عدنان بن سلمان الدريويش
تقول أمُّ سعيد: «طفلي أتعبني، وأشعر أني أُمٌّ فاشلة، فسلوكه غريب؛ يحب تخريب ألعابه وأغراض المنزل؛ لأنه يعلم أنني أحرم نفسي من أجله ومن أجل إخوانه، فيراها نقطة تثيرني، فيعمل على التخريب والتكسير».
ما سبق جزءٌ من شكوى بعض السيدات عندما يتَّصِلْنَ على الهاتف الاستشاري الأسري.
انتبه علماء النفس والتربية إلى ظاهرة نفسية سلوكية لدى الأطفال منذ أمَدٍ طويل، أطلقوا عليها ظاهرة «السلوك التخريبي»، وما يلفت الانتباه هو الازدياد الواضح في ميول الأطفال في المنزل والمدرسة والأماكن العامة لممارسة ما يزعج آباءهم والمحيطين بهم، وهنا تشير كلمة «تخريب» إلى تكسير الممتلكات وتدميرها، سواء كانت ممتلكات شخصية كالألعاب، أو عامة في المساجد والحدائق.
إنَّ رؤيةَ الألعاب مكسورةً والفوضى الناتجة عنها أمرٌ يسبِّب الانهيار للوالدين، إلا أنني أودُّ أن أوضِّح لك أخي المربِّي أن الأطفال قد تنكسر منهم الألعاب دون قصدٍ، وقد تنكسر بسبب الاستخدام غير السليم، وقد يكسرها الطفلُ عمدًا؛ لاكتشاف كيف تعمل هذه اللعبة، وهذه هي طبيعة الطفل الفضوليَّة لاكتشاف كل ما حوله تمامًا كالعلماء؛ لذلك يعتبر سلوك التخريب عند الاطفال غالبًا غير متعمَّد، فالطفل يخرب ألعابه ليس لأنه يحب تكسيرها، أو لأنه طفل عدواني؛ وإنما فقط لأنه يريد أن يعرف ماذا بداخل هذه اللعبة، وكيف تعمل؛ ولكن لسوء الحظ أن طريقة الطفل للتعلم تؤدي لتدمير اللعبة، وهو الأمر الذي لا يدركه الصغير بَعْد.
ولعل الخطوات الآتية تسهم- بإذن الله- في مساعدة الطفل وذَوِيْه على التخفيف من حدَّة السلوك التخريبي، ومن ثَمَّ الشفاء منه:
1- إن تَفَهُّمَ الوالدين للسبب الكامن وراء السلوك التخريبي لطفلهما يُعَدُّ حجر الأساس في مساعدته على تجاوز هذا السلوك؛ لذا من الأهمية بمكان أن تستمع للطفل عندما يشرح لك: لماذا خرب اللعبة؟ لأنَّ تَفَهُّمَ مشاعر الطفل أكثرُ أهمية من معاقبته على سلوكه.
2- قد يلجأ الطفل إلى التخريب للتنفيس عن انفعالاته؛ لكونه لم يتدرب، أو يتعلم طرقًا أخرى للتعبير عنها؛ لذا يُنصَح بأهمية تدريب الطفل على توجيه انفعالاته نحو أمور أكثر فائدة له ولأسرته؛ كأن يلعب الرياضة، أو يمارس الرسم.
3- اعمل على وقف السلوك التخريبي للطفل حالًا؛ إما بإبعاده عن المكان، أو إبعاد الأغراض عنه.
4- أصدر أمرًا لفظيًّا صارمًا؛ مثل: «لا يمكنك كسر ألعاب أخيك»، مع التنبيه على عدم الانفعال، أو الضرب.
5- وضِّح للطفل ماهية الأمر اللفظي (قيمة الألعاب وأهميتها، حق الآخرين في اللعب بها …. إلخ)، ثم حوِّل المسألة عليه (هل ترضى ذلك لألعابك أن تُكسر؟)، مع ذكر بعض الأدلة من القرآن والسنة عن النهي عن التخريب.
6- اعزل الطفل في مكان هادئ لمدة 5 دقائق (مع التنبيه ألَّا يكون بمفرده) حتى يهدأ، ثم أثْنِ على هدوئه وامتدحه (خاصةً إذا بدأ يتفهَّم الأمر).
7- اطلُبْ منه إصلاحَ الضرر أو التعويض، وساعده في ذلك؛ مثل: «عليك إصلاح لعبة أخيك»، ثم امتدح سلوكه.
8- توفير الألعاب البسيطة للطفل التي يمكن فَكُّها وتركيبُها دون أن تتلَف، قد يكون الدافع للطفل هو حب الاستطلاع وليس التخريب، فيلجأ إلى الفكِّ والتركيب.
9- الابتعاد عن كثرة تنبيه الطفل وتوجيهه، والتذكير بأخطائه السابقة؛ لأن ذلك يفقد قوة تأثير التوجيه، ويفقد الطفل الثقة في إمكاناته.
10- اعرض الطفل على الطبيب؛ للتأكد من سبب التخريب؛ فقد يكون بسبب طبيعة الغدة الدرقية، أو مستوى ذكاء الطفل، أو مرض عضوي يدفعه لذلك السلوك.
أسأل الله العظيم أن يبارك لكم في ذريَّاتِكم، وأن يجعل بيوتنا عامرةً بطاعة الله، وأن يشفي أولادنا من كل مرض وبلاء، وصلى الله على سيِّدنا محمد.