الأحد 22 سبتمبر 2024 / 19-ربيع الأول-1446

معنفات مابين إنتظار مصير “مجهول” والعيش في واقع “مرير”



مما لاشك فيه أن الشريعة الإسلامية حرمت العنف الأسري ضد المرأة بأي صورة كانت “جنسي , جسدي ,نفسي.لفظي,إقتصادي” وذلك قبل كل المواثيق ومنظمات حقوق الإنسان وجميع الحملات والجمعيات التي تشجب وتجرم من يمارس العنف على المرأة  ويتجسد ذلك في عدداً من أحاديث الرسول عليه السلام ..فقد قال:” اوصيكم بالنساء خيرا” وقال:”رفقا بالقوارير” وقال :” لا ترتموا على نساؤكم مثل البهائم ” .. بالرغم من التقدم المجتمعي واحتلال المرأة مكانه كبيرة في المجتمع الا انه في إحصائية حديثة نشرها مركز الرياض  للمعلومات والدراسات الإستشارية  عن أبرز ماتعاني منه المرأة في المجتمع الإسلامي وخاصة المرأة السعودية في الألفية الثالثه فكشفت الإحصائية الى أن العنف  الذي يرتكبه الزوج ضد المرأه هو الأكثر شيوعاً من بين أنواع المشاكل الأخرى بنسبة 45% , في مؤشر خطير يفرض على جميع المنظمات والمجتمعات المدنية والحكومات التكاتف لتطبيق قوانين رادعة تحمي المعنفات وتضمن حقوقهم .

قصة معنفة

بصوت حزين خنقه الكثير من العبرات خائفة من مصيرها المجهول ومتألمة من واقعها المرير , تحدثت “أم ساره” عن معاناتها مع ماتعرضت له من إيذاء جسدي وحرمان تعسفي لحقوقها واحتجاز حريتها من قبل زوجها , فقالت بالرغم من أنها إمرأة جامعية وموظفه الا أنها لم تستطيع ايقاف العنف الممارس عليها من قبل زوجها … حيث قالت :تعرضت منذ زواجي الى شتى أنواع العنف ابتداءً بالحرمان العاطفي وعدم الإهتمام ومروراً بإستخدام اساليب مختلفة للإنتقاص مني كأنثى وكزوجه بالتلفظ والكلام البذيء والهيمنة والتسلط بمنعي من الخروج والزيارات وحتى المناسبات العائلية حتى وصل الأمر الى منعي من الحضور لزواج أخي , وإنتهاءً بالضرب المبرح والعنف الجسدي , وتكمل بمرارة لم أتوقع في يوم من الأيام أن يصل بنا الحال في علاقتنا الزوجيه أن يرفع يده ويضربني ولكن بالرغم من ذلك فسلوكه المضطرب ومعاملته القاسيه دلاله على انه من الممكن أن يفعلها خصوصا أنه نشأ في ببين أسره ثقافتها السائدة المرأة من بيتها للقبر “, وأضافت بعد شجار عنيف بيني وبينه على معاملته ومطالبتي بحقوقي كزوجه وجدته ينهال علي ضرباً وخنقني بيديه ولم يبتعد الا بعد أن توسلت إليه بأن يعتقني وبصوت متقطع أحاول أن اخبره بأني سأموت بين يديه ,,,, بعد ذلك تركني طريحه متألمه في كل مكان من جسدي , فحاولت الوصول الى هاتفي والإتصال بأخي الذي سارع الى إسعافي للمستشفى وعندما سألني الطبيب عن الكدمات والضربات المتفرقه في جسمي أخبرته بماحصل ولكن رفضت إستدعاء قسم الشرطة والشكوى عليه واكتفيت بتقرير طبي بما حصل!!

(لاأريد الطلاق)

وعند سؤالها عن سبب رفضها بتسجيل محضر رسمي والشكوى عليه ؟؟ أجابت خوفاً من تفاقم المشكلة أكثر ؟ ولعدم وجود من يساندها في الحصول على حقوقها من أهلها ,

وأضافت أنها لاترغب بالعودة اليه وأنها حالياً لدى أهلها ولكن  لاترغب بالطلاق خوفاً على مصير أبناءها حيث أنهم لديه ولايريد أن يعيدهم الي ؟ وتضيف لقد أشتقت لأبنائي كثيراً وأرغب بإحتضانهم والعيش بينهم لكن لاأريد العودة اليه ……… الى هنا توقف حديث “أم ساره” ولكنه لم يتوقف لدي فثمة أسئلة كثيرة ظلت حائرة بذهني فبلا شك “أم ساره” لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل العنف الأسري ولكنها فتحت الباب لهذا التحقيق لنحاول الإجابه ومعرفة أسباب العنف الممارس على المرأة ؟ ومالسبب في استسلام المرأة لمختلف اشكال العنف وتنوع اساليبه الظالمه والقاسيه على المرأة ؟ وأين القوانين التي من المفترض أن تحميها وتحمي أبناءها .

بداية تحدثت لـ“الأحساء الآن ” الأخصائية الإجتماعية نجلاء الزهراني فقالت العنف تجاه المرأة ليس بالأمر الجديد في المجتمع هو موجود منذ القدم ولكن كان مختبئاً خلف أسوار المنازل، ومع تقدم وتطور المجتمع من جميع النواحي وازدياد وعيه وانتشار وسائل الاتصالات أصبح الأمر معلناً ظاهراً مرفوضاً أكثر من ذي قبل.

تعرض الرجل للعنف في صغره من أسباب نشؤ هذه الظاهرة)

وأضافت أن أسباب وعوامل  العنف مختلفة أدت إلى وجود وتفاقم هذه الظاهرة واستمرارها بالرغم من التقدم المجتمعي من نواحي عدة احتلال المرأة مكانة كبيرة في المجتمع منها- أسباب تربوية: على سبيل المثال لا الحصر؛ كأن يكون أحد الوالدين أو الزوج تعرض أو تربي على العنف بأي شكل من أشكاله فيفرغ خلفيته التربوية على المرأة التي تحت سلطته لتشبعه بالفهم الخاطئ عن مضمون التربية أو التعامل مع المرأة.

(تقاليد إجتماعية موروثة)

وأضافت إن هناك أسباب تتعلق بالموروثات الاجتماعية والثقافية: وهي المتمثلة بالعادات الاجتماعية التي تنتقل من جيل إلى آخر وتستمر فترة طويلة من الزمن، حتى تثبت وتستقر إلى درجة اعتراف الأجيال المتعاقبة بها، بالإضافة إلى التقاليد الاجتماعية التي تعد من عناصر الثقافة المنتقلة عبر الأجيال، وهذا مما جعل وضع المرأة متدني في المجتمع ومناقض لما نص في القرآن الكريم، فهذه العادات والتقاليد ترى أن المرأة أقل من الرجل وتابعة كلياً له، والمرأة هنا ضحية بسبب غياب القوانين الاجتماعية التي تحمي حقوقها في الأسرة أو العمل، وتعد التنشئة الاجتماعية النمطية للذكور والإناث والتمييز في المعاملة بينهم ضمن الأسرة أحد أهم الأسباب والعوامل المؤدية للعنف تجاه المرأة

(عوامل نفسية)

بالإضافة الى أسباب نفسية حيث تمثل الاضطرابات الشخصية لدى الأشخاص المعنفين أحد أسباب العنف الموجه للمرأة، كالشك بتصرفات المرأة، والحرمان من الإشباع العاطفي وغيرها.

أما اسباب قبول المرأة واستسلامها للإضطهاد الزوجي فأجابت

هناك عدداً من العوامل وراء قبولها الحياة مع شخص يهينها ويسيء إليها؛ ومنها: خلفية المرأة الاجتماعية، حيث يؤدي هذا الجانب دوراً كبيراً في تقبلها للعنف الموجه لها بحيث تقبلها لذلك على اعتباره من واقع الحياة، فتستسلم له، وتتكيف معه بحكم خبرات الطفولة التي لم تخل منه، والمرأة ذات الخلفية الاجتماعية الداعمة لسيطرة الرجل على المرأة من خلال توجيه العنف تؤدي دوراً سلبياً في تمكينها من اتخاذ قرارها والدفاع عنه.

وكذلك تدني الوضع القانوني للمرأة وانعدام الأهلية، والأمية القانونية للمرأة، وعدم كفاية القوانين التي تحكم الاعتداءات الجسدية والنفسية والجنسية على المرأة، وقصور الجهات الأمنية في التعامل مع مشكلات العنف,

وأضافت  أنه من الأسباب التي تجعل المرأة تصمت وتستسلم للعنف هو عدم شعور المرأة بالأمان في حال لجوئها إلى الشرطة أو القضاء لاعتبارات عديدة في مجتمعنا المحافظ التي تزال تنظر إلى العنف الموجه للمرأة كشأن عائلي لا يتخطى نطاق الأسرة، إضافة إلى الإجراءات الروتينية المطولة والمعقدة في الجهات الأمنية وفي المحاكم التي تلجأ إليها المرأة، والنتيجة في الغالب لا تصب في مصلحتها.

(سن قوانين تحمي المرأه)

من جانبها أكدت المحامية السعودية  ”بيان زهران ” أن هناك قوانين تشريعيه تحمي المرأة وتضمن حقوقها  وربما اصبح الامر اكثر فاعليه بعد صدور نظام الحماية من الايذاء مؤخرا ,ولكن مايصعّب تطبيقه هو  عدم وجود اقسام شرط متخصصه للتعاطي مع هذا النوع من القضايا مما يجعل الامر يدخل به شئ من الاجتهادات الشخصيه ولكن ان كان جميع العاملون في قضايا العنف متخصصون سيكون الامر اكثر سهوله وتفصيلا وتأصيلا للحق .

(المرأة لازالت جاهله بحقوقها)

وعند سؤالها  هل لازالت المرأة تجهل حقوقها ؟ فأجابت نعم ،، يزوروني سيدات بشكل يومي بمكتبي الخاص وللأسف غالبيتهن جامعيات وبعضهن يحملن شهاده الدكتوراة  وحقوقهن ضاعت بسبب الجهل فأحاول جاهده اسعاف ما يمكن اسعافه اما عن نشر الثقافه الحقوقي فمكتبي يتعاون حاليا مع عدة جهات لنشر الثقافه الحقوقية للمجتمع عامة وللنساء بشكل خاص ويعتبر هذا النشاط وقائي حيث ان البعض يعاني من مغالطات فكريه ادت الى ضياع الحقوق بسبب عادات وتقاليد مخالفه تماما لحقوق المرأة التي اقرها الشرع .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم