بدأ شكل الأسرة الممتدة بالتلاشي مع التغيرات التقنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتنوع فرص العمل والهجرات والتنقل للبحث عن فرص وظيفية جديدة. هذه التغييرات التي تحدث للمجتمعات تهدد تماسك وكيانات الأسر وتجبرها على فتح أنساقها الذي ظلت تحافظ عليه طوال تاريخ نشوئها. الأسرة الممتدة كانت مؤسسة لشكل يعيش فيه الأجداد والآباء والأبناء بطريقة تضمن المحافظة على أفراد الأسرة وتوفر لهم المأوى والرعاية وأشكال التنشئة الوالدية والتي تعتمد على راعي كبير للعائلة وهو الجد. الكل كان يخضع لنظام البيت في أشكال التواصل وأوقات النوم والطعام وحتى القرارات كالزواج أو الطلاق وغير ذلك.
وبسبب التغيرات التي سبق ذكرها فأصبح من المحتم وجود بديل عصري مقبول يناسب الظروف الطارئة للأسر في المجتمعات وقد تمثل هذا الشكل في الأسرة النووية. بعض الأسر ترتكز في حدودها وقوانينها على النسق الاتصالي المغلق وبالتالي لا تسمح للخبرات الخارجية بالنفاذ لداخلها مما يحرمها من فرص التعلم والتطوير وتنعزل عن واقعها وتحرم أفرادها من التعايش الايجابي مع المجتمع. بينما الأسر ذات المنظومة المرنة أو شبه المفتوحة فهي عكس ذلك ولا يحدث صراعات لأفرادها عند تفاعلهم في البيئة خارج الأسرة وتتطور بشكل صحي وينمو أفرادها بالمعيار الاجتماعي الذي يعيشون فيه كأحد معايير السلوك السوي. الأسر ذات النسق المفتوح لا حدود ولا قوانين لأفرادها وكأن الأفراد يعيشون في فندق بدون أي مسائلة أو مسؤوليات لأفرادها ويسمح للخبرات المجتمعية السلبية بالنفاذ لتكوينها. وبما أن الأسرة مؤسسة بيولوجية اجتماعية من حيث الدم والزواج والعلاقات والمصاهرة فيحدث لبعض الزوجات من الأسر ذات الأنظمة المنغلقة مشكلات تتمثل في صعوبات في التكيف مع أسرة الزوج لتدني التوافق الثقافي بسبب الانغلاق الذي تمترست به أسرتها بحجة حمايتها من أخطار وشرور المجتمع الذي تعيش فيه. وتظهر كذلك مشكلات الأنماط السلوكية المتقابلة والتي تتمثل في الندية والعناد بين الزوجين وتبادل الاتهامات في دائرة مفرغة تدفع الزوجين أو أحدهما لطلب الطلاق، وهنا يفترض من المرشد أن يكسر هذي الحلقة قبل وقوع الطلاق. أيضاً أحد أهم المشكلات التي تولدها منظومة الأسرة المغلقة ذلك النوع من الأنماط السلوكية المتكاملة مثل الزوجة/الأبناء التي ترضخ لتسلط الزوج وتظل تتحمل وتستنزف وتقاوم حتى تصل في النهاية إلى طلب الطلاق، ويفترض من المرشد كسر هذي الحلقة قبل وقوع الطلاق. وبالمثل تظهر مشكلات الصراع بين الاجيال (الأبناء والآباء) بسبب إلحاح الآباء على نظام الهرمية في التعامل مع الأبناء بدل التكافؤ الذي يمثل التعامل بينهما داخل النظام الأسري شبه المفتوح بينما الهرمية هي نموذج معرفي من مكونات الأنظمة الأسرية المنغلقة. مشكلات أساليب التربية وما ينتج منها من قسوة أو دلال زائد أو اهمال ناتجة عن الأنساق الأسرية المنغلقة والمفتوحة. وأخيراً فهذه ليست دعوى للأسر ذات النسق المنغلق للفتح الكامل للنسق ولكن تقبل التغيير والواقعية في التعامل مع معطيات التغييرات الاجتماعية والتي لن تتوقف عند هذه الدرجة. تقبل التغيير من خلال المرونة والتسامح واللجوء إلى الحوار والاحترام داخل الأسرة يجنب أفرادها مشكلات نحن في غنى عنها، فالصحة النفسية للأسرة هو حجر الأساس في صحة أفرادها وتنشئة شخصياتهم واتجاهاتهم بشكل سوي.