قالت الأولى أنا دائما أحد أقربائي يتحرش بي ويسمعني كلمات عاطفية، وقالت الثانية وأنا مديري بالعمل يصطنع الإجتماعات الفردية حتي يجلس معي ويسمعنى كلمات عاطفية، وقالت الثالثة وأنا كلما مشيت في سوق أو مجمع أسمع كلمات التحرش من اليمين والشمال، فكيف نحمي أنفسنا من التحرش؟ وكيف نتصرف تجاه من يتحرش بنا؟ هذا السؤال يتردد علي كثيرا ولهذا أحببت أن أكتب مقالا يوضح كيف تتصرف المرأة المتحرش بها،
وللتحرش أساب كثيرة فقد يكون الدافع للتحرش جمال المرأة، فجمالها لافت للنظر أو ربما يكون الدافع طريقة مشيتها أو لباسها فهذه أمور تلفت نظر الرجل، فالتحرش ليس مقتصرا على الجمال الشكلي فقط، لأن لكل رجل نقطة ضعف مختلفة تجاه المرأة، وأذكر رجلا قال لي مرة إنه نقطة ضعفه المرأة التي تلبس العباءة السوداء، بينما رجل آخر قد تكون نقطة ضعفة الملابس القصيرة أو نبرة الصوت أو نظرة العيون وهكذا فالتحرش والمضايقات تبدأ بطول النظر وتنتهي باللمس أو الاغتصاب، وبينهما وسائل كثيرة مثل إرسال رسائل عبر الهاتف أو البريد أو الملاحقة بالمشي أو المتابعة بالسيارة أو إرسال مواد إباحية أو موسيقي بكلمات بذيئة، فالتحرش هو عبارة عن أي فعل أو قول ذي طابع جنسي، وهو مجرم قانونا ومحرم شرعا لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الحج (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) فالعرض لا بد أن يحترم ويصان.
وهناك عدة حلول ممكن أن تعملها المرأة تجاه المتحرش، ولكن لابد من التفرقة بين التحرش العابر لمرة واحدة أو تحرش المتكرر من قريب أو صاحب سلطة، ففي الحالة الأولي ممكن أن يكون الإهمال والسكوت هو الحل فيتوقف المتحرش عن تحرشه، وأما في حالة المتكرر فهنا الحلول مختلفة، منها الرد بالنظرة الحادة أو الصوت العالي للفت انتباه المارة، أو باستخدام كلمات واضحة مثل احترم نفسك أو احترم مكان عملك أو اتق الله وخاف ربك أو عيب عليك ترضى أحد يتحرش بزوجتك أو اختك أو أمك وغيرها من العبارات، ومهم في هذه الحالات عدم الابتسامة والضحك حتى لا يفهم المتحرش أن التحرش مقبول وفي حالة لو كان المتحرش من العائلة فيمكن إخبار الأهل بتحرشه، ولو كان في بيئة العمل فيمكن إخبار الإدارة لتتخذ إجراء تجاهه، ولو كان المتحرش يلاحق المرأة بسيارته فالأفضل أن لا تقف أمام بيتها حتى لا يعرف بيتها، وإذا حاول المتحرش اللمس أو القرب الجسدي فالأفضل الصراخ أو استخدام أدوات الدفاع عن النفس مثل العصا أو البخاخ أو صفارة أو الاتصال بالشرطة، ويفضل أن يتم توثيق التحرش بالتصوير الهاتفي أو التركيز على جسده لمشاهدة علامة مميزة مثل وشم أو غيرها، كما يمكن للمرأة اللجوء للقانون من خلال رفع دعوى بالمحكمة أو التنسيق مع المحامي لحماية حقها، فهذا ملخص الحلول للمتحرش بها.
وبالمناسبة ففي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- حصلت حادثة تحرش من يهودي من بني قينقاع لامرأة مسلمة دخلت محلا للذهب تريد أن تشتري منه حليا فربط البائع اليهودي بمكره أسفل ملابسها بحديدة بالمحل، فلما قامت انكشف ثوبها عن جسدها فاعتبر النبي -عليه السلام- فعلهم هذا نقضا للعهد، فجهز الجيش من أجل نقض اليهود للعهد بتحرشهم بامرأة، وقصة أخرى حصلت في زمن الفاروق -رضي الله عنه- فقد صلب رجلا يهوديا لأنه استكره امرأة ووطأها، فقال الفاروق لما صلبه من فعل منهم فلا عهد له.
————————————
* بقلم د. جاسم المطوع