الأحد 22 ديسمبر 2024 / 21-جمادى الآخرة-1446

هل يُصاب الطفل بالمرض النفسي؟! وكيف؟



هل يُصاب الطفل بالمرض النفسي؟! وكيف؟
https://encrypted-tbn3.google.com/images?q=tbn:ANd9GcSx38fUUKESR9_ZVqWyu5TRA8firb16_6ho5rh7qTKUzY5l6ZBGtg
د. ملهم زهير الحراكي .
والجواب ببساطة نعم يُصاب الطفل بالمرض النفسي مثله مثل البالغ. وحسب الدراسات الإحصائية تتراوح نسبة إصابة الإنسان بالاضطرابات النفسية خلال فترة الطفولة ما بين 12% ولغاية 51% ، ومن هذه الحالات 5-19% تحتاج لعناية نفسية مكثفة.
والجدير بالذكر أنه في بدايات القرن الماضي وحسب نشأ تخصص فرعي قائم بذاته في الطب النفسي خاص بالأطفال والمراهقين..
ما وجه العلاقة ما بين التربية الصحيحة والمرض النفسي عند الطفل ؟!
والجواب هو أن يغيب فكرة أن الطفل لديه معاناة نفسية أو مرض نفسي عن المربي يجعل من عملية التربية شاقة وعسيرة ومحبطة إن كان هنالك اضطراب في نفس الطفل لم يتم ملاحظته.
كيف يعبّر الطفل عن معاناته النفسية؟!
يعبر عنها في غالب الأحيان بلغة رمزية كأنها اللغز الذي يحتاج تفسير، أو ما يدعى اللغة غير ملفوظة، وذلك حسب مستوى النضج عند الطفل. فالبالغ يستطيع أن يقول أنا غاضب منك بسبب كذا وكذا، ولكن الطفل يعبر سلوكياً عن غضبه بفرط الحركة والشغب والعناد والتبول ليلاً بعد الجفاف والعنف وغيرها. فتعبير الطفل عن معاناته بالأفعال السلوكية وعبر وسائل التعبير الرمزي كالرسم والمعجون واللعب ..
لذلك من أدوات التقييم في عيادات طب نفس الأطفال هي الرسم واللعب والقصة ، وذلك لضعف قدرة الطفل عن التعبير المباشر.
ما هي أنواع الاضطرابات النفسية عند الأطفال؟!
يتراوح عدد الاضطرابات النفسية الخاصة بفترة الطفولة إلى أكثر من خمسين اضطراب. ولكن لتبسيط الموضوع نقسمها لعائلتين:
العائلة الأولى: اضطرابات تؤثر على التطور العقلي النفسي عند الطفل:
حيث يحدث تأخر في منطقة ما من مناطق التطور العقلي والنفسي مقارنةً بالأقران من نفس العمر، وتشمل مناطق التطور: الذكاء والتعلم والعناية بالنفس و الحركة والمشي وضبط التبول والبراز والتفاعل الاجتماعي واللغة والكلام وغيرها.
فإذا كان التأخر شامل لكل المناطق فنحن أمام حالة التأخر العقلي أو الفكري، ويكون مستوى الذكاء دون الحد الطبيعي. أما إذا كان التأخر في الكتابة أو القراءة أو الحساب أو كلها فنكون أمام حالات صعوبات التعلم.
وقد يكون التأخر فقط في اللغة والكلام فنحن أمام اضطرابات اللغة والكلام، كالتأتأة و عيوب النطق. وقد يكون التأخر والخلل في التفاعل الاجتماعي والتواصل فنكون أمام حالات التوحد..
العائلة الثانية: اضطرابات تؤثر على الانفعالات والسلوك عند الطفل:
منها اضطراب فرط الحركة وسهولة تشتت الانتباه والاندفاعية، واضطراب العناد والمشاكسة والتحدي، واضطراب الغيرة أو الغيرة والتنافس الشديد بين الأبناء، والسلوك العدواني الفوضوي العبثي ، وحالات الكره والرفض للمدرسة ، الخوف الشديد عن الانفصال عن الأبوين ، والسلس البولي والبرازي ، والحركات والأصوات الغير هادفة اللا معنى لها والمتكررة المعروفة بالعرّة او اللازمة…
إضافة إلى زمرة من الاضطرابات النفسية الموجودة عند البالغين، ومنها الكآبة و القلق وحالات الوسواس القهري بتكرار بعض الأفعال والأفكار وغيرها ..
ما هي أسباب الاضطرابات النفسية عند الأطفال؟!
يوجد مجموعة من العوامل تتضافر مع بعضها ليحدث الاضطراب النفسي وهي:
العامل الأول: الاستعداد البيولوجي حيث يكون دماغ الطفل مستعد ليصاب بالمرض النفسي. إما بسبب طفرة في المورثات منذ الحياة الرحمية أو عسرة في الولادة أو مرض شديد في السنوات الأولى.
العامل الثاني: سوء ظروف التربية والعلاقة ما بين الطفل وأبويه، وعلاقة الأبوين مع بعضهما. لأن الطفل جزء غير منفصل من منظومة ثلاثية ( الأب والأم والطفل).
العامل الثالث: التبدلات الكيماوية في الدماغ.
بالنسبة للعائلة الأولى من الاضطرابات النفسية (أي اضطرابات التطور) يلعب فيها العامل الأول الدور الرئيسي ، أما بالنسبة للعائلة الثانية فتلعب فيها العوامل الأخرى أدواراً متساوية تزيد وتنقص حسب نوع الاضطراب.
هل للاضطراب النفسي عند الأطفال علاج ، وكيف ؟!
نعم له علاج ، وهو على شقين :
الأول: العلاج النفسي وهو الأهم عبر برامج تعديل السلوك و مناقشة الأفكار وتغييرها بالاعتماد على اللعب والرسم والتمثيل أحياناً، وبالتعاون وإشراك الأبوين بشكل فعّال في الجلسات العلاجية..
الثاني: العلاج الدوائي، وهو عامل مساعد ويكون عادةً لفترة مؤقتة…
وهذه خاصة بالعائلة الثانية من الاضطرابات ، أما بالنسبة للعائلة الأولى من الاضطرابات أي التطورية يقوم العلاج على مبدأ التأهيل المتخصص والتدريب التعليمي الذي يركز على جوانب التأخر ويسعى نحو تطويرها.
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم