الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

مشروبات الطاقة.. إدمان ومضار صحية لا حصر لها



مشروبات الطاقة مشروبات غير عادية – تعطي الجسم طاقة غير طبيعية – لكنها غير صحية.. والأطباء يحذرون من تناولها باستمرار.. وهي ممنوعة في كندا واستراليا والنرويج والدانمرك وماليزيا وتايلند… وفي فرنسا تباع في الصيدليات فحسب. دخلت مشروبات الطاقة السوق العالمية قبل 20 سنة تقريبا وانتشرت في معظم دول العالم باعتبارها مشروبات منشطة للجسم والمخ – حسب ما يروج عنها – لكن لا توجد حقيقة علمية تؤكد هذه الادعاءات حتى الآن.. في وقت بدت مضارها تطفو على السطح حيث تسببت – عام 2000م – في وفاة شاب ايرلندي يبلغ من العمر 18 سنة إثر تناوله ثلاث علب متتالية من مشروبات الطاقة.. كما تسببت أيضا في وفاة ثلاثة شباب في السويد نتيجة إصابتهم باختلال في ضربات القلب بعد تناولهم المشروب مباشرة.

ومشروبات الطاقة هي اسم تجاري يتعلق بمشروبات غازية أضيف إليها مواد منبهة مركزة مثل الكافيين وخلاصة نباتات الجورانا والجنسنج والأفيردين وبعض الفيتامينات والأملاح المعدنية والمواد الأخرى التي يدعي مسوقوها أنها منبهة للجهاز العصبي والدوري والمساعدة على التركيز وأداء النشاط الجسماني.

وكان أطباء حذروا من مخاطر تعاطي مثل هذه المشروبات – لاسيما من قبل فئة الشباب والمراهقين والأطفال ومرضى القلب والمعدة والحوامل والمرضعات وكبار السن – باعتبارها مواد ضارة تحتوي على كميات كبيرة من مادة الكافيين التي تزيد 20 ضعفا مع معدل المادة الموجودة في المشروبات الأخرى والتي تتسبب في ازدياد دقات القلب وارتفاع ضغط الدم وتدفق الدم في العضلات.. فضلا عن الشعور بالقلق والتوتر بعد فترة من تناولها نتيجة تخلص الجسم من مادة الكافيين – وهي حالة مشابهة لتأثير المخدرات.

وبالرغم من مضار المشروبات الاصطناعية بصفة عامة ومشروبات الطاقة بصفة خاصة إلا أن الشركات المنتجة لهذه النوعية من المشروبات – عبر إعلاناتها المركزة – تسعى دائما في زيادة مبيعاتها خاصة في الدول العربية الأقل وعيا بمخاطر المشروبات الاصطناعية – وأحيانا تقوم بتسويقها مجانا على الشباب والمراهقين في أماكن تجمعاتهم المختلفة لتستحوذ على أكبر شريحة ممكنة من المستهلكين.. في وقت تسجل مبيعاتها ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالمشروبات الطازجة الأخرى – كـالعصيرات والألبان والحليب وغيرها من المشروبات الصحية المليئة بالعناصر الغذائية المفيدة للإنسان التي تضاءلت في زحمة المشروبات الاصطناعية وقل الإقبال عليها لاسيما من الشباب والأطفال. وفي ظل التحذيرات الصحية لا يظل أمامنا إلا التفكير ألف مرة في مضار هذه المشروبات قبل الإقبال عليها أو تناولها لأن مضارها أكثر بكثير من نفعها لاسيما إذا ما تم تناولها بشكل متكرر خلال 24 ساعة.. فهي تحتوي على كميات كبيرة من السكر والكافيين.. ويمكن استبدالها بمشروبات طازجة تمد الجسم بالعناصر الغذائية الصحية… قال تعالى:»ولا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة».

وكان عدد من الشباب والمراهقين ممن تعودوا تناول مشروبات الطاقة – ممن التقيناهم – أكدوا شعورهم بالخمول والكسل والرغبة في النوم بعد ساعتين أو ثلاث من تناولهم المشروب – مما يعني تعود أجسامهم على الكافيين وهي مادة تسبب الإدمان مشيرين إلى أنهم لم يعودوا يشعرون بالنشاط السابق الذي كانوا يشعرون به قبل تعودهم على مشروبات الطاقة وبات الكسل والخمول يسيطر على حياتهم – وهو إحساس يدفعهم إلى تناول المزيد من مشروبات الطاقة وتعريض حياتهم لمخاطر التسمم.. في وقت تؤكد الدراسات الطبية أن هذه النوعية من المشروبات تساهم في ارتفاع ضغط الدم ودقات القلب وزيادة نسبة السكر في الدم والأرق وآلام الصداع والقلق ونزيف الأنف والنوبات المرضية ومشاكل تسوس الأسنان… وغيرها من الأمراض.

يوهمون أنفسهم

«اليوم» طرقت القضية واقتربت من أطرافها لتتعرف عليها عن قرب.. بداية يقول محمد سعد العيسى (طالب جامعي): الكثير من طلاب الثانوية يوهمون أنفسهم بأن مشروبات الطاقة تزيد من نشاطهم وتساعدهم على التركيز والاستيعاب وسهر الليالي مشيرا إلى أنه كان ضمن المصدقين بهذه الأوهام عندما كان طالبا في الثانوية العامة حيث كان يتناول بين علبة وعلبتين كل مساء لكنه بعد 4 ساعات من تناولها يشعر بالخمول والكسل لاسيما في فترة الصباح وقت الامتحانات مرجعا هذا الشعور إلى مشروبات الطاقة التي قرر تركها واستبدالها بعصيرات طازجة كالبرتقال والمنجا والموز أو جميعها.

وأضاف: يمكن للطالب أو غيره الحصول على الطاقة بالطرق الطبيعية دون تعريض حياته للمخاطر كممارسة الرياضة والنوم الجيد وتناول الغذاء الكامل.. لأن مشروب الطاقة ليس من المشروبات الصحية.. فضلا عن المخاطر المحيطة بها مشيرا إلى أن الشباب ليسوا بحاجة أصلا إلى أي طاقة إضافية فما يختزنونه من طاقات يكفي لبناء أهرام من الصخور الثقيلة.

وأشار: إلى أهمية توعية الجميع بمخاطر مشروبات الطاقة وفرض إجراءات تحظر بيعها لمن هم دون سن 20 سنة.. وربما يجدر بالجهات المعنية حصر بيعها في الصيدليات فقط – كما هو الحال في فرنسا – لأن الكثير من الأطفال أيضا يتناولونها رغم خطورتها عليهم.

تنبيه الطلاب

وقالت سارة عبدالله الخالد (موظفة): كنت في السابق مهووسة بمشروبات الطاقة رغم أنني لم اشعر معها بأي تغيير يذكر فهي بالنسبة لي مشروبات عادية لا تسمن ولا تغني من جوع.. لكن ثمة رغبة ملحّة تجعلني أتناولها كل صباح مشيرة إلى أنها قبل سنة خضعت لفحص طبي شامل قبل توظيفها وأثناء فحص الدم والقلب من قبل الطبيبة سألتها عما إذا كانت تناولت منبهات أو غيرها قبل مجيئها للفحص الطبي لأن معدل مادة الكافيين في دمها مرتفعة ودقات القلب أيضا.. فأخبرت الطبيبة أنها لم تستخدم أي منبهات عدا مشروب الطاقة قبل مجيئها بساعة تقريبا فنصحتها الطبيبة بعدم تناولها مرة أخرى لأنها ربما تؤدي إلى آثار جانبية مثل عدم انتظام ضربات القلب الذي يؤدي إلى الوفاة أو السكتة الدماغية.

وأضافت: منذ ذلك الوقت لم أتناول هذه المشروبات رغم صعوبة الإقلاع عنها.. في وقت لم يكن الإنسان بحاجة لمثل هذه المشروبات الضارة أو غيرها.. والطاقة الحقيقية لا توجد في هذه المعلبات المليئة بالأمراض والمخاطر بل يمكن الحصول عليها من مصادرها الطبيعية الخالية من المضاعفات الجانبية كالفواكه والخضراوات واللحوم والأسماك الطازجة والألبان وغيرها.. مع ممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة سواء بالمشي أو في الأندية أو بواسطة الأجهزة الرياضية المنزلية.

وقالت: لاشك في أن الشركات المنتجة لهذه المشروبات أو غيرها من المشروبات الاصطناعية الأخرى هدفها ترويج منتجاتها وتحقيق الأرباح بصرف النظر عن المخاطر والأمراض التي تسببها هذه المنتجات للآخرين مشيرة إلى أهمية تنبيه الطلاب في المدارس والكليات والجامعات بمخاطر هذه المشروبات لأن الكثير منهم لا يدركون الآثار الجانبية لهذه المشروبات.

حظر المشروبات

وقال الأستاذ سعد عبدالعزيز الحمد (مرشد طلابي): في المدرسة نحرص دائما على أن يكون جميع مبيعات المقصف ذات مكونات مفيدة للطلاب كالعصيرات والحليب والفطائر المشكلة المغلفة وغيرها مشيرا إلى أن بعض الطلاب يشترون المشروبات الغازية بمختلف أنواعها ومعها مشروبات الطاقة من البقالات القريبة من المدرسة أثناء مجيئهم إلى المدرسة صباحا أو الخروج منها بعد نهاية الدوام المدرسي.. في وقت تنوه إدارة المدرسة بين فترة وأخرى بمضار هذه المشروبات وتأثيراتها على الصحة العامة.

وأضاف: يجب أن يتعاون الأهل مع المدرسة في توجيه أبنائهم وإرشادهم ومنعهم من تناول هذه المشروبات الضارة لاسيما في سنهم المبكرة.. لأن تعودهم عليها وهم في هذه السن يمكن أن يؤثر على صحتهم مستقبلا لاسيما أن الكل يحذر من مخاطر هذه المشروبات – ليس على الصعيد المحلي بل على الصعيد العالمي – وهو ما يؤكد مضارها.

ونصح الطلاب بعدم تناول مشروبات الطاقة خاصة أيام الامتحانات لأنها لا تقدم ولا تؤخر وربما تكون نتائجها عكسية كالشعور بالصداع والأرق والخمول والكسل وغيرها من الأعراض التي تؤثر على عطاء الطالب في الامتحانات وغيرها.. ويمكن للطالب أن يحصل على الطاقة بشكل طبيعي بأخذ كفايته من النوم والمراجعة في أوقات مناسبة على الا تكون هذه الأوقات آخر الليل لأن المذاكرة آخر الليل وحدها تعد مشكلة وتؤثر سلبا على أداء الطالب في الامتحانات.

جرثومة المعدة

وقالت نادية إبراهيم السيف (معلمة): أثناء الدراسة في الجامعة كنت أسهر ليلا وأنام في النهار.. لأتجنب الإزعاج والأصوات وغيرها.. وطلبت من أخي أن يحضر لي مشروب الطاقة عملا بنصيحة صديقتي فأحضر لي صندوقا كاملا وبعد 5 أيام من تناول المشروب شعرت بشيء من الألم في معدتي وزادت أعراض الألم بعد 10 أيام وكنت خلال هذه الفترة توقفت عن المشروب واستبدلته بحليب لأخفف الم المعدة لكن دون جدوى فالألم يزداد شيئا فشيئا فاضطررت لمراجعة الطبيب الذي كشف بتحليل الدم عن وجود جرثومة في المعدة حيث استغرق علاجها أكثر من شهر بالدواء الثلاثي ونصحني الطبيب بعدم تناول المشروبات الغازية بشكل عام ومشروبات الطاقة بصفة خاصة لأن معدتي شديدة الحساسية من هذه المشروبات.

وأضافت: لاشك في أن هذا الموقف المؤلم كون داخلي رعبا حقيقيا من هذا المشروب الذي كاد يفتك بمعدتي وأن يضعني في مشاكل صحية لا تحمد عقباها مشيرة إلى أنها أصبحت إعلانا عكسيا لهذا المشروب أينما وجهت وجهها فهي لا تتردد في الحديث عن موقفها مع المشروب بل ان طالباتها أيضا أصبحن يحملن الشعور نفسه تجاه المشروب.

وأشارت إلى أن مثل هذه المشروبات المركزة يجب أن تحمل عبارة تحذيرية تقول انها غير مناسبة لمرضى السكر والقلب والضغط ومرضى الحساسية ضد الكافيين والأطفال وغيرها حتى لا يقع في فخها المصابون بهذه الأمراض لأن الكثير من الناس ممن يتناولون هذه المشروبات يشربونها دون أن يعرفوا مضارها أو آثارها الجانبية المباشرة أو غير المباشرة على أجسامهم.

وقالت: يجب أن تكون هناك نشرات توضح مضار هذه المشروبات والفئات المسموح لها يتناولها لأن الكثير من الأطفال في سن مبكرة يتناولون هذه المشروبات دون أن يمنعهم أحد.. في وقت تحظر القوانين الدولية بيع مشروبات الطاقة لمن هم دون 18سنة.

لا مسئولية

وقال شباب العتيبي (صاحب بقالة): مشروبات الطاقة موجودة في كل مكان وتشهد إقبالا من الشباب والمراهقين والأطفال أيضا والبيع يتم للجميع دون الإحساس بالمسئولية تجاه فئة دون أخرى فالأطفال يشترون بمعية آبائهم وكذلك الشباب والمراهقين والفتيات أيضا مشيرا إلى انه لا يتناول هذه المشروبات ولا يسمح بدخولها لبيته لأنها تشكل خطرا حقيقا على صحته وصحة أسرته.

وأضاف: مثل هذه المشروبات يجب أن تباع في المراكز الكبيرة فحسب ولا يجب بيعها في البقالات الصغيرة كي تكون بعيدة عن متناول الأطفال.. لما تشكله من مخاطر تتمثل في مكوناتها وما تحتويه من إضافات صناعية مثل مكسبات اللون والطعم والمواد الكربونية والسكر الصناعي وغيرها.

وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في هذه المشروبات لأن منعها في كندا واستراليا والنرويج والدانمرك وماليزيا وتايلند لم يأت عبثا وإنما لأسباب جوهرية نأمل أن نعيها جميعا لكي لا نسقط ضحايا هذه المشروبات والشركات المنتجة التي تسعى للربح على حساب صحة الآخرين.

النسبة في الفواكه

وقال الدكتور عادل بن فهد الدوسري استشاري طب الأسرة والمجتمع: جسم الإنسان ليس بحاجة إلى أي مشروبات صناعية للحصول على الطاقة, مشيرا إلى أن الطاقة الحقيقية تكمن في الغذاء المتكامل من البروتينات والدهون والسكريات والفيتامينات الموجودة في الفواكه والخضراوات واللحوم بأنواعها.. فضلا عن ممارسة الرياضة التي تحافظ على الصحة والوقاية من السمنة.

وأضاف: مشروبات الطاقة المتداولة بين الشباب والمراهقين لا تعدو كونها مكونات صناعية تحتوي على نسبة عالية من الكافيين التي تحفز المثانة على التخلص من معدل الماء والسوائل في الجسم وهي ضارة بمرضى القلب والمعدة والحوامل والمرضعات وكبار السن خاصة عند تناولها بشكل متكرر خلال 24 ساعة.

وأشار إلى أهمية التوعية بمخاطر هذه المشروبات وتفادي تناولها من قبل الأطفال أو ممن يعانون من أمرض القلب وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى.

وقال: ان سر الطاقة في هذه المشروبات هو احتواؤها على كمية كبيرة من السكر سريع الامتصاص (الجلوكوز) المتوافر في كثير من الفواكه مثل التمور والعسل والعنب وغيرها.. وهي أغذية طبيعية تفيد الجسم دون تعريضه لأي مخاطر جانبية, مشيرا إلى أهمية تناول الماء للبالغين من 4 إلى 6 لترات يوميا.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم