يعد التعليم الأساس المتين الذي تقوم عليه نهضة ورقي المجتمعات، حيث يعمل على الإعداد المتكامل لشخصية الطالب للقيام بأدوارها في كافة مجالات الحياة سواء كانت تربوية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية.
وحيث إن الطالب هو محور العملية التعليمية لإعداده وتأهيله في مجالات متفرقة فإن الاعتماد على مؤشر التحصيل الدراسي كمؤشر وحيد على نجاح العملية التعليمية في تحقيق أهدافها غير كاف، حيث يتم تجاهل جوانب مهمة في الشخصية الإنسانية كالجوانب الوجدانية والمهارية، حيث يلاحظ أن مخرجات النظام التعليمي من طلاب التعليم العام تحظى بقدر من المعارف المغيبة عن عالم التطبيق والإبداع في مجالات الحياة المختلفة، مما يفقد الطالب كثيرا من المهارات الحياتية التي تعد أساسية لبناء شخصية متوازنة تحمل مقومات التوافق ويخرج من المدرسة دون تحقيق الاستفادة من قدراته الخاصة وتطويرها نحو الأفضل.
إن دور الذكاء في مستوى التحصيل الدراسي -على أهميته- لا يتجاوز 50% كما أشارت الدراسات؛ بل إن بعضها أشارت إلى أن دوره لا يتجاوز 35% وهذا يدل على أنه لا بد من النظر إلى 50% أو 65% من الأسباب التي تمكننا من الاستفادة من قدرات وطاقات الطلاب.
ولعل أحد تلك الأسباب يكمن في دافعية الطالب نحو التعلم بعد دخوله المدرسة، فمما لا شك فيه أن الدافعية تلعب دورا رئيسا في عملية التعلم وبالتالي التحصيل الدراسي ولهذا كان لزاما على التربويين الاهتمام بها وبناء البرامج التي تكفل تنميتها لدى الطالب ليستفيد من قدراته وطاقاته.
فالمدرسة التي توفر بيئة محفزة للتعلم ببرامجها وأنشطتها وحوافزها تجعل من المتعلم عنصرا نشطا في عملية التعلم مستغلا لكل طاقاته وقدراته في تحقيق أهدافه التي وضعها بنفسه.
ومن أهم العوامل التي تساهم في عدم الاستفادة من قدرات الطلاب هو غياب الوعي الصحيح من قبل الهيئة التعليمية والتربوية وقبل ذلك الأسر حول مفهوم الذات الذي يعرف بأنه الصورة التي يكونها الفرد لنفسه. هذه الصورة قد تكون إيجابية بحيث ينظر الطالب لنفسه بصورة إيجابية وبالتالي يتصرف وفقا لهذا التصور. فإذا رأى بأنه ذكي فإنه سوف يتصرف على أنه ذكي، حيث سيقبل على التعلم ويسعى لتحقيق أهدافه بكل عزم. أما إذا كان ينظر إلى نفسه بشكل سلبي فإنه سيتصرف وفقا لذلك فنجده غير مبال في التعلم ويتصرف بسلوكيات غير مرغوب فيها.
ولذلك كان من المهم الاهتمام بتكوين الذات الإيجابية لدى الطالب والتي تتشكل من خلال ردود أفعال الآخرين. فتقديم المعززات المادية والمعنوية مثل الثناء والإطراء حتى لو كانت على أشياء بسيطة سيؤدي إلى تشكيل ذات إيجابية. أما الاحتقار وردود الأفعال السلبية وعدم احترام شخصية الطالب كإطلاق المفردات السلبية مثل (أنت غبي، أنت لا تفهم) سيؤدي به إلى تكوين شخصية سلبية وبالمثل الطالب الذي يرى بأنه شخص عدواني وغير متقبل من الآخرين. هؤلاء الأشخاص سيتصرفون بما ينسجم مع هذا التفكير السلبي ومن ثم ينتج عنه الابتعاد عن التعلم وإبداء السلوكيات السلبية غير المرغوبة من الجميع.
وقفة:
من المناسب تفعيل البرامج التي تعمل على التبصير بأهمية بناء المفهوم الإيجابي للذات وغيره من البرامج التي تساهم في تحقيق الاستفادة من القدرات الكامنة لدى الطلاب وتحقق الأهداف الشاملة للتعليم.