– في تاريخ البشرية مواقف شبابية خالدة تركت بصماتها على وجه التاريخ
* ابني آدم..
هل نتذكّر قصة ابني آدم حيث كان طرفاها من الشباب بل ربما كانا أول شبلين عرفتهما البشرية على وجه الأرض حيث اختار أحدهما هابيل موقف اليقين والرضا والخير والفضيلة واختار قابيل موقف الطمع والجشع والحقد والفساد فماذا قال الله تعالى عن هابيل حين رد على تهديد أخيه له بالقتل ؟؟
((إنما يتقبّل الله من المتقين **لئن بسطت يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين))
* افعل ما تؤمر ..
وهذه صورة الشاب البار المؤمن المجسدة في شخص سيدنا إسماعيل ابن سيدنا إبراهيم عليهما السلام وهو يجتاز أقصى امتحان قد يتعرض له البشر بالإذعان لتنفيذ رؤية أبيه بالذبح طاعة لأبيه وامتثالا لأمر ربه
((قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين))
* الشاب القوي العفيف ..
من الصور المؤثرة صورة ذلك الشاب القوي موسى عليه السلام كيف تصرف مع النساء العفيفات
(ووجد من دونهم امرأتين تزودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير*فسقى لهما ثمّ تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)
فهذا موسى الذي كان طريدا لا مأوى له ولا زوجة ..
لم تحدثه نفسه استغلال هذا الموقف بمغازلة الفتاتين وإزعاجهما بل قام بسقاية الغنم عفيفاً مخلصا ً فأكرمه الله بزوجة هي ابن نبي فوجد السكن والعون لقاء أدبه وموقفه .
* أما صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فقد فتحوا ثلثي المسكون من الكرة الأرضية و لا يملك أحدهم إلا ثوبا ً واحداً و ما في جعبتهم إلا بضع تمرات
وقد دخل بعض الصحابة إيوان كسرى والواحد منهم لم يشبع من خبز الشعير ..
وهاهو جعفر الطيّار يصل المدينة بعد هجرته إلى الحبشة سبع سنوات فأرسله الله مجاهداً في سبيل الله في غزوة مؤتة فقطعت يده اليمنى فأخذ الراية باليسرى فقطعت اليسرى فضمّ الراية إلى صدره فكسرت الرماح في صدره فاستشهد فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد لحظات من استشهاده
((والذي نفسي بيده لقد رأيت جعفر بن أبي طالب يطير في الجنّة بجناحين أبدلهما الله مكان يديه ))
* هؤلاء هم الشباب الذين سطر لنا التاريخ بطولاتهم وطاعتهم لله منذ فجر التاريخ
لو حاولنا الآن أن نقوم بمقارنة بسيطة لشباب اليوم إلا ما رحم ربي
معظم الشباب في الوقت الحالي نراهم عابثين لاهين يقتلون أوقاتهم ويتلاعبون بأفئدة الناس وأعراضهم
فمنهم من يرى متعته في الاتصال العابث العشوائي بالهاتف لإزعاج الناس ودبّ الرعب في قلوبهم وأفئدتهم ليغازل فتاة أو يتحرّش بأخرى ليقتل وقته الضائع ويتلذذ بسماع الشتائم تنهال عليه من هنا وهناك
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ
ومنهم من يقضي وقته عابثا ً بسيارته مخالفاً قوانين المرور بسرعة جنونية لينال إعجاب المعجبين ويصفق له المارون ومنهم من يقضي الساعات على الانترنت أو التلفاز متصيدا ً المواقع الإباحيّة أو بين القصص الماجنة المنحرفة ليبحث فيهم عن متعة جسدية ينتهك بها الحرمات أو يؤذي بها الناس بعد أن يشعل نار الشهوة فلا يجد طريقا ً إلا الزنا والمحرمات متناسين قول الله تعالى
( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا)
وبعض الشباب يجد المتعة في الجلسة مع الشلة والأصحاب في المقاهي يتابعون نجومهم المفضّلة يغنون ويرقصون وقد نسوا قول رسول اله صلى الله عليه وسلم
((مااجتمع قوم فتفرّقوا من غير ذكر الله إلا كأنّما تفرّقوا عن جيفة حمار وكان ذلك المجلس عليهم حسرة))
* نصيحة لهؤلاء الشباب ..
– أحبتي :
والله العمر لا يقاس بالسنوات التي قضيتها منذ الولادة وإنما يقدر بقدر ما قدمت لنفسك وللإسلام من عظائم الأعمال الصالحات حدد لنفسك هدفا ً غاليا ً تعيش من أجله وتسعى جاهدا ً لتحقيقه
وأخلص النية لله ترى ثمرة عملك
وإياك أن تهمّش نفسك وتقول لا أقدر هناك من يعمل للأمة وهناك من يقدّم للإسلام فأنت قادر بإذن الله على العطاء
وإياك والتسويف فإذا عزمت على عمل الخير فبادره ولا تقول الأيام طويلة
فالوقت يمر مرّ السحاب
فانظر إلى كل ساعة من ساعاتك بماذا تذهب
ولاتهمل نفسك وعوّدها أشرف مايكون من العمل وأحسنه
وابعث إلى صندوق القبر مايسّرك يوم الوصول إليه
في النهاية أقول الكلام هنا ليس لعموم شباب اليوم فلله الحمد تطالعنا الأيام أحاديث عن شباب كثر
التزموا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا ً وعملاً
وهم الذين نتوسّم فيهم الخير للغد القادم
لخصته لكم من كتاب همسة في أذن شاب للدكتور حسان شمسي باشا
مع الإضافات الخاصة والتعديل
والدتكم أم انس
المصدر: موقع د . حسان شمسي باشا .