يختلف الناس عن بعضهم بالأفكار والمعتقدات والسلوك والمشاعر، ويربون أطفالهم بطرق مختلفة، ويمارسون مختلف أعمالهم اليومية بتباين شديد. وعلى الرغم من وجود العديد من الصفات المشتركة بيننا جميعنا، لكننا فريدون بطريقة خاصة. في كثير من الأحيان، واعتمادًا على وجهات النظر الفردية يعتبر الأشخاص أن طريقتهم الخاصة في التفكير والتصرف هي الطريقة الوحيدة الصحيحة، وقد يكون هذا هو التفسير الأساسي لانتقاد الآخرين، والسبب أيضًا وراء استحالة إرضاء الجميع في هذا الحياة.
لماذا لا يجب إرضاء الجميع؟
يجب عدم محاولة إرضاء الجميع في كل وقت، ليس فقط لأن هذه المحاولات ستجعل الشخص يعيش وفقًا لمعايير شخص آخر، لكنها أيضًا تستنزف أي شعور بالسعادة والحماسة، وتترك تأثيرات سلبية على مختلف جوانب الحياة، من هذا المنطلق ينصحك علماء النفس بالقيام بما يجعلك سعيدًا ويحقق أهداف حياتك وما يرضيك أنت لا ما يرضي الآخرين.
قد يكون من المزعج بالنسبة لأي شخص أن يعلم أن الآخرين يتحدثون عنه أو عن تفاصيل حياته وتصرفاته، لكن الحقيقة أن البشر يميلون إلى الاهتمام بتفاصيل حياة الآخرين والاستمتاع بقول أشياء قد تؤذيهم عن قصد أو غير قصد لسبب أو لآخر. تظهر الدراسات أن هذه التصرفات تساعد على رفع مستوى غرورهم وتمكين شخصيتهم الجريئة. وفي هذا السياق من المهم على كل شخص أن يتذكر أنه يفعل كل شيء من أجل نفسه، وألا يشغل نفسه باعتقادات الآخرين عنه أو عما يجب عليه فعله، ولا يسمح لذلك بالتأثير على آماله وأحلامه أو بإضعاف روحه أو تغيير طريقته عندما يكون الشيء الذي يفعله يحقق له الحماسة والاندفاع اللازم. القاعدة الأساسية هنا ألا تتخلى أبدًا عن أهدافك وأحلامك لمجرد أنك تحاول إسعاد الآخرين من حولك أو تحقيق تطلعاتهم.
إلى حدٍ ما تعدُّ سعادة وإرضاء العائلة والأصدقاء أمر مهم، ولكن ذلك يجب ألا يتجاوز الحد الذي يبدأ فيه الشخص بالتضحية بكل ما كان يريده ويأمل بتحقيقه في حياته، ويجب عليه ألا يسمح لضغط الأقران أن يعيقه. بل يفضل تحديد الأهداف والاهتمام بها، فكل شيء ممكن إذا وضع الشخص أهدافًا واقعية وسعى لتحقيقها، ولا يهتم بما يفكر فيه الآخرون طالما أنه يفعل ما يجعله سعيدًا ويلبي طموحاته وأهدافه.
هناك عشرات الأسباب التي تجعل من المستحيل إرضاء الجميع، إلا أن هناك بعض الأسباب الأساسية التي تساعد على إظهار جوهر الشخصية البشرية وإبراز أهمية الآمال والأحلام، بدلًا من عيش حياة مزيفة من أجل إرضاء الآخرين، ومن أهم هذه الأسباب:
مهما فعلت ستجد من يخالفك الرأي
بغض النظر عما تفعله أو مدى صعوبة المحاولات التي تبذلها، سيكون لبعض الناس دائمًا رأي مختلف، وغالبًا ما يكون رأيًا سلبيًا، وسينظرون إليك بشك أو ازدراء. لا يمكن إرضاء هؤلاء الأشخاص أبدًا، ولكن يمكن تجنب ما يقولونه ويفعلونه. لا يجب الاهتمام مطلقًا بمحاولة إرضاء المنتقدين، لأن ذلك لن يغير أي شيء في أفكارهم وتصوراتهم السلبية. يعتقد الباحثون في هذا المجال أن إرضاء هذا النوع من الأشخاص مستحيل حرفيًا، ومهما فعلت سيكون لديهم دائمًا تصور مختلف عن الحياة وكيفية عيشها.
