؤولياته المتكررة؛ فالرجل مُنْهمكٌ في عمله بغرض تأمين الحاجات المادية للأسرة، والمرأة منغمسةٌ في رعاية شؤون الأسرة التي تزداد بازدياد عدد الأطفال، معتقدة أنهم أوْلَى بذلك من الزوج الذي قد يدخل في طيِّ النسيان؛ مما يجعلهما يعيشان وكأنَّ كُلًّا منهما غريبٌ عن الآخر، ويجعل كل واحد منهما يعيش في حالة من البرود والنفور تجاه الطرف الآخر.
  • النكد الزوجي من أحد الطرفين، واختلاقه المتكرر للمشاكل داخل الأسرة؛ مما يجعل الطرف الآخر يبتعد عن الأسرة نفسيًّا وجسديًّا

وليست المشكلة في الإحساس بالفتور والمَلَل الزوجي؛ وإنما تبقى الإشكالية في عدم قدرة البعض على التغلُّب على هذا المَلَل الذي يضرب الحياة الزوجية فيَصِل بها إلى هاوية الطلاق أحيانًا، وللتغلُّب على الفتور الزوجي وكسر الروتين بينهما أقترح لكم هذه الطرق:

الهواية المشتركة: إن مشاركة الزوجين في تجربة هواية مشتركة، طريقة رائعة للترابُط وخلق ذكريات فريدة من نوعها، ومِنْ ثَمَّ قضاء أطول فترة ممكنة سويًّا وكسر الروتين الطاغي بينهما.

التنزُّه أو السفر: يُعتبَر الخروج من المنزل أو السفر خارج المدينة وتغيير الجوِّ من أهم الأعمال التي تكسر الروتين المعتاد والمنغِّصات اليومية؛ لذا من الجيد اختيار المكان والوقت المناسب الذي يخلق لهما ذكريات مشتركة، مع مراعاة التخطيط الجيد خاصة في الأمور المادية.

التواصُل الجسدي: يمكن للَمْسة حانية بسيطة أن تُغيِّر مزاج شريك الحياة، فالاتصال الجسدي لديه تأثير عاطفي كبير؛ لذا من المُهِمِّ الحفاظ على العلاقة الحميمة والعاطفية من أجل استقرار الزواج.

إبعاد الأجهزة الإلكترونية: فالأجهزة الذكية جعلَتْ لكُلِّ طرفٍ عالَمَه الخاصَّ؛ مما فرضت الرتابة والمَلَل والفتور في الحياة الزوجية.

المبادرة المفاجئة: من الجميل أن يُبادر أحد الزوجين بأخذ زمام المبادرة لدعوة الشريك إلى جلسة ليست ككُلِّ الجلسات؛ كقضاء ليلة في فندق أو الذَّهاب إلى أحد المطاعم أو شراء هدية رمزية أو جلسة شواء أو مشاهدة برنامج يُحِبُّه الجميع.

الثناء على الشريك الآخر ومدحه بالكلام اللطيف على ما يقوم به من أعماله اليومية.

أسأل الله أن يُصلِح الشباب والفتيات، وأن يجمع بين قلوب المتزوجين والمتزوجات على طاعة الله والحب والتواصُل السليم، وأن يخرج من تحت أيديهم من يَعبُد اللهَ على الحقِّ، وأن يجعل أولادهم لَبِناتِ خيرٍ على المجتمع والوطن، وصلى الله على سيِّدنا محمد.

————————————-

بقلم أ. عدنان بن سلمان الدريويش

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم