إن الزواج الناجح يؤمن الحب والاستقرار للمرأة والرجل ولذلك يعتبر قرار الموافقة على الزواج أمر هام ويتطلّب الكثير من الحذر لأنّ اختيار الشريك الغير مناسب يجلب التعاسة والحزن، أما اختيار الشريك المناسب يجلب السعادة والهناء للحياة الزوجية .
قال تعالى ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ) والصلاح هنا يشمل صلاح الظاهر والباطن ، صلاح الدين والأخلاق ، صلاح السلوك والمعاملات .
لذا كان على الزوجين قبل الموافقة التحري والدقة في السؤال عن الطرف الآخر وعن أسرته وأخلاقه ، ولا يكتفى بظاهر شكله أو وظيفته .
تقول إحدى الفتيات منذ اليوم الأول من الزواج وانا أعاني من تأخره وسهره خارج المنزل ، ومع مرور الأيام بدأت سجلات زوجي تفتح في وجهي ، فاكتشفت أنه لا يصلي إلا قليلا ، ويكره الدين وأهله ، ويحمل فكرا شاذا ، سهرات وحفلات مع أصحاب سوء مع دخان وشيشة ، حتى وصلت حالي إلى الضرب والشتائم .
ويقول آخر لقد أتعبتني زوجتي بطلباتها وأرهقتني بالديون ، كل هذا حتى تكون مثل المشهورات وتكون أفضل من زميلاتها ، ملاحقة للموضة ومتابعة للسنابات ، تمنعني حقي الشرعي بالأسابيع خوفا على شعرها وجمالها أوإحراجا من صديقاتها وأهلها أو طمعا في زيادة النفقة عليها ، ولو كان ذلك بالديون وسؤال الناس ، أصبحت حياتنا لا تطاق صراخ وشتائم وعناد ونكران للجميل .
جاء عن الحسن رضي الله عنه أن رجلا أتاه ، فقال : إن لي بنتا أحبها وقد خطبها غير واحد ، فمن تشير علي أن أزوجها ؟ قال : زوجها رجلا يتقي الله ، فإنه إن أحبها أكرمها ، وإن أبغضها لم يظلمها .
قال صلى الله عليه وسلم ” إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ” وفي الحديث جمع بين الدين وهي العبادات وبين الخلق وهي المعاملات .
فيا ابني ويا ابنتي …. لئن يتأخر الزواج خير من دماره وخرابه وفساده ، ولئن يتأخر الزواج خير من عجلة أورثت ندما ، ولئن تكون البنت في بيت والدها معززة مكرمة خير من أن تعيش مع رجل تكون معه مظلومة ومقهورة ومهانة .
لكن بالمقابل ترى كثيرا من الشباب والفتيات يبالغون في الصفات المرغوبة لديهم ، وكأنهم يريدون ثوبا مفصلا مناسبا لأذواقهم دون خلل أو نقص ، حتى يتقدم بهم العمر فيبدئون بتقديم تنازلاتهم ليوافقوا بعد ذلك على أي شخص يتقدم سواء كان صالحا أو فاسدا وهنا تبدأ رحلة من المعاناة والقصص الأليمة .
فلا إفراط ولا تفريط في الصفات والشروط المطلوبة ، وليعلم كلا من الزوجين أنه يستطيع إكمال الآخر والتعاون فيما بينهما في التربية والحياة السعيدة .
رجل كان شرطه الأول الجمال مهما كانت أخلاقها ، ونسي جمال الأخلاق مع جمال الشكل ، فالجمال الظاهر قد يذهب لأي سبب من أسباب الدنيا وهو أمر نسبي تختلف عليها الأذواق ، يقول : حياتي معها بين صراخ وهم وتوتر ، نصبح على مشكلة ونمسي على بلاء .
وأخرى كان شرطها الثراء مهما كانت أخلاقه ، حتى جاءها الغني الثري ، تقول : وفي أول ليلة من زواجها دخل عليها وهو سكران لا يعرف بما يهذي ويقول ، فعرفت من هذيانه سوء سريرته وخلقه ، ومع مرور الأيام تطلقت ثم تزوجت برجل في عمر والدها .
فيا ابني ويا ابنتي … تعرف على شريك حياتك وعن شخصيته ودينه وخلقه ، واطلب بمن تثق فيه أن يساعدك فلعلك تجد من الصفات ما يرغبك فيه أكثر وأكثر .
الحرص على السؤال عن أسرة الشريك الآخر ، لأنه يتأثر بعاداتهم وأخلاقهم ومعاملاتهم مع الناس ، وتذكر أن هذه الأسرة ستكون بيتك الثاني وبيت أولادك فاحرص على انتقائه .
احرص على موافقة والديك عن الشريك الآخر ، لأن الرفض سيولد لكما مشاكل كبيرة معهما ، فقد تخسر والديك أو إخوانك بسبب ارتباطك بهذا الشريك ، عوضا عن المشاكل اليومية بين العائلتين وقد تصل إلى الانفصال الجسدي أو العاطفي بينهما .
كن واضحا في الأمور المادية والنفقة سواء كان من الزوج في وضيفته ودخله الشهري ولا تدعي ما لا تملكه أو من جانب الزوجة عندما تكون موظفة ومدى مساعدتها لزوجها .
أسأل الله أن يديم الفرح والسعادة على أبنائنا وبناتنا وأن يؤلف بين كل متزوجين وأن يصلح بين كل متخاصمين .
كتبها / عدنان سلمان الدريويش
المستشار الأسري بجمعية التنمية الأسرية بالأحساء