الصواب والخطأ أمران غير موضوعيَين في كثير من الأحيان
بخلاف الأمور الأخلاقية أو السرقة والقتل أو أي شيء آخر غير قانوني في نظر الجميع. يمكن أن يكون الخطأ والصواب من الأمور غير الموضوعية بشكل كامل تقريبًا، فالصواب في نظر شخص ما قد يكون خطأً في نظر شخص آخر. تعتبر معظم الأشياء غير موضوعية وممكن أن تخضع إلى التأويل، ولا توجد طريقة محددة لفعل كل شيء بشكل صحيح. ولهذا السبب، يختلف الناس في آرائهم حول كيفية التعامل مع الأشياء والمواقف المختلفة، فإذا لم يقم الشخص باتباع الطريقة التي يفضلها غيره، كيف يتوقع إرضاءه فالخلاف هنا يشمل جوهر الموضوع وأساسه وليس طريقة فعله فقط.
جميع البشر نتاج فريد لتجاربهم الخاصة
لا يوجد شخصان متشابهان تمامًا. فقد يكون التوأمان الحقيقيان متطابقين تمامًا من الناحية الجسدية ولكن شخصياتهما تتشكل بطريقة مختلفة وفريدة من نوعها، فإذا كان توأمان حقيقيان مختلفان عن بعضهما بطريقة التفكير، كيف يمكن للأشخاص الذين نشأوا في بيئات وثقافات مختلفة أن يفكروا بشكل متشابه؟ ونظرًا لأن الجميع نتاج تجاربهم الخاصة، ويملكون جميعًا قيمًا ومعتقدات مختلفة، فكل شخص يتصرف بشكل مختلف ولديه قيم ومعتقدات مخفية لا يكشف عنها إلا عندما يتعارض الموقف مع هذه الأفكار الخاصة.
الناس يميلون للتحدث بالسلبية والشك عن الآخرين بغض النظر عما يفعله هؤلاء
تميل النفس البشرية إلى تكوين العديد من الأفكار السلبية عن تصرفات الآخرين وأفعالهم، وربما يكون سبب ذلك محاولة الشعور بتحسن تجاه أنفسهم. وبالنظر إلى أن الناس يتحدثون بسلبية عن الآخرين بشكل دائم، فليس هنالك الكثير مما يمكن فعله لإرضاء هؤلاء الأشخاص، هذه هي طبيعة الكثير من الشخصيات المحيطة بنا، وقد تكون الطريقة الأفضل للتعامل معهم هي تجاهلهم ببساطة.
يستمتع كثير من الأشخاص بفشل الآخرين
لطالما تجنب الناس الآخرين، ونبذوهم من المجتمع لإثبات أنهم أفضل منهم، فالطبيعة البشرية تجعل الكثير من الأشخاص يحبون أن يروا من هم في القمة ينهارون، أو يكونون سعداء بفشل الآخرين، اقترحت الدراسات أن السبب الكامن وراء ذلك يعود لمستويات السعادة والرضا عن الذات التي تخلقها هذه المشاعر، ومع وضع كل ذلك بعين الاعتبار، من الواضح أنه من المستحيل إرضاء جميع الناس في نفس الوقت لذا تجنب المحاولة.
عادةً ما يخاف الناس من الأشياء التي لا يفهمونها
لن يفهم جميع المحيطين بك كل ما تريده، أو ما تحلم به وتسعى لتحقيقه. بل يمكن أن يخاف البعض من هذه الأفكار والمحاولات. عندما يبدأ شخص واحد من المجموعة في النجاح بينما يظل الآخرون على وضعهم الراهن، قد ينشأ بعض التوتر بينه وبين أفراد المجموعة، وعادةً ما يخاف الناس من الأشياء التي لا يفهمونها أو لا يستطيعون تحقيقها، ونظرًا لأن رحلة كل شخص وتجاربه فريدة من نوعها، يجب عدم توقع فهم الجميع له وأن كل إجراء سيقوم به أو قرار يتخذه سيسعد الجميع. ببساطة لن يحدث ذلك ولكن يجب ألا يثنيك ذلك عن المضي قدمًا نحو أهدافك.
عند محاولة إرضاء الجميع سينتهي الأمر بزيادة مستوى السلبية
عند محاولة إرضاء جميع الناس، سينتهي الأمر بك ببساطة إلى جلب المزيد من السلبية. وسيؤثر هذا على سلوكك ومزاجك العام، لذا يجب على كل منا أن يكون حذرًا في المهام التي يوظف عقله فيها، وأن يحرص على الأشياء التي يفكر فيها أو يقولها بشكل يومي، ونظرًا لأن 45% من سلوك البشر مدفوع بتأثير.
عند محاولة إرضاء الآخرين بشكل مستمر قد ينتهي بك الأمر بالتضحية بشخصيتك الحقيقية أو قد تصبح الأشياء التي تقوم بها مخالفة للأهداف التي طالما أردت تحقيقها في الحياة، وعندما تفعل ذلك، فإنك قد تعاني على المدى الطويل من الشعور بالندم والقلق المستمرين حول الأشياء التي كان يجب عليك فعلها.
——————
المصدر : 10 Reasons Why It’s Impossible To Please Everyone – Wanderlust Worker