السبت 23 نوفمبر 2024 / 21-جمادى الأولى-1446

كيف تتعامل مع من يهينك؟



إذا أهانك شخص فما هي ردة فعلك تجاهه؟ وكيف ترد على إهانته؟ طرحت هذا السؤال على أكثر من شخص وكانت أكثر ردودهم تتلخص في طريقتين، إما التجاهل أو رد الإهانة بالإهانة، ولنا تعليق على إجاباتهم لأنه ليس كل إهانة تحتاج أن نرد عليها، فلو كانت الإهانة من سفيه أو أحمق فالصواب عدم الرد عليه، لأنه سيزيد في إهانتنا وربما يصل رده للاعتداء علينا، ولكن إذا اتخذنا قرارا بالتجاهل يجب أن نكون واثقين من أنفسنا، حتى لا يشعر من يهيننا أننا نخاف من مواجهته، أما لو كانت الإهانة من شخص عاقل ففي هذه الحالة نقترح عدة ردود حسب نوعية الإهانة والشخص الذي أهان بغض النظر عن سبب الإهانة.

فأول خطوة تعملها عندما تتعرض للإهانة أنك تقف وقفة الواثق من نفسه مع ضبط النفس، وتستمع إلى كلامه مع النظر إليه نظرة رحمة لا نظرة حقد وكراهية، فإذا انتهى من كلامه ننصحك بالسكوت قليلا لأخذ النفس، ثم تتعامل مع ما يقوله من كلمات على اعتبار أنها رأيه الشخصي، فلا تغضب ولا تدافع عن نفسك حتى لا تبدو ضعيفا أمامه، وكن مبتسما إذا أردت أن يكون موقفك قويا عند الرد عليه

وهناك أسلوب ذكي باستخدام بعض الكلمات في الرد عليه مثل أن تسأله (هل أنت تقصدني بكلامك هذا؟) أو (هل أنت مدرك للكلام الذي تقوله؟) وغيرها من العبارات التي تفهمه بأنك لم تقبل كلامه وإنما تريد منه أن يعيد النظر في موقفه وتصرفه السيئ، وفي هذه الحالة إما أن يدرك ما فعله من خطأ فيتراجع ويعتذر، أو أنه يصمم على كلامه ويدافع عن رأيه، وفي الحالتين أنت كسبت الموقف لأنك سيطرت عليه من خلال حوارك معه.

وفي بعض الحالات يمكنك مقاطعة من يهينك إذا أردت أن تحاوره لتبين له أنك متفهم لغضبه، فعلى سبيل المثال لو كنت متأخرا عليه فتقول له (أنا متفهم لموقفك أنك متضايق من تأخري عليك) وهكذا، مع بيان استيائك من إهانته، وتبين له أنه بإمكانه أن يعبر لك بأسلوب آخر يحقق ما يريد من غير إهانة، وأن الإسلوب الذي اختاره لم يكن فيه احترام، وفي بعض الحالات يمكنك استخدام كلمة أنه (ليس من حقك أن تكلمني بهذه الطريقة) وتبين له حدود الكلام وآدابه.

ويفضل في نهاية الموقف أن تعبر ببعض التعبيرات التي تحافظ على استمرار علاقتك به مثل أن تقول له (احنا نعرف بعض من زمان، وأنا سأعتبر عدم احترامك لي بالحديث بسبب غضبك، فاقترح عليك أن تهدأ حتى نتحاور ونتفاهم)، ولكن مهم جدا أن لا ترد الإهانة بإهانة مثلها فهذه ليست من أخلاقنا التي تربينا عليها، ونبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- كان من أوصافه أنه (يسبق حلمه جهله ولا يزيد شدة الجهل عليه إلا حلما)، ووصف الله تعالى الأنبياء وتعرضهم للإهانة من قومهم فصبروا عليهم، قال تعالى (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ)، فالصبر والسيطرة على الموقف من الذكاء الاجتماعي في التعامل مع من يؤذينا، أما لو كانت الإهانة في بعض الحالات مرتبطة بتهمة مثل خيانة أمانة أو سرقة أو غيرها فيمكنك حفظ حقك القانوني بالإبلاغ عن الإهانة للجهات المختصة حتى لا يتمادى الشخص بإهانتك دائما ويلزم حدوده، ولكن المهم أنك تتأكد بأنه قاصد إهانتك.


بقلم د. جاسم المطوع

المصدر : جريدة اليوم

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم