الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

ومن الغذاء ما قتل!



توجد تداخلات بين الغذاء والدواء وكذلك بين الغذاء والغذاء فضلا عن وجود تداخلات بين الدواء والدواء‏,‏ ولكن هل تعلم أن هناك تداخلات بين الغذاء والوراثة تؤدي إلى إصابة بعض الناس بأمراض مزمنة لا علاج لها إلا بالامتناع مدي الحياة عن تناول أنواع معينة من الأغذية؟‏

د. محمد محمود يوسف سكرتير عام الجمعية العلمية للصناعات الغذائية يلقي الضوء علي بعض هذه الأمراض فيقول:‏

أولاً: مرض عدم تحمل سكر اللبن( اللاكتوز):

يعاني بعض الناس من قصور وراثي يحول دون هضم سكر اللبن( اللاكتوز) في الجهاز الهضمي للإنسان, ومن ثم يتعامل جسم الإنسان مع سكر اللبن كمركب غريب, ويعزي هذا المرض إلى غياب الإنزيم المحلل لسكر اللبن, مما يؤدي إلى عدم قدرة الأمعاء الدقيقة علي امتصاص اللاكتوز والدفع به إلى تيار الدم, ومن ثم فإن اللاكتوز يتجه إلى القولون دون هضم, ويحدث تخمر للاكتوز بفعل البكتريا الموجودة بالقولون فتنتج مخاليط من غازات الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون والميثان ومن أعراض هذا المرض حدوث انتفاخ في البطن وتكون غازات بالأمعاء والإسهال والغثيان والشعور بآلام في المعدة وقد تكون الأعراض مصحوبة بالقيء, وهناك ثلاثة أنواع من مرض عدم تحمل سكر اللبن تختلف في حدتها تبعا للأسباب الوراثية والبيئية المسببة لها.
وينوه د. محمد يوسف إلى أن مرض عدم احتمال سكر اللبن يختلف عن مرض الحساسية للبن, فالمرض الثاني مسئول عنه بروتينات اللبن لأسباب مناعية.

وقد يولد الطفل وهو يعاني من القصور الوراثي لعدم تحمل سكر اللبن, ولقد كانت هذه مشكلة جد خطيرة فيما مضي لأن هؤلاء الأطفال, كانوا في الغالب يقضون نحبهم لعدم قدرتهم علي تناول الغذاء الوحيد المناسب لهم وهو لبن الام, بيد أنه مع تطور تقنيات التصنيع الغذائي أمكن إنتاج لبن فول الصويا وكذا ألبان منزوعة سكر اللاكتوز, وأصبحت هذه الألبان ومنتجاتها بمثابة الملاذ الوحيد أمام هؤلاء المرضي لاستخدامها من المهد إلى اللحد عوضا عن الألبان الطبيعية ومنتجاتها.

ثانياً: مرض الحساسية من بروتين القمح( الجلوتين) أو مرض السيلاك:

في غير مقدور بعض الناس هضم بروتين القمح والذي يعرف بالجلوتين ويسمي هذا المرض بالسيلاك وهو ناجم عن قصور وراثي لدي هؤلاء الناس الذين يعانون من عدم قدرة الأمعاء علي امتصاص الجلوتين وبعض العناصر المعدنية الأخرى مثل الحديد والكالسيوم, ومرضي السيلاك ممنوعون من تناول القمح ومنتجاته نهائيا ومدي الحياة.

وتظهر أعراض مرض السيلاك في صورة إسهال مزمن وانتفاخ في البطن وضعف في النمو وأعراض سوء تغذية عند الأطفال وقد يحدث فقد شديد في الوزن عند الكبار, كذلك فقد يكون المرض مصحوبا بأعراض أخري كالإمساك المزمن وأنيميا نقص الحديد التي لا تستجيب للعلاج ونقص الكالسيوم وهشاشة العظام وآلام العظام وحدوث كسور متكررة من إصابات بسيطة, كذلك من أعراض هذا المرض تأخر البلوغ.

وكما أسلفنا فإن مرضي السيلاك ممنوعون من تناول جميع منتجات القمح من خبز وفطائر وكيكات وبسكويت ومكرونة وغيرها, وهناك بدائل لهذه المنتجات تصنع من دقيق الذرة أو دقيق الأرز أو نشا البطاطس وهي بالطبع ليست في جودة نظيراتها المصنعة من دقيق القمح, ناهيك عن ارتفاع أسعارها لأنها تصنع علي نطاق ضيق.

ثالثا: مرضي حساسية الفول البلدي( الفافيزم):

لبعض الناس حساسية مفرطة من الفول البلدي ومنتجاته فإذا تناول هؤلاء الفول حتي ولو بكميات ضئيلة فإنهم يصابون بأنيميا حادة نتيجة لتكسر كرات الدم الحمراء بالكامل وهو ما يستلزم تغيير الدم بالكامل في غضون ساعات وإلا حدثت الوفاة, وهؤلاء بالطبع ممنوعون من تناول الفول البلدي وجميع منتجاته( المدمس, الطعمية, البصارة, النابت… إلخ) مدي الحياة.

والأشخاص المعرضون للإصابة بالفافيزم يعانون من قصور وراثي يمنع تخليق إنزيم مهم, وغياب هذا الإنزيم يؤدي إلى أكسدة مركب يسمي الجلوتاثيون وهو مركب مهم جدا لإضفاء الصلابة علي كرات الدم الحمراء شريطة أن يكون في الحالة المختزلة لا المؤكسدة, وتوجد بالفول البلدي مركبات تعمل علي أكسدة الجلوتاثيون أي أنها تزيد الطين بلة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص.

وينوه سكرتير عام الجمعية العلمية للصناعات الغذائية إلى أهمية الحذر عند تناول الطفل الفول البلدي ومنتجاته لأول مرة, إذ ينبغي علي الأم البدء بكمية ضئيلة وملاحظة أي تغيرات قد تطرأ علي الطفل, وفي حالة حدوث أي أعراض غريبة لابد من نقل الطفل توا إلى المستشفى وإخبار الطبيب بأن الطفل قد تناول الفول لأول مرة في حياته حتي يتم التشخيص بسرعة بعيدا عن الذهاب إلى احتمالات مرضية أخري قد تتشابه أعراضها مع بعض أعراض مرض الفافيزم.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم