الأربعاء 27 نوفمبر 2024 / 25-جمادى الأولى-1446

مقالة : نعم لا زلت آنسة



أ.شروق محمد

 

لم تكن تختفي عن العيون والأنظار

لم تكن تتفادى المناسبات والزيارات والاجتماعات

لم تحاول أن تنعزل أو تؤثر الوحدة

لم تشعر بالحرج أو الضيق أو البغض أوالغيرة كلما سمعت عن زواج هذه أو خطبة تلك

بل كانت فتاة متفتحة متفائلة نشطة يبصر من يراها نظرة الرضا والطموح والنشاط التي تملأ عينيها..

ككثيرٍ من فتيات جيلها تأخر زواجها ، وألقت الظروف الاقتصادية بظلالها على حياتها ، فقل عدد الطارقين لبابها ، وتراجع الخطاب عن القدوم لدارها ، وزاد من المشكلة طموحها الزائد وثقافتها العالية مما جعل الكثيرين يترددون في طلب يدها أو القبول بها كزوجة ، ففي بلدنا الحبيب “البعض لا يريدونها مثقفة..”

نظرت حولها فوجدت من هن في مثل ظروفها ، وقد تأثرن بهذا الأمر وآثرن العزلة والوحدة والبعد عن مواجهة الناس والتهرب من كلمات مثل: هل خطبت عقبالك ، ربنا يعدلهالك …

ولكنها لم تختر أن تكون مثلهن ، واختارت أن تبحث لحياتها عن معانٍ كبرى..!

أكبر من انتظار قادم لا يأتي

أكبر من الحسرة على كل لحظة تمضي دون زواج

أكبر من الغيرة والحسد لغيرها

أكبر من التهرب من شبح لقب عانس

“قولوا عني ما شئتم فلن يتوقف قطار الحياة عند كلماتكم فالعنوسة ليست شبحاً اختفي من مواجهته بل هي حقيقة أقهرها بإيجابيتي..”

..

وجدتها لا تغيب عن أي اجتماع فكري أو مؤتمر ثقافي لتنهل من مناهل العلم في كل اتجاه

وجدتها تطور ذاتها بشكل مذهل حتى اكتسبت في شهور ما يكتسبه آخرون في سنوات

وجدتها ملجأ وملاذ لكل من أراد الاستزادة في طلب العلم في مجالها ومجالات أخرى عديدة

وجدت أنشطتها تمتد لمجالات تطوعية وخيرية فكانت يدها ممدودة بالخير تنثر العطاء في كل اتجاه..

وجدت اسمها يتردد هنا وهناك ، وهاتفها لا يتوقف عن الرنين لمن يحتاجونها ويلتمسون مساعدتها ودعمها..

بل وجدتها موضع تقدير المحبين وموضع حسد المتخلفين عن اللحاق بها..فأصبحت مضرب المثل في النشاط والوعي والثقافة والخير والعطاء فأي خير أصابته في حياته..

نعم كان التعارف الأول بينها وبين من يراها لأول مرة هي نظرة متفحصة ليدها الخاوية ، ولكنها بسرعة وبروحٍ متفائلة كانت ترد عليهم “نعم لا زالت أنسة..”

 

المصدر: فريق النجاح .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم