سأخبرك اليوم عن مهارات حياتية لم يخبرك بها أحد من قبل.. على الإطلاق. هل أنت جاهز؟
جيد..لنبدأ إذاً.
من المدهش و المثير للاستياء –في آنٍ معاً- أن أدمغتنا ترى كل ما نختبره في هذه الحياة مرتبطًا بنا بشكل أو بآخر:
و نتيجة ذلك، نميل لافتراض مسبق أن كل ما يحدث معنا يحدث لنا فقط.
عزيزي، دعني أخبرك بسرّ:
أن تختبر شيئاً ما، أو إن حدث ما أشعرك بشعورٍ ما… لا يعني بالضرورة أن الأمر يتعلق بك!
أعلم بأنك تشعر أحياناً بأن الأمور الجيدة في حياتك تحدث معك لأنك إنسان جيد و هو شعور جيد بلا شكّ (كما كنت أشعر حين كنت أتوجه لصلاة الفجر، فيُضاء عامود الإنارة الذي أسير بجانبه، و أشعر أن الله يمنحه من نور الإيمان داخلي فيستجيب، أرجوك لا تضحك!!!)
لكن ضريبة هذه الطريقة من التفكير هي أنك مضطر لتربط الأمور السيئة بك أيضاً، هل يبدو ذلك مألوفاً بالنسبة لك؟
و هذا يُشبه أن تضع ثقتك بنفسك داخل أفعوانية أو قطار موت (Roller coaster) من صنع عقلك: ترتفع مع التجارب الجيدة و تنهار مع التجارب السيئة.
حين تمرّ بموقف إيجابي، تصبح هبة الله للأرض، و الذي يستحق أن يُثنى عليه في كل آنٍ و حين.
و مع موقف معاكس، أنت مظلوم و ضحية للظروف و القدر و المجتمع، و تستحق أن تحدث معك الأفضل فقط!
قضية الاستحقاق هذه ستحولك إلى (ثقب أسود) يبتلع الطاقة و الحب ممن حوله دون أن يقدّم شيئاً بالمقابل.
نحن أصدقاء، أليس كذلك؟ أكره أن أحطم قلبك بالآتي لكنني مضطر لقوله:
الناس لا تفكر بك و بمشاعرك كما تتصور، فهم مشغولون بتخيل أن هذا الكون يتخذهم مركزاً له.. مثلك تماماً!
عندما يحدث معك أمر مأساوي، فأرجوك تذكر أن هذه سنة الحياة.. المصائب جزء من الحياة .. و مسألة أنك تستحق أو لا تستحق ذلك عنصر خارج المعادلة.
معظم الناس، حين تتعرض معتقداتهم لاختبار، فإنهم يتمسكون بها و كأنها طوق النجاة في سفينة تغرق.
المشكلة أن هذه المعتقدات قد تكون هي السفينة الغارقة! بالنسبة لمعظمنا،و في أغلب الأحيان، لا تكون معتقداتنا مجرد أفكار بسيطة نحتفظ بها لأنها صحيحة، بل هي في الواقع ما نراه (مفاتيح هويتنا). و الشكّ في هذه الاعتقادات يعني الشكّ في هويتنا.. و هو شعور مؤلم!
دعني أعطيك مثالاً:
بعض الرجال يعتقدون أن النساء ينجذبن للرجل الغني و الذي يقود تلك السيارة الرياضية من ماركة Jaguar .. هذه الأفكار ربما تناسب طلاب الثانوية، لكن لرجل في الـ 35 من عمره؟ لا غرابة أن والدته ما زالت تعاني في سبيل تزويجه!
صديقي،ستكون مخطئاً لعشرات المرات في حياتك.. بل أكثر مما تتصور!
و قدرتك على النجاح تتوقف –بشكل أساسي- على قدرتك على التخلي عن أفكارك الخاطئة و تجاوزها.
و الآن ستسألني: كيف أفعل ذلك؟
في الحقيقة: لا توجد (كيفية). الأمر كله في عقلك.
كل ما تستطيع فعله هو أن تسأل نفسك:
ماذا لو كان (الأمر الذي تؤمن بعكسه) هو الصحيح؟
تفضل هذه ورقة و قلم، و الآن أبدأ بكتابة 10 أمور تظنها عن نفسك: أنا لست جذاباً… أنا امرؤ غير مسؤول… أنا لا أجيد التحدث أمام جمهور … أنا لن أشعر بالسعادة في حياتي لأنني عالقٌ في روتين مقيت … إلخ..
و الآن ضع أمام كل عبارة سؤالاً واحداً: كيف ستتغير حياتي لو كنت مخطئاً في هذا؟
ستشعر بالقلق، و ربما تشعر بالرغبة في تجاهل الأمر..فكيف ستتخلى –الآن- عن الشماعة التي أمضيت حياتك بأكلمها تعلّق عليها أسباب فشلك و إحباطك؟
هل هذه ابتسامة صفراء التي ارتسمت للتو على وجهك الجميل؟
جيد! فهذا يعني أنك تراني أطلب ما لا طائل منه، لكن ماذا لو كنت مخطئاً هذه المرة؟ 🙂
لقد اعتدت طيلة حياتك على التمسك بفكرة أن لكل شيء نتيجة متعلقة به، ففي المدرسة، كنت تكتب الواجب لأن هناك درجات مرتبطة بكتابته، وفي المنزل كان ترتيبك لغرفتك يعني حصولك على مكافأة.
لكن في حياتنا الأمر لا يسير على هذا النحو، فحين ترغب بترك وظيفتك، فلا أحد يخبرك أيّ الوظائف تناسبك. و حين تقرر الارتباط بشخص، لن تجد من يخبرك إن كانت علاقتكما ستسير على أتمّ وجه. باختصار لا أحد يخبرك إن كنت اتخذت القرار “الصحيح” أم لا!
حسناً! نحن الآن أمام معضلة!
و ما تفعله أمام هذه المعضلة هو أنك تتجنب التغيير.تتوقف عن اتخاذ القرارات.و لهذا السبب لا تستغرب حين تعيش في رتابة ضمن “منطقتك الآمنة“.
الحقيقة أنه يتوجب عليك أحياناً أن تقوم بفعل شيء دون أن تعرف نتيجته.فقط لأنك تستطيع، فقط لأن “ذاك الشيء” موجود. سُئل “جورج مالوري” لماذا أراد تسلق جبل إفريست، وكانت إجابته بليغة للغاية : لأن هناك جبل إفريست!
إضافة بعض الفوضى إلى حياتك أمرٌ صحيّ، فذاك يعني المزيد من النضج، الإثارة، و التغيير. قيامك ببعض الأمور دون تخطيط، سيتيح لك المزيد من الفرص … صدقني! خاصةً تلك التي لم تكن لتحلم بالحصول عليها و أنت في “منطقتك الآمنة”
و تذكر!
هذه الأمور عفوية، أي يجب ألّا أسمع منك عبارة كـ “دعنا نخطط لفعل ذلك الشيء العفوي“!
أرجوك! توقف عن جعل كل شيء لتحقيق هدف معين… تمتع بإضاعة بعض الوقت بطرق غير تقليدية.
بقلم: طارق الموصللي