كشفت وزارة التخطيط والاقتصاد أن عدد العوانس من الشباب والنساء قد وصل لحد ثلاثة ملايين وهو رقم كبير بل ومفجع خاصة إذا أضفنا إليه عدد حالات الطلاق التي تحدث بين المتزوجين والمتزوجات حديثا، إذ تقول الإحصائيات أنها قد تجاوزت الستة والثلاثين في المائة .
والذي أعتقده أن الطلاق بين الزوجين إنما يحدث لعاملين اثنين لا ثالث لهما:
أن يكون الزواج قد تم بقرار من أولياء الأمور دون اختيار من الزوج،
أو بدون علم ولا موافقة الزوجة، وبذلك يصبح الاستمرار مستحيلا خاصة إذا كانت الطباع مختلفة أو أن لكل من الزوج والزوجة رغبة لم يأخذ بها أولياء الأمور !!
أما العامل الثاني : فهو دخول الشاب أو الفتاة عش الزوجية بدافع التجربة لا برغبة العشرة وذلك لكون ولي أمر الزوج هو الذي تحمل تلك التكاليف الباهظة التي أصبحت تتطلبها مراسم الخطبة، والشبكة والملكة ثم حفل الزفاف،
بالإضافة إلى المبالغ الطائلة لتأثيث بيت الزوجية وهي جد مرهقة ومع ذلك فإن الشاب الذي اعتمد على ولي أمره في تحمل كل ذلك لا يأبه به فيهمزه الشيطان في أول اختلاف مع زوجته إلى طلاقها دون تفكير ولا تقدير حتى ولا إن كان ثمة طفل أو أكثر بكل أسف.
هذا بالنسبة لحالات الطلاق، أما بالنسبة لارتفاع عدد العوانس من الشباب والفتيات فهو بدون ريب بسبب التكاليف الباهظة التي أشرت إليها آنفا لمراسم الخطبة والشبكة، والملكة، وحفل الزفاف، إلى جانب تأثيث عش الزوجية بعد أن أصبح من مسؤولية الزوج.
ولا تظنوا أني نسيت المهر الذي كان في السابق هو المشكلة الوحيدة، فقد أصبح أهل العروس يقبلون في الغالب ما يقدمه العريس مادام أنهم لن يتكلفوا بتأثيث عش الزوجية كما كان الحال في السابق حيث يصرف المهر على تأمين «الدبش» الذي يحمل لبيت العريس قطعة قطعة،
أما الآن فإن المهر قل أو كثر فهو إما لولي الأمر لإقامة حفلات الخطوبة والشبكة، والملكة، والزفاف، أو لشراء ملابس العروس وصيغتها إن تحمل أبوها مصاريف المراسم إياها وهي مصاريف مرهقة لا تعدلها إلا المصاريف التي على الشاب وهو في مقتبل العمر تحملها لشراء ما يهديه للعروس يوم الخطبة يتبع ذلك شراء شبكة يتفاخر أهل العروس بحجمها وقيمتها،
ثم تأتي الملكة التي تقدم فيها علب الحلوى أو ما يماثلها لتوزيعها على المدعوين، يعقب ذلك حفل الزواج الذي لابد أن يكون في صالة فرح أو فندق إذ لم تعد في المنازل سعة لاستقبال المدعوين، وكل ذلك من بعد أن يكون العريس قد تم له استئجار الشقة وتأثيثها بكل المستلزمات للحياة المعيشية ،
فأين لشاب في مقتبل العمر بالمال الذي يؤمن به كل هذه التكاليف التي ما أنزل الله بها من سلطان ؟!
لقد كانت المشكلة في السابق تتمثل في ارتفاع المهور التي شغلت أقلام الكتاب ردحا من الزمن، فإذا بالعصر الذي نعيش يخفف من التغالي في المهور نسبيا،
ولكنه استحدث مراسم تتطلب ما أهو أصعب من ذلك الذي كان، هذا بالنسبة للعموم فإن من أولياء الأمور وخاصة بعض من في البادية يبالغ في مقدار المهر الذي يشترطه عاليا إن كانت ابنته تشغل منصبا تنال منه مرتبا عاليا أو حتى مدرسة تحصل على راتب شهري .
إنها مشكلة لعل كليات خدمة المجتمع تدرسها وتقدم لنا الحلول التي تقلل من عدد العوانس من الشباب والنساء وفق ما كشفت عنه وزارة التخطيط والاقتصاد .. وبالله التوفيق.
المصدر : صحيفة الوطن العدد ، 3136 .