الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 / 24-جمادى الأولى-1446

هل مِنْ دعاء للإنجاب؟



السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شاب أبلغ من العمر 32 عاماً، متزوج وقد مضى على زواجي أربع سنوات، ولم أرزق بمولود حتى الآن، عملت الفحوصات اللازمة وتبين أن النتائج طبيعية، ولا يوجد سبب عضوي رئيسي في سبب تأخر الإنجاب، أعلم علم اليقين أن هذا الأمر بيد الخالق -عز وجل-،

 

فتوجهت لله أدعوه ليل نهار وأخص أوقات الإجابة، وأستغفر الله كثيراً وأذكره بالغدو والآصال، لله الحمد والمنَّة، فهذا التوجه قد أصلح من حالي الكثير، فقد تبت إلى الله من أمور وآثام شتى كنت أتساهل بها، سؤالي إلى فضيلتكم: هل هناك عمل معين يقرّب إلى الله بالدعاء فيما يخص الإنجاب؟ وهل هناك عمل قد أكون مقصِّراً فيه منع -إلى الآن- الإنجاب؟ أفيدونا أفادكم الله.

الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فيا أخي الكريم: أضع جوابي لك على عدد من النقاط، فتيقظ لها:
أولاً: أن الله أخبر في كتابه أنه قسم الأرزاق على عباده بما يقدره لهم من أموال وأولاد لحكمة يعلمها سبحانه، فقال في شأن الذرية: “لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ” [الشورى: 49-50]،فتأمل هذه الآية الكريمة، واملأ قلبك إيمانًا بربك، واشرح صدرك بما قدره عليك، فهذا من أرفع الإيمان.
ثانيًا : لا تيأس، بل تفاءل برزق الله لك، ولا مانع من بذل السبب لذلك من البحث عن العلاج والصبر عليه، فإن الله قد فتح لخلقه من العلم اليوم ما نرى منه فك المعضلات، وانكشاف الكربات، والله عليم حكيم.
ثالثًا: عليك بالدعاء بكل لفظ تراه يسهل عليك، ويلبي حاجتك، فأنت تخاطب من لا تختلف عليه اللغات، ومن يعلم السر وأخفى سبحانه، وادع بدعاء زكريا عليه الصلاة والسلام، حيث حكى الله عنه ذلك فقال: “وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”[الأنبياء: 89]، فرزقه الله رزقًا حسنا، وعليك بأوقات الإجابة، كالثلث الأخير من الليل، وفي أدبار الصوات، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام.
رابعًا: أهنئك على أول خطوة لحل مشكلتك وانفراج كربتك، وهي التوبة، فإنها طريق السعادة الحقيقية، وسبيل التوبة: الاستغفار، والاستغفار طريق إلى إنجاب الذرية بنص كلام رب العالمين، حيث قال: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا”[نوح: 10-12]، وليس فقط بنين بل وأموالاً ونعماً أخرى معها، فأكثر من الاستغفار.
خامسًا: لتعلم أن الإنسان لم يخلق لإنجاب الأولاد وإن كانت هذه نعمة يشتاق إليها، وإنما خلق لأمر أعظم وهو العبادة “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” [الذاريات:56] فانشغل بمهمتك الأصلية عن غيرها ذهنًا وعملاً، ولا تنس نصيبك من الدنيا، ولا مانع أن تبحث عن متعك ولذتك المشروعة، ولكن لا تجعلها مسيطرة على فكرك أو مقللة من خدمتك لدينك، فانشغل بما يفيدك لعل هذا يخفف عليك من وطأة الهم، فرج الله عنك همك، ورزقك الذرية الصالحة التي تسعدك، وجعل الجنة مأوانا ومأواك.اللهم أمين.

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم