“اليوتيوب”، “الفيس بوك”، “الواتساب” والعديد من البرامج والألعاب التي سيّطرت على عقول الصغار والكبار وجعلتهم منشغلين بهواتفهم طوال الوقت، وهو ما يدفعهم لترك النوم و التغذية السليمة والرياضة البدنية مما يؤثر سلبًا على أنسجة الدماغ وجميع أعضاء الجسم.
في خلال دقيقة واحدة فقط، يتم نشر 3.3 مليون منشور على فيسبوك، ويُرسل على الواتساب ما يقارب 29 مليون رسالة، ويُكتب على تويتر 448.800 تغريدة، ويُرفع على اليوتيوب 500 ساعة من مقاطع الفيديو، ويُرسل 149.513 بريدًا إلكترونيًا، وتُرفع 65.972 صورة على انستجرام.
هذه إحصائية صادمة تلخص التحول التقني الذي يشهده العالم، وتفسر سبب “إدمان” الكثير على هواتفهم. وهذا يقودنا لنتيجة تُظهرها هذه الأرقام، وهي أن مواقع التواصل الاجتماعي هي بحر إلكتروني ضخم، من يغرق به فلن يستطيع الخروج منه بسهولة.
ما هي أسباب هذه المشكلة؟
أثبتت دراسة حديثة، بأن الكثير من مستخدمي الهواتف الذكية لديهم هوس النظر لهواتفهم لمتابعة الرسائل الإلكترونية أو معرفة آخر الأخبار بشكل متكرر طوال اليوم. وتعتبر هذه العادات سلوكيات تلقائية تؤثر على التحكم بالوعي، وهناك دراسات قد بدأت تربط بين استخدام الهاتف الذكي والنتائج السلبية على الجسم والعقل وتسببها بحوادث الطرق وضعف موازنة القدرة على العمل.
1- أثر الهواتف على الأطفال:
كشف الدكتور عمرو الحسنى، أستاذ المخ والأعصاب بجامعة القاهرة، أن الإفراط في استخدام الهاتف الذكي يسبب تغيرات فسيولوجية في المخ، منها تأخر الكلام عند الأطفال والتوحد، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، مما يُعنِّف الأطفال في تعاملهم مع الآخرين خاصةً في المدرسة. كذلك قد يسبب تأخر الكلام والعصبية وعدم التعامل السوي مع الآخرين.
2- أثر الهواتف على الدماغ:
كشفت دراسة علمية أُجريت عام 2015 بأن الإشعاع من الهواتف المحمولة قد يسبب تلف أنسجة المخ. ووفقًا لصحيفة “ديلى ميل” البريطانية، اكتشف العلماء أن الانبعاثات من الهواتف تؤثر على التركيبة الدقيقة للخلايا في الأوعية الدموية، ويمكن أن تُشكل خطرًا على المستخدمين العاديين.
3- أثر الهواتف على الجسم:
أظهرت دراسة علمية حديثة أن الإفراط في استخدام الهاتف الذكي يسبب السمنة ومرض السكر من النوع الثاني. وهذا ما أشار إليه تام فراى، رئيس المنتدى الوطني للسُمنة: “المراهقون الآن عبيد للأجهزة المحمولة وهذا لا يحسّن من صحتهم”.
ويُحذر تقرير منظمة الصحة العالمية من أن السلوكيات المستمرة تؤثر سلبًا على حياة المراهقين، حيث يقضي الشباب ما يقارب 60% من وقت الاستيقاظ في استخدام الهاتف، وهذه نسبة عالية تؤثر سلبًا باعتبارها سلوك شائع عند الأفراد.
كذلك، أكدت الدكتورة “سارة جيمس”، من الصندوق العالمي لبحوث السرطان، على أن الوقت الذي يقضيه الأطفال في الجلوس على الهواتف يسبب القلق كثيرًا، وهذا يمكن أن يسهم في زيادة الوزن، والتي بدورها تزيد بقوة من خطر الإصابة بأحد عشر نوعًا من السرطان.
إذن كيف يكون علاج هذه المشكلة؟
تقدر دراسة أجرتها شركة تيليفونيكا، أن متوسط مستخدمي الهواتف الذكية يتلقون ما يصل إلى 63.5 إشعارًا في اليوم الواحد، والكثير من تلك الإشعارات غير مفيدة. لكن بالرغم من أننا لن نتجنب تمامًا تلك التطبيقات التي تشتت انتباهنا، إلا أنه يمكننا على الأقل التحكم في الإشعارات التي تدفعنا إلى تشتت الانتباه، ويكون ذلك بعدة طرق أهمها:
قم بإيقاف إشعارات هاتفك.
أحد أسهل التغييرات لاستعادة تركيزك هو إيقاف تشغيل الإشعارات من التطبيقات، والسماح فقط للإشعارات الهامة.
قم بحذف معظم التطبيقات.
قم بحذف التطبيقات التي تشغل مساحة من هاتفك و تشتت انتباهك بشعاراتها المتكررة. إذا كنت تستخدم تطبيق معين بكثرة، فقم بتحديد استلام الإشعارات الهامة فقط.
استخدم تطبيق وقت الشاشة “Screen Time”
رغم حديثنا عن حذف التطبيقات، إلا أن استخدامك لهذا التطبيق سيمكنك من قضاء وقت أقل على هاتفك. تقيس ميزة وقت الشاشة “Screen Time” الوقت الذي تقضيه على هاتفك وتعرض لك أكثر التطبيقات المستخدمة و المشتتة للانتباه. يمكنك أيضًا وضع حد زمني لأكثر التطبيقات تشتيتًا للانتباه. فمثلًا، يمكنك وضع مدة زمنية قدرها 30 دقيقة على تويتر، لذلك لن تقضي أكثر من هذه المدة يوميًا على المنصة.
استخدم خاصية عدم الإزعاج “Do Not Disturb”.
هذه ميزة في إعدادات هواتف Apple وAndroid، وهي ليست موجودة فقط لمساعدتك في النوم، بل هي أيضًا أداة لحظر المكالمات والإشعارات عند انشغالك بالعمل، يمكنك تشغيلها أو ضبط إيقافها بعد مدة محددة.
لا تستخدم الهاتف أول ساعة من يومك.
أظهرت دراسة من IDC Research أن حوالي 80% من مستخدمي الهواتف الذكية يفحصون أجهزتهم المحمولة في غضون 15 دقيقة بعد الاستيقاظ صباحًا، وهذه مشكلة كبيرة. حيث يتم التحكم بأفكارك وتركيزك من خلال الرسائل الجديدة والإشعارات.
بعبارة أخرى، سينشغل عقلك بأعمال الآخرين وليس بأعمالك. فبدلًا من أن تبدأ يومك بالتركيز على أهدافك الشخصية، فأنت مجبر على التفاعل مع أشياء الآخرين.
ابحث دائمًا عن مهارات وقم بصقلها.
استبدل مدة النظر لهاتفك وإشعاراته بنشاطات أكثر إنتاجية، فمثلًا: مارس بعض التمارين الرياضية، تعلم لغة جديدة، اقرأ كتابًا أو روايةً أو مارس مهارةً جديدةً.
لا تنسَ أن الدماغ يميل للمشتتات – هذه طبيعة بشرية، ولكن طرق التعامل مع هذه الرغبة تحدد كلّ شيء. هل تلبي حاجة ذلك بالنظر الإجباري لهاتفك أم بممارسة مهارة جديدة أو قراءة كتاب أو ترتيب منزلك؟
دورك الآن!
معرفتك لكيفية تجنب تشتت الانتباه بسبب الهواتف لا تكفي، بل تحتاج لاتخاذ خطوة جادة في ذلك. لذا، كنقطة بداية لما تحدثنا عنه، قم بتطبيق ثلاث طرق من الطرق المذكورة أعلاه.
تذكر: هذا لبناء شخصيتك
__________________________
علمنا..