يمدح خبراء التربية شخصية الطفل العفوية (الفطرية)، التي تسمح له بالتعبير عن نفسه ومشاعره ببساطة؛ ولكن قد تزيد عفوية الطفل عن الحدِّ المقبول، وقد تعبِّر عن وضع الأُسرة الاجتماعي، الأُسرة التي لا تُخالط المجتمع.
الطفل، كائن عفوي يتصرَّف على سجيّته، من دون أن يفكِّر بقيود المجتمع أو ضوابطه. وعلى الأهل تقويم سلوك الطفل منذ الصغر، حسب المستشار الأُسري الدكتور ماجد قنش الذي يقول إنّ: «الطفل الذي لا يُحسن التصرُّف، وتعكس أفعاله قلّة احتكاك أُسرته مع الآخرين، يرتبك في حضور الغرباء. كما يتجاوز كثيراً الحدود المسموح بها لعدم معرفته عن طريق التجربة والمشاهدة من محيطه أُصول التصرُّف السليم».
– مميزات الشخصية العفوية
يتصف الطفل العفوي بأنّه مليء بطاقة إيجابية، وهو متفائل، كما لا يُقدِّر أو يحسب أفعاله، فيلاحظ الأهل أنّه يتصرَّف بتلقائية طوال الوقت. وهو كثير الحركة والمزاح، ومن الممكن أن يُخطئ بسبب عفويته، ولديه حبّ تملُّك عالٍ. ومن مميزات الطفل العفوي أيضاً، أنّه سريع البديهة، ولديه مقدرة كبيرة على اكتشاف المتعة والحصول عليها في مواقف غير عادية، ولديه أيضاً حبّ الاستطلاع والمغامرة. ويمتاز بالمرونة، إذ يتعامل ويتكيَّف مع أي وضع يوضع فيه.
تُعدُّ خيبات الأمل للطفل العفوي مجرّد تجارب يتعلَّم منها دوماً، ولذا قليلاً ما نشاهده حزيناً. ومن بين صفاته السلبية، عدم التخطيط المسبق لأداء أمر ما، إذ يضع في عين الاعتبار بأنّ الخطّط غير هامة لأنّه أساساً لا يلتزم بها!
– خاص بالآباء والأُمّهات
على الآباء والأُمّهات أن يقدّروا شخصية أطفالهم العفوية، ومنح هؤلاء سعة في التعبير عن أنفُسهم وعمّا يدور في روؤسهم. وفي هذا الإطار، يفيد الآتي:
* العملية التربوية تحتاج إلى صبر، خصوصاً الطفل العفوي، ولذا إنّ شرع هذا الأخير في الحديث في موضوع ما، ثمّ غيَّر رأيه، يجدر بالأُم ألّا تنزعج، فهو حينئذ يميل إلى استكشاف أفكاره.
* مدح المربي أفكار الطفل العفوي وابتكاراته، فهو يتمتَّع بذهن قادح، ويملك حلولاً مفيدة دوماً.
* تشجيع المربي الطفل العفوي على أن يشارك الآخرين في أفكاره، فهو يحبُّ العمل ضمن المجموعة.
* على المربي أن يكون ممتنّاً لطاقة الطفل العفوي، فلا يتململ من حركته وكلامه الكثير، وإن كان أحد الوالدين يعاني من إرهاق على سبيل المثال، فعليه أن يقول له بكلِّ الحبّ: هل نستطيع أن نهدأ اليوم، فإنّني أشعر بأنّني متعب.
* الطفل العفوي يحبّ أن يتشارك اللعب مع والديه، وهو يبتكر الكثير من الطُّرُق المبدعة لإسعاد نفسه.
– عفوية زائدة عن الحدِّ المقبول:
تكون عفوية الطفل زائدة عن الحدِّ المقبول، في المواقف الآتية:
* إن تحدَّث إلى الغرباء واطلعهم على أسرار العائلة، أو قبل أن يأخذ من الغرباء هدايا، من دون الرجوع لوالديه واستئذانهما.
* إن كان المربي مع طفله في مكان عام، وأصبح هذا الطفل يشيع الفوضى، من خلال الصراخ والحركة المستمرة، من دون مراعاة الآخرين.
* إن لم يسمع نصح والديه وتوجيهاتهما، وأصرَّ على رأيه بعدم الاستجابة لهما.
– تقويم السلوك:
يُقوَّم سلوك الطفل العفوي بعدم توجيه انتقادات لاذعة إليه، بل الاعتماد على الكلمات والمواقف الحسّية، بالمقابل، مثلاً: يقول المربي للطفل العفوي: «حبيبي، لا تفعل ذلك لأنّه يؤذيك…»، فهذا الطفل لا يحبُّ الأوامر، بل يحبُّ توجيهه عن طريق اللعب وإغداق الحبّ عليه. كما من الضروري أن يمتنع المربي عن اتّخاذ إجراء قاس بحقِّ هذا الطفل، فالقسوة لا تأتي معه بنتيجة، بل تزيده عناداً.
تجدر الإشارة إلى أنّ على والديّ الطفل العفوي أن يقوما بتنبيهه باستمرار، ومن ثمّ إعطائه البدائل للتصرُّف السليم والمتابعة معه من أجل أن يُحسِّن من سلوكه.