الجمعة 20 سبتمبر 2024 / 17-ربيع الأول-1446

ليلة عقد قرانك سيدة قلبي رهف.



بنيتي.. إنه تحول جديد في حياتك، ويوم تضعين فيه الخطوة الأولى كزوجة، كنتِ ابنتي وفقط، أما اليوم فأنت زوجته وابنتي، نعم زوجته وابنتي، لم أقل حتى ابنتي وزوجته، ليس زهداً ولا وإبعاداً، ولكن لأن ﷲ أراد أن يكون هو أولا في حياتك، ولأنني حينما أراك زوجته الرائعة سأصبح الأب السعيد.

حين كنتِ طفلة كنت أقول من ذلك الفتى الذي سيأتي ويأخذها من بين يديّ، ثم كبرتِ فصار باب طلبك يُدق وكنت أقول يا ترى من هو الشاب الذي يستحقها، من هو المحظوظ الذي سيظفر سيفوز بها.
ليس لأنك في عيني أجمل البنات، وأكمل الفتيات، وإنما لأنني أب.
فلئن كانت “كل فتاة بأبيها معجبة” فإن كل أب بابنته مغرم.

بنيتي.. إن مشاعر الأب في مثل هذه المواقف كعود معتّق، حين تنطلق يبلغ شذاها مدى واسعا عميقا، مع اصطباغها بالدهشة.
بنيتي صحيح أنه شنف سمعي وسمع أمك ثناء الناس عليك، وأسعدنا ذلك، ولكن هذا كله سيكون أجمل وأكمل إذا سمعناه غداً من زوجك، فلا تتكئي على ثنائهم فيقعد بك عن مكرمة أو يحجزك عن واجب، بل اجعليها محفزاً للمزيد من النبل وحسن الخلق، وزينيه بالإيمان والتقوى، فلا هناء ولا راحة لمن ابتعد عن ربه، وكيف نطلب منه حياة طيبة وعملنا غير طيَّب.

حبيبتي.. إن أجمل الأزواج – رجالاً ونساء – من يبادرون إلى القيام بما عليهم وما ينبغي منهم، قبل أن تتطلع نفوسهم لما لهم من حقوق، وإن أنبلهم من يعطي الفضل، ويعفو عن التقصير.

قرة عيني.. إن تأسيس علاقة زوجية رائعة ليس أمراً مستحيلا، وإن مشقته أيسر من عاقبة الإهمال والندية والمشاحة، ومشقة الأولى تخف مع الزمن، وتصبح سلوكا وعادة، بينما مشقة الثانية ككرة الثلج تكبر يوما بعد يوم، فاستعيني بالله تعالى، وسليه دوماً التوفيق، واستفيدي مما يتوفر من دورات وتوجيهات يقدمها ذوو الاختصاص، وأفيدي من كتبهم ومقالاتهم.

يا أنس قلبي يارهف.. إن جمال الزوجة في روحها قبل شكلها، وأناقتها في لفظها قبل لباسها، ورِقّتها في تعاملها قبل بشرتها، وبياضها في قلبها قبل جلدها، وإن قوة المرأة في قربها من قلب زوجها وكسب ودّه، لا في صلابتها وخروجها عن فطرتها ﴿أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحِليَةِ وَهُوَ فِي الخِصامِ غَيرُ مُبينٍ﴾ .
إن اللذة والتميز في العطاء، والبناء، والمرونة، والتغافل، والتسامح، أما أضدادها فعناء ومشقة ومكابدة بلا معنى، ولا طعم.

بنيتي .. أمك امرأة عظيمة، فاستفيدي من جميل خلقها، وكريم طبعها، ونبيل صفاتها.

حبيبتي.. ذكر ﷲ قوة للبدن والروح، وإن دوام الافتقار إلى ﷲ، واللجأ إليه، وسؤاله التوفيق، مصادر القوة، وأبواب السعادة، فالعون منه بقدر الافتقار إليه، وتذكري دوما أنه (لاحول ولا وقوة إلا بالله) وكرريها، وتأمليها في كل أحوالك فهي “كنز من كنوز الجنة” ومصدر قوة على أحوال الدنيا.

ختاما هي أحرف طردت عن عيني النوم هذه الليلة، وأبت إلا أن أسطرها لك، وقد اختلطت فيها مشاعر الأب، بتوجيهات المعلم، ونصائح المشفق، وظن المتفائل، وأمل المتطلع الواثق بعدم الخيبة بإذن ﷲ، وإني على يقين أن حرفا منها لن يغيب عن خيالك، ولن تخالفه فعالك، أسأل ﷲ أن يجعلك أجمل النساء وأكملهن في عين زوجك، وأن يحببك إلى قلبه كأشد ما يحب زوج زوجته، ويزرع حبه في قلبك، ويقيم علاقتكما على تمام الدين، وحسن الخلق، ويرزقكما صالح الذرية وأجملها.

حروف والدك/ عبدالرحمن بن عبدالله القرعاوي

والساعة الآن (02:50) من ليلة الجمعة 4/ 3/ 1441هـ.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم