قال الله تعالى: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (الأعراف/ 52-53).
القرآن الكريم هدي ورحمة لقوم يؤمنون، فمن تمسك به تلاوة وحفظا وتطبيقا وجعله دستور حياته؛ هداه الله في الدّنيا من الضلالة، ووجد شفيعاً يدفع عنه العذاب يوم القيامة، روي الإمام مسلم (1/533) عن أبي إمامة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (ص) قال: “اقرؤوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه”، أمّا من هجر القرآن ونسيه وترك العمل به؛ فلن تجد له في الدّنيا دليلاً ولا في الآخرة شفيعاً، وحين يرى ما قدمت يداه سيصرخ هو وأمثاله قائلين: (فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)، وتكون إجابتهم الوحيدة وجزاؤهم المحتوم: (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)،
ولكي لا نخسر أنفسنا في هذا اليوم العصيب علينا أن نكسب صداقة القرآن، فيكون رفيقنا في حياتنا الدّنيا بكل جوانبها وجميع نواحيها…
وعندما ننظر إلى حالنا اليوم، نرى إقبالاً كبيراً على القرآن الكريم، لكن المشكلة أنّ كثيراً من الآباء والأًُمّهات لا يضعون القرآن على رأس أولوياتهم؛ فتراهم يهتمون بتعليم أبنائهم اللغات الأجنبية والمهارات الإلكترونية أكثر من اهتمامهم بالقرآن، وذلك بحجة أن هذه العلوم هي لغة الحاضر والمستقبل.
أيُّها الوالد الكريم، أيّتها الأّم الحنون؛ لكي نربي مبدعاً ربّانياً لابدّ أن نربط أبناءنا بالقرآن الكريم، هيا بنا نفكّر معهم (بطريقة العصف الذهني) حول دور القرآن الكريم في حياتنا، وعند مناقشتهم ينبغي إتباع خطوات العصف الذهني، التي تبدأ بتهيئة الأبناء لموضوع المناقشة، ثمّ كتابة أفكارهم دون مقاطعة أو تعليق على سبورة، ثمّ إستراحة مرحة، وبعدها نفرز الآراء ونقيمها ونتناقش حولها، ثمّ نختار الآن المبدعة النافعة، ونضعها في حيز التنفيذ بعد أخذ المشورة حولها، وموافقة أعضاء الأسرة عليها…
– الخطوة الأولى: أوّل خطوة من خطوات العصف الذهني كإحدى طرق توليد الأفكار الإبداعية هي: تهيئة المشاركين في المجلس (أبناء أو تلاميذ أو متدرّبين) وإعطاؤهم فكرة عن المشكلة التي نحن بصدد حلها، ولأنّنا نتحدّث هنا مع أبنائنا عن دور القرآن الكريم في حياتنا، فلابدّ أن نتحاور معهم أوّلاً حول دور القرآن الكريم في حياة النبي (ص) وصحابته الكرام، ويمكننا قبل النقاش أن نطرح هذا العنوان كبحث يقدم فيه الجميع ورقة عمل، ونعطي كل واحد منهم وقتاً ليعطينا نتيجة بحثه، وفي النهاية يكون السؤال: كيف نضيء حياتنا بالقرآن الكريم كما فعل نبيّنا الحبيب؟
– الخطوة الثانية: بعد أن انتهينا من مناقشة ما قدّمه أبناؤنا من أبحاث حول دور القرآن الكريم في حياة نبيّنا الكريم، جاء دور الخطوة الثانية من خطوات العصف الذهني وهي تجميع الأفكار وكتابتها على سبورة أو مكان واضح يراه جميع الحضور، وعلى الأب أو من يشرف على مجلس الشورى أن يلتزم في هذه المرحلة بتجميع الأفكار وفقط، ولا يسمح لأحد الحضور بمناقشة ما يطرح من أفكار أو يعلق عليها، مهما كانت الأفكار المطروحة مجنونة وخيالية وصعبة التنفيذ، لأنّ الهدف من هذه المرحلة هو تجميع أكبر عدد ممكن من الأفكار، والسؤال المطروح الآن كما قلنا سابقاً: