السبت 23 نوفمبر 2024 / 21-جمادى الأولى-1446

ما طرق تحقيق الترابط الأسري؟



 

 

 

قديمًا ومع نمط الحياة البطيء، كان أفراد الأسرة أكثر تقاربًا، يجتمعون على مائدة واحدة ويتسامرون، دون هواتف، كانت اجتماعات العائلة يحرص عليها الجميع، أما الآن فقد أثرت الجداول اليومية المزدحمة والمسؤوليات المتزايدة والاستخدام المفرط للهواتف في الترابط الأسري، وأصبح كل فرد يتناول طعامه في موعد مختلف، وحتى مع تجمع أفراد الأسرة يمسك الكل بهاتفه، ويتحدثون قليلًا، في هذا المقال، نقدم لكِ بعض الطرق لتحقيق الترابط بين أفراد عائلتك من جديد.

طرق تحقيق الترابط الأسري

الإيقاع السريع للحياة والشعور بالضغط اليومي قد يجعلكِ في نهاية اليوم لا تريدين التحدث أو عمل أي شيء سوى الجلوس في صمت، والأمر لا يقتصر عليكِ، فالأب العائد من العمل، والأطفال الذين أصبحت متعتهم الأساسية في اللعب على هواتفهم، كل هذه العوامل أثرت بشكل كبير في ترابط معظم الأسر، ولم تعد العائلات تجتمع أو تمارس أنشطة معًا أو حتى تتحدث على مائدة الطعام، وفقدت الحياة معناها بشكل كبير، لذا سنساعدكِ ببعض الطرق لتحقيق الترابط الأسري مرة أخرى، فواصلي قراءة السطور التالية:

أظهري الود في أفعالك: يتعلم الأطفال من خلال ما يرونه، لذا إذا أردتِ أن يسود الترابط أسرتك، فأظهري بعض الود في الحياة اليومية، لا تجعلي يومًا يمر دون عناق أطفالك وزوجك، أخبري أطفالك بصفات جميلة فيهم، وتحدثي معهم حتى في أثناء قيامك بالأعمال اليومية، أخبريهم بتفاصيل يومك، واجعليهم يخبرونكِ كيف سار يومهم، كل هذه اللفتات البسيطة تساعد على ترابط الأسرة ونشأة الأطفال في أجواء يسودها الحب.

تناولوا وجبة معًا: حتى لو كانت مواعيد كل فرد في الأسرة مختلفة، فاحرصي على تناول وجبة واحدة في الأقل يوميًا معًا، وضعي قواعد لتناول الطعام، لا هواتف ولا تلفاز، حتى يصبح وقت الطعام وقتًا خاصًا للأسرة فقط للتحدث والتواصل، والجدير بالذكر أن الإحصاءات تشير إلى أن الأطفال الذين يتناولون وجبات الطعام بانتظام مع أسرهم يحصلون على درجات دراسية أعلى وتقل لديهم مخاطر الإدمان والعنف في المستقبل.

مارسوا نشاطًا معًا: من وقتٍ لآخر خططي لفعل نشاط معًا، مثل الذهاب للتنزه وركوب الدراجات، أو حضور حفلة موسيقية، أو حتى تعلم نشاط جديد مثل الرسم أو الطهي، المهم هو الالتزام بوقت وبنشاط محدد يجمعكم معًا، سيساعد هذا أيضًا على فتح مواضيع للحديث بينكم.

استمتعوا بسهرة عائلية: في غرفة المعيشة، تمتعي بسهرة عائلية أمام فيلم لطيف أو قضاء الوقت في المسابقات بين أفراد الأسرة والألعاب التفاعلية، شكلي فرقًا من الأولاد ضد الفتيات أو الأبناء ضد الآباء، وسجلي النقاط حتى يمكنكم الاستمرار في اللعب وتجميع النقاط كل مرة، شجعي المنافسة الودية، وجددي في الأنشطة حتى تصبح هذه السهرة حدثًا ينتظره جميع أفراد الأسرة.

أظهري الامتنان: كلمة شكرًا بقدر ما هي بسيطة فإنها تقطع شوطًا طويلًا، قد تجعل يومك ويوم أفراد أسرتك سعيدًا، فإظهار التقدير لزوجك وأطفالك يجعلهم يشعرون بقيمة ذاتهم والأشياء التي يفعلونها، وهو أمر ينعكس على العلاقة بينكم، فاجئي الزوج أو أطفالك بكلمة شكرًا أو رسالة نصية تظهر امتنانك، وسيظهرون لكِ امتنانهم في المقابل.

اضحكوا معًا: الضحك مفيد للروح ولا شيء أجمل من قضاء الوقت في الضحك مع أفراد أسرتك، شاركي مع أطفالك النكات والقصص المضحكة، وأرسلي لهم مقاطع فيديوهات مضحكة من وقتٍ لآخر، فالضحك يقوي العلاقات ويقلل من التوتر والخلافات.

تشاركوا في عملي تطوعي: اشتركي مع أفراد أسرتك في عمل تطوعي لمساعدة الآخرين، فالعمل التطوعي سيجعل أفراد أسرتك أكثر ترابطًا وسيشعرون أنهم ينتمون لكيان أكبر، وسيعلمهم التعاطف وتقديم الدعم للمحيطين بهم.

جربوا أشياءً جديدة: قد تكون تجربة أشياء جديدة مخيفة في البداية، يمكن أن يؤدي القيام بذلك كعائلة إلى تقليل الخوف والشعور بالشجاعة، اذهبوا لرجلة عائلية للملاهي وأطلقوا لأنفسكم العنان، تجربة بسيطة ستشعرون فيها بالترابط والتخلص من التوتر والضغوط اليومية.

أهمية تقوية الترابط الأسري

التجمعات العائلية المرحة والتسامر حول مائدة الطعام، كل هذه الأشياء هي ذكريات سعيدة ستعلق في ذاكرتك وأفراد أسرتك، ولا يقتصر الأمر على الذكريات السعيدة فقط، ولكن تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين ينشؤون في أسرة مترابطة يصبحون أكثر قدرة على مواجهة التحديات في المستقبل، ويكونون أكثر ثقة بأنفسهم، كما يقدم الترابط الأسري فوائد أخرى لكِ ولأفراد عائلتك منها:

التعرف إلى أفراد عائلتك بشكل أفضل: ستعيدين اكتشاف طفلك من خلال الترابط والتواصل معه، بل وستعيدين اكتشاف زوجك وحتى نفسك، فالأنشطة والمواقف التي ستواجهونها معًا ستجعلكِ تتقربين من أفراد عائلتك وترينهم من منظور جديد.

تعزيز المهارات الاجتماعية: العمل معًا سواء في تطوع أو نشاط أو لعبة يعزز من المهارات الاجتماعية والتواصل لدى الأطفال وكل أفراد الأسرة، وسيعلمهم روح الفريق والتعاون ومهارات الاستماع للآخرين والتواصل معهم.

تكوين روابط طويلة الأمد: بعد أن يكبر أطفالك ويشقون طريقهم في الحياة ويكونون أُسرهم الخاصة، قد تفقدين التواصل معهم ويصبح التجمع نادرًا في أوقات المناسبات فقط، أما إذا كانت الروابط بين أفراد أسرتكِ قوية، فستستمر سنوات طويلة، وستدفعكم الذكريات السعيدة لإعادتها مرة أخرى والتواصل بشكل دائم.

تواصل أفضل مع أفراد أسرتك: الروابط القوية ستخلق لغة مشتركة بينكِ وبين فراد أسرتك، الأمر الذي يساعد بدوره على التواصل، وتقليل الخلافات، والرجوع دائمًا إلى الأسرة في حال مواجهة أي مشكلة.

تجنب السلوكيات الخاطئة: تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذي ينشؤون في أسر مترابطة تقل معدلات ممارسة السلوكيات الخاطئة لديهم، مثل العنف والإدمان والتنمر، وتكون لديهم مشاعر إيجابية، مثل الأمان والانتماء وتقدير الذات واحترام الآخرين، هذا فضلًا عن تحسين أدائهم في المدرسة.

تقليل مخاطر السمنة: أظهرت بعض الدراسات أن الأطفال الذين لا يقضون وقتًا مع أفراد العائلة تزداد لديهم فرص الإصابة بالسمنة، لأنهم يقضون معظم أوقاتهم أمام الهواتف ويجلسون في غرفهم بدلًا من التواصل، وتناول الوجبات الخفيفة غير الصحية بدلًا من التجمع حول وجبة عائلية معًا.

تقوية علاقتك الزوجية: عندما يشعر الزوج أنه يتمكن من التواصل معكِ ومع أطفاله، وأن العائلة هي مصدر الأمان والدعم لديه فهذا بدوره سينعكس على علاقته بكِ، وستقل الخلافات بينكما، وسيكون المنزل المكان الذي يرتاح فيه من الضغوط في يومه ويشعر بالحب والتقدير.

ختامًا، فإن الترابط الأسري أمر يجب العمل عليه، وعدم السماح للضغوط اليومية والأعباء والمسؤوليات أن تسرق أوقاتك مع أسرتك، فهذه الأوقات لن تأتي مرة أخرى، وسيكبر الأطفال يومًا وكل منهم يبدأ شق طريقه، وستظل هذه الأوقات هي الذكريات السعيدة التي ستحافظ على الروابط بينكم وتجمعكم من جديد.

_________________________

سارة أحمد السعدني السعدني

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم