سلوى راشد سعيد الجهني
عزيزتي الزوجة :
تعلمين أن الله تبارك وتعالى قد أباح للرجل تعدد الزوجات , إذاً فالتعدد جائز وهو سُنَّة , ولا يخالف الشرع إن التزم المعدد بحدوده , لذلك فقبولك لمبدأ التعدد هو قبولك بأمر شرعي مباح , وعليك أن تقبلين بالتعدد حتى وإن كنت غير راضية , لكي لا تكوني كاليهود حيث قال الله تعالى فيهم : ( يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ) , واعلمي أن أمر الله نافذاً لا محالة .
وإليك بعض التوصيات , والتي قد تفيدك وتخفف عنك آلام التعدد :
1 – عليك بالقناعة والرضى بما قسمه أو يقسمه الله لك , وأنك لست الأولى أو الأخيرة في ذلك , فالسخط والرفض لن يغير بالأمر شيئا , بل وقد يزيده سوءاً , فقد يسخط الله عليك لسخطك على قضائه وقدره , ويتمثل ذلك بنفور زوجك منك نفوراً شديداً , وربما يصل به الحال إلى الطلاق .
2- إن كنت غير مقصرة مع زوجك , بأداء حقوقه الزوجية كاملة , سيكتشف ذلك بعد زواجه الثاني , حينها سيعود إليك ومحبتك تملأ قلبه , وسيضعك تاجاً على رأسه .
3- إن الزواج من زوجة أخرى لا يعني عدم محبته لك , فهناك أسباب كثيرة تدفع بالرجل إلى التعدد منها : قد يكون زواجه من باب التأديب لك , أو بسبب عادات عائلته بالتعدد , أو لشعوره بأن لديه طاقة كبيرة وأن امرأة واحدة لا تكفيه , أو ليستر قريبة أو يتيمة , . . . إلخ .
4- إياك أن يكون رفضك للتعدد كلام الناس , لا تهتمي لكلام أحد , سواء من القريبات أو الصديقات , لأن كلامهم سيؤثر عليك سلباً , وتسخطين على زوجك الذي ربما ينفر منك ولا يعد يهتم بك . اهتمي بنفسك وبأسرتك , حينها تستمر حياتك بهدوء بعيداً عن المنغصات مع زوجك , وتشعرين بالسعادة .
5 – عليك الاهتمام بنفسك وأولادك , وإياك أن تهملي زوجك , قومي بجميع حقوقه لأجلك ولأجل أولادك , طوري نفسك باكتساب بعض المهارات مثل لغة أجنبية أو الخياطة أو برامج الكمبيوتر , وتفرّغي لممارسة هواياتك , انتسبي إلى نادي رياضي , وسجلي بحلقة تحفيظ قرآن , وأكثري من القراءة والمطالعة ومتابعة البرامج الهادفة والمفيدة , وبادري إلى زيارة قريباتك وصديقاتك .
6 – كوني مُبادِرة بالتخفيف بل والقضاء على ظاهرة العنوسة بالمجتمع , واحتسبي أجرك عند الله , خاصة أن استفحال ظاهرة العنوسة يسبب الكثير من المشكلات بالمجتمع كانتشار الرذيلة والمخدرات .
7 – قد تنجحين مرة أو مرتين في منع زوجك من التعدد , وستنعدم الثقة بينكما وتبقين منه على شك وتخوف من التعدد , وهذا يسبب لك حالة من الإحباط أو القلق القهري , وفي النهاية لن يمنعه أحد من الزواج الثاني سيفوز ويعدد ويسعد نفسه , وتخسرين أنت صحتك ومتعة الحياة .
8 – ابحثي عن جوانب تقوين فيها العلاقة بينك وبين زوجك , مثل عمل شراكة بمشروع خاص بينكما , حينها : تكسبين قرب زوجك ومودته لك , وتشغلين وقت فراغك , وتفرغين طاقتك السلبية , وتؤمنين مصدراً آخر للدخل , تستطيعين من خلاله تأمين مستقبل جيد لك ولأولادك .
9 – رغم أن التعدد مؤلم لك , ولكن كوني على ثقة بأن الخيرة فيما يختاره الله , واجعلي قبولك ورضاك بالتعدد خالصاً لوجه الله , وثقي بأن الله سيعوضك رضى وطمأنينة , قال تعالى في علاه ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) .
10 – اياك ومقارنة نفسك بأي امرأة أخرى من قريباتك أو صديقات , فلكل إنسان ظروفه ومشكلاته وأفكاره الخاصة به , فمقارنة النفس بالآخرين متعبة , وتجلب لك الكثير من المشكلات النفسية ومع زوجك والمحيطين بك .
11 – احرصي على حُسن علاقتك بزوجك , وكوني عونا له على تحقيق العدل الزوجي معكن , واحذري أن تسبي أو تشتمي زوجته الأخرى , بل اسعي لبناء علاقة طيبة معها , حينها يرضى عليك الرب تبارك في علاه لرضى زوجك عنك , وستشعرين بسعادة الحياة .
12 – الحياة قصيرة ولا تستحق ايذاء الاخرين حتى وإن اساؤوا , اغفري وسامحي , واسعي في أعمال الخير , وخاصة أنه لديك متسع من الوقت , تواصلي مع والديك فبرهما واجب عليك , وأكملي دراستك , وساهمي في بعض البرامج التوعوية الخيرية ,
13 – كوني واقعية وعقلانية في تصرفاتك وأفعالك وأقوالك مع زوجك , لا تكثرين عليه طلباتك وطلبات الأولاد كنوع من الانتقام , اتق الله في نفسك وزوجك , واعلمي أنه كما تكونين يولّى عليك , فإن أحسنت لزوجك سيحسن لك , وإن أساتي له سيسيء لك , قال الرب تبارك في علاه ( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) , فكوني رابطة الجأش عالية الثقة بالنفس , حينها ستكسبين محبة زوجك وقربه منك .
14 – إياك أن تخسري نفسك أو تكسيريها في لحظة غضب , فتهددي زوجك بالخيار بينك وبين زوجته الأخرى , أو تتركين له البيت وتذهبين إلى بيت أهلك , أغلب الزوجات فعلنا ذلك ثم ندمن ندماً شديداً , فالمرأة المتزوجة لن يعزّها إلا بيت زوجها . لا ننكر مفعول الغيرة في النفس البشرية وخاصة أنها تجري بالمرأة مجرى الدم , ولكن كوني قوية وواثقة بنفسك وبأنوثتك , مع قليلا من التفكر والتدبر في الأمر , ولتكن امهات المؤمنات قدوتك ومثلك الأعلى , اقتفي أثرهن وسيرتهن تسعدين بحياتك .
من أهم الأمور التي تساعدك على تجاوز آلام التعدد , هو عمل مشروع مثل دورات من المنزل :
قالوا قديما ( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ) , وهذا قد ينطبق عليك , فإن لم تشغلين نفسك بعمل مفيد , سيقطعك الفراغ بكثرة التفكير في الماضي والمستقبل , لذلك تجاهلي ما حصل لك قدر ما تستطعين , واعلمي ان التفكير في الماضي حتى ولو كان الماضي جميلا الا انه متعبا وقد ينعكس على صحتك النفسية والجسدية , فالماضي مضى وانقضى , والتحسر والبكاء لن يفيدك شيئاً , ركزي على اللحظة التي انت فيها وعلى مستقبلك , وانطلقي بمشروعك الخاص , حينها تحققين أمورا جميلة وجديدة في حياتك مثل :
– انشغالك بعملك يبعد عنك كل الأفكار السوداوية , لأنه لا وقت لها في حياتك , فبرنامجك اليومي مشغولاً بعملك وشؤونك الخاصة وأولادك , و تستطيعين من خلاله تخصيص وقتا لزوجك حين مبيته في بيتك , لقضاء أمتع الأوقات معه , فوقتك معه قصير ولا يسمح بفتح موضوعات عن زوجته أو أية أمور أخرى .
– ضعي في حسبانك أن حياتك لن تتوقف على وجود زوجك الدائم في حياتك , فالعمل حياة أخرى جميلة وجميل ما فيها , تابعي واسألي ممن سبقتك في هذا الأمر لتتأكدي من صحته , وكيف أنها سعيدة بحياتها العملية , واسألي نفسك أيهما أفضل , زوجاً ذو عقلية متخلفة يحجر عليك تصرفاتك , أم زوجا يترك لك كل أسبوع ثلاثة أيام تعيشين فيها حياتك كما تريدين وتشائين ضمن حدود الشرع والتقاليد ؟ .
عزيزي الزوج المعدد , التعدد للرجل متى يكون ؟ :
إن التعدد المباح شرعا , هو التعدد الذي توفرت شروطه بالرجل المعدد , وأهم هذه الشروط المقدرة الجسدية والمادية , مع ضرورة العدل بين الزوجات في المأكل والمشرب والمبيت , أما ما يحصل في أيامنا هذه , من التعدد بالتقليد , أو لنزوة عابرة أو رغبة في التغيير , فهذا مكروه ويُخشى من حرمته , فالغاية الشرعية من الزواج بناء أسرة , و إعفاف النفس عن الحرام , وأساس ذلك النية بديمومة الحياة الزوجية .
لذلك فقرار التعدد يجب الحساب له بدقة , من ناحية :
– هل تتوفر المقدرة المالية من أجل فتح بيت آخر للزوجة الجديدة ؟ .
– هل الصحة الجسدية قادرة على الوفاء بالتزامات الزواج الثاني أو الثالث والرابع ؟ .
– هل يستطيع تحقيق العدل بين زوجاته ؟ .
–هل يتوفر الوقت الكافي لمتابعة الزوجات والأولاد , وخاصة الأولاد الذين هم في مرحلة المراهقة ؟ .
– فالزوج المتعدد الناجح , هو الزوج القادر على إدارة شؤون زوجاته , والساهر على تربية أولاده تربية سليمة , والقادر على إعداد جيل المستقبل , أما غير ذلك فهو زوج معدد فاشل وأناني همه نفسه فقط , لا يهتم لزوجاته أو لأولاده كيف يعيشون , فيكونون عالة على غيرهم سواء على الأقارب أو على المجتمع . فالزواج مسؤولية ورعاية وأمانة , وليس نزوة عابرة .
وصايا للزوج الذي يرغب بالتعدد أن يراعي ما يلي :
– القدرة على متابعة أولاده , ليكونوا منتجين بالمجتمع وليس عالة على أحد .
– ضرورة تحقيق العدل بين الزوجات , للقضاء على أسباب الغيرة بينهن .
– الحرص الشديد على سرية وخصوصيات كل زوجة وأولادها , وعدم اطلاع أحد عليها , وخاصة زوجاته الأخريات , منعاً للفتنة والضرر بينهن .
– التمتع بالحزم والقيادة مع جميع زوجاته وأولاده , والكيل بمكيال واحد للجميع , وعدم ميله إلا للحق .
– كن حاسما وليناً مع الجميع وحسب ما تفتضيه الأمور , فلا افراط ولا تفريط , والابتعاد عن العصبية والصراخ والتعنت لحل المشكلات بين زوجاتك وأولادك .
– فَكِّر ملياً قبل الإقدام على الزواج , سواء الأول أو بالتعدد , استخر الله وادعوه , وإن عزمت على الزواج فتوكل على الله , واحرص على احترام وتقدير زوجاتك , فإنهن يحملن اسمك , وعزتهن من عزتك , كما أنه يجب عدم الخضوع لإحداهن , فتسقط من نظرها وتذلك وتتحكم بحياتك وحياة زوجاتك الأخريات , حينها ستفتح على نفسك باباً من الجحيم لن تستطيع التعامل معه أو السيطرة عليه , فتفشل في حياتك .
هذه وجهة نظري , واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية .
————————————
بقلم أ. سلوى الجهني
* مستشارة اسرية