أبى لا اقدر على ان احكم عليه.هل اقول عليه متدين ام لا فهو يمسك المصحف طوال الوقت ويصلى كثيرا جدا ويشاهد القنوات الدينية كثيرا ويحفظ القران ولكن انا لا ارى ابى يفعل شيئا غير ذلك
علاقته بنا ليست وطيدة اطلاقا ولا بأمى فهما دائما على خلاف يرى ان افضل الاشياء هى ان يحفظ القران وغير مستعد ان يفعل اى شىء غير ذلك دائم التكشير فى وجوهنا واذا ضحك تكون ضحكته صفراء ويشعر دائما انه افضل من الجميع بتدينه او ما يسميه بالتدين لا يجيد التناقش مع احد وسريع العصبية .
يصيبنى الضيق عندما أراه يسهر طوال الليل فى مراجعة حفظه للقرأن ويأتى الصباح يستيقظ متأخرا من النوم فلا يذهب للعمل او يذهب وهو فى غاية التعب وغير مهتما بشكله وهيئته العامة .هل هذا هو التدين وان لم يكن هذا هو التدين فكيف أنصحه وهو من النوع الذى يسمع النصيحة ولكن لا يحاول ان يتفهمها ظان دائما انه الأصح.عذرا للاطالة ونتمنى الجواب السريع كما عودتونى.
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
بيتكم -والحمد الله- من خير البيوت، وأبوك من خير الآباء إن شاء الله تعالى، وعليك بنيتي أن تفخري بمثل هذا الأب، فهو إن شاء الله على خير، والحمد لله أن كان منشغلا بالقرآن والصلاة والنظر في البرامج الدينية النافعة، ملازما لبيته، عينك عليه صباح مساء، ولم يكن منشغلا بالمحرمات، أو المباحات؛كالرغبة في تعدد الزوجات،والجلوس مع الأصحاب في المقاهي والاستراحات، أو مفرطا في الفرائض والواجبات .
اعلمي أن كلا ميسر لما خلق له، والله أعلم بحال عباده، خلقهم أطوارا، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، وهناك فئة منهم – أعيذ والدك أن يكون واحدا منهم – قصارى ما يرجى منهم أن يكفوا شرهم عن الناس.
وليس بالضرورة أن يكون أبوك ذا أثر فاعل ظاهر متعد إلى غيره في مجتمعه؛ كأن يكون عالما أو مخترعا أو مهندسا أو تاجرا غنيا، أو داعية على منبر….، حتى يملأ عينك ويحوز على رضاك،ولا تقارني بينه وبين أحد من أقاربك المبدعين أو جيرانك أصحاب الصنعة الكاسبين…؛
ولذلك لابد لنا أن ننظر في إمكانياته وقدراته ومهاراته، ونحاول اكتشافها، ومن ثم تسخيرها بشكل متوازن فيما يعود عليه وعلى أسرته ومجتمعه بالنفع… وإن لم يكن هذا ولا ذاك فيكفي أن يكون صالحا في نفسه وأهله، كافّا أذاه عن الخلق .
– النفس أمارة بالسوء إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر، فما ظنك لو أن أبا كان منشغلا بمشاهدة القنوات الإباحية، ومغرما بالنظر في الغواني الحسان بالغداة والعشي، تاركا للصلاة…، مضيعا للواجبات، فاجرا فاسقا، فحمله ذلك على بناء علاقات محرمة، وإيذاء أولاده وزوجه ……أ كنت ترضين أن يكون مثل هذا أبا لك ؟؟ بالطبع لا ، وألف لا .
وهنا يظهر لك النعمة التي تعيشينها مع والدك الطيب …فأحبيه وأخلصي له الحب، وغضي الطرف عن هفواته وتقصيره، وأخلصي له الدعاء، وكوني عونا له على كل خير .
– وهاك مجموعة من النصائح تكسبين بها والدك وتعيننه على نفسه والشيطان:
1- اكتبي له رسالة بين فينة وأخرى، وضمنيها : حبك الكبير له، وإعجابك بشخصيته، وتدينه وحرصه على الطاعة والعبادة، وامدحيه وأطنبي في المدح والثناء، وأكثري من عبارات الحب والتقدير، ومن ثم اطلبي منه أن تكوني أنت على الأقل – وإن أدخلت أمك وأخوتك فحسن – صديقة وشريكة له في برنامجه اليومي، أعني حفظ القرآن ومشاهدة البرامج النافعة في حدود ما يسمح به وقتك، في توازن واتزان، بحيث لا يطغى نشاط على آخر .
وأعينيه على حفظ القرآن، وأعلميه أنه ليس بالضرورة أن ينهي حفظه في سنة أو سنتين، بل يأخذه على مهل، ومن سار على الدرب وصل، وأعينه على قيام الليل والصلاة وشجعيه بالهدية والكلمة الطيبة …واتخذيه صديقا لك، فإذا زالت الوحشة بينك وبينه، وشعرت أن الفجوة قد زالت، وأنك صرت أقرب الناس إلى قلبه….عندها يمكنك التأثير عليه، فتوجيه إلى ما ينفعه بطريق غير مباشر .
كأن تقولي له: يا والدي أنت أب مثالي ، إني أحبك كثيرا، وأتمنى أن أراك أحسن الناس، ودائما في القمة؛ ولذا أرى أنه من المناسب أن ترتب جدولك اليومي، وتعطي كل ذي حق حقه، فإن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، عليك أن تنام مبكرا ، لتقوم قبيل الفجر بقليل، فتصلي صلاة التهجد، وتذكر الله تعالى في وقت ينزل فيه الرب تبارك وتعالى ويجب دعوة السائلين…فتدعو لنفسك ولنا بالصلاح والتوفيق، وتعيننا على فعل ذلك…وتذهب إلى عملك مبكرا في نشاط وحيوية؛ لأن العمل وطلب الرزق وبذل السبب في الكسب عبادة يحبها الله تعالى، قال جل ذكره: ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) . وعليك يا والدي أن تكون قدوة لغيرك في عملك؛ لأنك تحفظ القرآن، والقرآن أنزله الله تعالى ليكون منهج حياة، لا أن نحفظه في الصدور، ونغيبه في سلوكنا وأخلاقنا وتعاملنا وواقعنا.
2- فإن لم يتغير الحال – وأستبعد ذلك – اجلسي معه جلسة مصارحة ومكاشفة، واذكري له بعض سلبيات سلوكه معكم، وأخبريه: أن النبي ‘ قال: خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي…وقد كان ‘ في مهنة أهله..يخصف نعله ويخيط ثوبه…،وكان يمازح أهله، ويجلس معهم، ولم تمنعه الدعوة وتكاليفها أن يكون خير الناس لأهله …ولا بأس أن تقرئي معه كتابا في سيرة الحبيب ‘ مع أهله .. لتعيشوا كما عاش، وتصلحوا حياتكم وفق هديه ؛ فربما كان ناسيا فتذكرينه، أو غافلا فتنبهينه. والله تعالى يقول: ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) .
وأن ينال كل محسن في الأسرة حقه من التقدير والتشجيع؛ الأم في خدمتها ورعايتها وحسن تبعلها.. والأب في علاقته بأبنائه ، ونجاحه في عمله ونشاطه في الدعوة .. والأبناء في دراستهم وسلوكهم وعبادتهم …إلخ .
وفي الختام أسأل الله تعالى أن يجعل بيتكم من خير البيوت صلاحا واستقامة وهناء وسعادة في ظل الإيمان والتوحيد، ويوفق والدك إلى كل خير ، ويكتب لكم النجاح والتوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .