يتربى أفراد الأسرة في بيت واحد مع الأبوين أنفسهما، لكن يختلف كل شخص عن الآخر في رأيه وما يفضل فعله أو ما لا يفضل، ويصبح إرضاء جميع الأطراف أمرا صعبا، وتنقلب الاجتماعات العائلية لنزاعات ومحاولة كل شخص لإقناع الآخرين بوجهة نظره.
وتؤثر الاجتماعات العائلية بشكل كبير في علاقة أفراد الأسرة، فكل البيوت تعاني من الخلافات، ولكن ليست جميع الأسر تتعامل معها بشكل فعال، ولجعل المناقشات العائلية أكثر هدوءا وتجنب النزاعات، يجب أن يهتم رب الأسرة أو مدير النقاش ببعض الأمور لعقد اجتماع فعال ومثمر.
وفي ما يلى، نتعرف على أهمية هذه الاجتماعات، وما يوصي به المختصون النفسيون لجعل النقاشات أكثر فاعلية، وما الذي يجب تجنبه أيضا.
حل الخلافات والاحتفال بالإنجازات
تعود المناقشات العائلية بالعديد من الفوائد على الجميع؛ إذ تعد من أفضل الوسائل لتحسين التواصل بين أفراد الأسرة.
ويساعد الحوار في تعزيز ثقة الأبناء بأنفسهم، إذ يمنحهم فرصة للتعبير عن أنفسهم والإحساس بالمسؤولية، وأنهم جزء مؤثر في القرارات الجماعية، كما يرسخ الاحترام المتبادل والتعاون، ويطور مهارات الاستماع وحل المشكلات التي يمكن أن يستخدمها الأبناء طوال حياتهم.
ويتعلم أفراد الأسرة من هذه المناقشات كيفية إدارة المواقف الاجتماعية بطريقة مناسبة، فعندما يبحث أفراد العائلة معا عن حل لخلاف ما، يتعلم الأطفال والمراهقون كيفية تسوية المشاكل وديا.
وترسخ الحوارات الجماعية قيم الأسرة أيضا، فلا يتعلم الأطفال والمراهقون هذه القيم بتكرارها لفظيا عليهم، ولكن بالمعايشة ورؤية كيف تتخذ الأسرة قراراتها بناء على منظومة القيم الخاصة بها.
وهذه 12 نصيحة لمساعدتك على عقد حوار إيجابي وفعال:
ضع أسسا للحوار
حدد أسسا وقواعد للاجتماعات العائلية، مثل ضرورة الاستماع للمتحدث والنظر إليه وعدم مقاطعته، واحترام كل شخص لما يقوله الآخر حتى وإن لم يتفق معه، مع عدم السماح بالسخرية من رأي أحد أو التقليل منه، والحرص على التوصل لحلول ترضي الجميع.
ابدأ بخطوات بسيطة
ينصح توماس ليكونا عالم النفس وأستاذ التربية بجامعة ولاية نيويورك -في مقاله بموقع “سايكولوجي توداي” (Psychology Today)- بجعل الاجتماعات العائلية في البداية بسيطة، ولا تتعدى مدتها نصف ساعة مرة واحدة في الأسبوع، والالتزام بذلك لفترة، ومع مرور الوقت يمكن أن تشعر الأسرة بالحاجة إلى زيادة وقت الاجتماعات ومناقشة المزيد من الأمور.
أضف المرح
ويمكن إضافة بعض المرح لهذا التجمع، بتحضير نوع حلوى خاص وتناوله في أثناء النقاش، أو جعلها نزهة للأسرة إذا لم يكن الأمر جادا ويحتاج للنقاش المطول.
حدد ما تجب مناقشته
حدد الموضوعات التي تجب مناقشتها، سواء كانت مشكلة صغيرة مثل تعامل الإخوة مع بعضهم بعضا بشكل غير لائق، أو قضية كبيرة مثل الأمور المالية للأسرة، مع الحرص على عدم التفرع إلى قضايا أو مشاكل وشكاوى أخرى والانشغال بإلقاء كل طرف اللوم على الآخر وشحن الأجواء من دون التوصل إلى حل.
ويجب التأكيد على أن الغرض من الاجتماع العائلي هو التعاون وحل المشكلات، وليس تحديد المذنب وإلقاء اللوم على بعضنا البعض.
تذكر أنه حوار وليست محاضرة
احذر من تحويل الاجتماع العائلي إلى محاضرة تأديبية، وتوجيه التوبيخ لكل شخص عن الأخطاء التي اقترفها؛ وبدلا من ذلك، يمكن اتباع نهج حل المشكلات بالقول “لاحظت عدم تعاون البعض في الواجبات المنزلية، كيف يمكن حل ذلك؟”
ابدأ وانته بالمدح
يمكن اتباع ما يعرف بـ”أسلوب الشطيرة” في النقد، فبدلا من البدء بالتحدث عن المشكلة فورا، يمكن خلق أجواء إيجابية أولا بالإشادة بمجهودات أفراد الأسرة في التعاون معا، أو مدح كل شخص بشكل خاص على شيء يقوم به، ثم التحدث عن القضية التي تجب مناقشتها.
وعقب الانتهاء من المناقشة يمكن الإشارة إلى الإيجابيات التي تشاركها الأسرة معا مرة أخرى.
تأكد من مشاركة الجميع
الاتفاق على ضرورة مشاركة الجميع وألا يكون دور أي فرد سلبيا بأن يكتفي بالصمت، وفي المقابل، احرص على إعطاء فرص متساوية للجميع، حتى يعبّر كل شخص عن نفسه.
ضع خطة
ناقش الحلول المقترحة وحاول التوصل إلى خطة يوافق عليها الجميع، وينصح العالم النفسي ليكونا بتجنب التصويت على الخيارات المتاحة، إذ قد يتسبب ذلك في انقسام أفراد الأسرة إلى “فائزين” و”خاسرين”، وليس هذا الهدف من المناقشة.
امنح الجميع فرصة للقيادة
تساعد هذه الفرصة أبناءك على الشعور بالمسؤولية وإدراك أهمية الاجتماعات العائلية، وتعلم إدارة الحوار، والتعرف جيدا على قواعد الحوار وكيفية تطبيقها.
اترك انطباعا إيجابيا
من المتوقع حدوث بعض الخلافات والتشاحن بين أفراد الأسرة؛ لذا حاول ألا تكون هذه هي نهاية النقاش، ويمكنك اقتراح المشاركة في نشاط ممتع عقب الاجتماع؛ مثل مشاهدة فيلم معا، أو طلب عشاء من الخارج، لجعل الأجواء أكثر إيجابية.
وحاول إنهاء كل اجتماع بسؤال كل فرد من أفراد الأسرة عن شعوره تجاه الاجتماع، وما الذي يمكن عمله بشكل أفضل في المرة القادمة.
تتبع القرارات
احرص على تتبع القرارات التي تم اتخاذها خلال الاجتماع العائلي، لترسيخ أهمية هذا الحوار والقرارات التي تم الاتفاق عليها، وأنه ليس مجرد جدال.
لا تستسلم
إذا لم يسر اجتماعك الأول على ما يرام، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يعتاد الجميع على التحدث معا ومناقشة الأمور العائلية، فلا تستسلم سريعا.
وحتى بالنسبة للآباء الذين لم تكن عائلاتهم تعقد اجتماعات للحديث معا، يمكنهم تجربة ذلك مع أبنائهم، وبالوقت سيصبح الأمر معتادا ومألوفا مثل الاجتماع على الغداء.
——————————-
المصدر : الجزيرة نت