من أهم صفات الصداقة أن تكون أمور مشتركة بينك وبين أصدقائك، تجعل العلاقة علاقة تفهم ومشاركة، أو أن يكون لديك شيء يحتاج إليه الآخر أو شيء جذاب يثيره لتبقى العلاقة.
بالطبع، إحدى صفات الصداقة هي القبول. بمعنى، أننا مهما اختلفنا عن أصدقائنا وكانت بيننا أمور لا نتلاقى فيها، فإنّ ما يجعل الصداقات مستمرة، هو كلمة سحرية، هي: القبول. فإلى أي درجة حقيقة واقعياً يقبلنا أصدقاؤنا؟
في دراسة طويلة أجريتها لدراسة رأي الأصدقاء في بعضهم، قمت بتطبيق بعض نقاطها على من حولي. ومن خلال دراستهم ودراستي المتواضعة وجدت نتائج مذهلة تتعلق بكيفية رؤية بعضنا البعض الآخر كأصدقاء. وهذه بعضها:
· البعض من الأصدقاء يرون صديقهم/ صديقتهم يبذل مجهوداً مبالغاً فيه لإرضائهم، إلى درجة يعرفون أنه يتجاهل ذاته. وهذا السلوك، مع أنّه يخدمهم ولكنهم يرونه سلوكاً استهلاك للذات وتنازل عن راحته وحاجته. ولذا، هم يخجلون من قول ذلك ولكنهم غير سعيدين بهذا اللهاث عند الصديق أو الصديقة فقط لإرضائهم.
· يرى عدد كبير أنّ أصدقاءهم يعطون وعوداً تفوق قدرتهم على تحقيقها، وهذا طبع مزعج. وهم يعزون الأمر إما إلى طبع إرضاء الآخر، أو لسوء التعامل مع الوقت. ويرون أنّ هذا الأمر في الأصدقاء مسألة سيئة.
· البعض يرى في أصدقائه دقة مريضة. مثلاً، لو أرادوا الخروج لتناول القهوة، يجب أن يكون عند هذا الصديق أو تلك الصديقة تخطيط ودقة والتزام ممرض بالوقت. ولو حصل تغيير في الخطة، أو تأخير في وقت هذا النوع من الأصدقاء، فقد يخلق ذلك أزمة ويعكر أمراً من المفترض أن يحصل بتلقائية وهو اللقاء والمرح.
· البعض يرى الصديق/ الصديقة جبناء ومن دون روح مغامرة لأمور مختلفة. وهذا الخوف يجعلهم غير ممتعين، على الرغم من وجود صفات جيدة عديدة فيهم.
· البعض يراهم أصدقاء سطحيين ويأخذون كلّ شيء بالضحك. والبعض يرى أصدقاءه جادين ودمهم ثقيل. والأغلبية ترى أنّ الصديق/ الصديقة يجب أن يتمتع بالصفتين: الجدية وقت الجدية. والمرح وقت المرح، وهذا موجود فقط في قلة من الأصدقاء.
· أنانية الأصدقاء هي من النقاط المثيرة للجدل في العلاقة. والصديق/ الصديقة الذي عنده مركزية ذاتية وينظر غالباً إلى إشباعاته بشكل رئيسي، غير مريح ويجعل الطرف الآخر يشعر بأنّه يتم استغلاله والأمر غير مريح.
· الأصدقاء، خاصة في عمر صغير، يولون عامل الوجود مع الآخر أهمية. والحقيقة أنّ البعض، حتى في عمر ناضج، يشعرون برغبة أكبر في الوجود مع الآخر، أياً كان العمر، فإنّ بعض احتياجات الأصدقاء هو ذاك الصديق/ الصديقة الخانق للحرية. وهناك الذين يريدون التصاقاً طويلاً وبشكل مرعب، حتى يشعر الآخر برغبة في الصراخ. وهنا تبدأ حيل التهرب والتعذر. وهؤلاء، يرون أنهم يعرفون أنّ الآخر يحبهم ولكنهم في حاجة إلى هذه المساحة من الحرية. على الأقل يكون هناك شيء جديد كلّ واحد فيهم يحصده ليعود ويقوله للآخر.
· قضية الاستحواذ في العلاقة وعبارة “لي وحدي” توحي وكأنّ الصديق/ الصديقة ملكك وأنت راغب في أن يصبح فقط لك ولا تريد صداقة أخرى تدخل. الأمر هنا يبدو أسوأ من الزواج. فالصداقة ليست عقد احتكار. الصداقة مساحة مشتركة لك مع إنسان وباقي مساحاته له وحده مع ناس آخرين، سواء أكانوا أصدقاء أم قرابات أم مصالح.
بقي أن أقول إنّ الصداقة هي من أهم علاقات الإنسان. ففيها خليط من الأخوة من الحب ومن الزواج ومن الزمالة. ومراعاة رأي الصديق/ الصديقة بسؤاله بصدق عن رأيه فيك، ضرورية لتبقى هذه العلاقة الجميلة حية.►