يقول ابن القيم: (وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته في العذاب الأليم).
ويقول حكيم عربي: (من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه وظلم نفسه).
وقيل: من علامات المقت إضاعة الوقت. ودقائق عمرك غالية فلا ترخصها بالغفلة، والوقت محدود وليس في اليد حيلة لإطالته، وإنما في الإمكان التخفيف من إهداره، واستخدامه على نحو مثمر مفيد.
وفي المثل الإنجليزي: أي جريمة أكبر من إضاعة الوقت؟.
ويشترك جميع الناس الأغنياء والفقراء، الأقوياء والضعفاء، الناجحون والفاشلون، المشهورون والمغمورون في أنهم يملكون أياماً تتكون من (24) ساعة،
ولكن الفارق بينهم هو كيفية إدارة تلك (24) ساعة.
وتعتمد إدارة الوقت في قدرة الفرد على إدارة نفسه وتوجيه مشاعره وأفكاره وإمكاناته والظروف المحيطة به وإنجازاته نحو الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها.
وتتعدد الاستراتيجيات التي يمكن من خلالها تحقيق إدارة فاعلة للوقت تصل بالإنسان إلى مستويات عالية من النجاح، ومن تلك الاستراتيجيات العامة والفاعلة إستراتيجية (كن)، التي توجه الفرد إلى بعض السلوكيات الإيجابية التي تساعده على استغلال وقته واستثماره فيما يحقق أهدافه،
ومن تلك السلوكيات ما يلي:
(1) كن مبادراً:
التسويف هو التأجيل المركب للمهام، وهو من أكبر مضيعات الأوقات ويؤدي إلى فشل الإنسان، ويحول دون تحقيقه لأهدافه، والخطوة الأولى للتخلص من هذا الداء هو المبادرة، ولكي تتحقق صفة المبادرة يمكن اقتراح ما يلي:
– اتخذ لنفسك شعاراً (الآن الآن وليس غداً).
– تجنب استخدام عبارات الكسولين، مثل: (الوقت متأخر، لم يحن وقته،… الخ).
– التزم بتنفيذ خطتك المحددة لتحقيق أهدافك.
– ضع وقتاً محدداً للانتهاء من كل مهمة.
– اجعل لنفسك حافزاً على المبادرة.
(2) كن مخططاً:
التخطيط هو رسم صورة واضحة للمستقبل، وتحديد الخطوات الفاعلة والفعلية للوصول للأهداف المحددة في ضوء الفرص والإمكانات المتاحة. ومما ينصح به لكي ننجح في التخطيط ما يلي:
– التعرف على كيفية التخطيط الناجح وكيفية وضع الخطط.
– عند بناء الخطة يجب مراعاة الإمكانات المتاحة والمتوقعة.
– أن تكون الخطة طموحة ونتطلع فيها للأفضل، وعدم القناعة بالدون.
– عدم الاستسلام للأمور العاجلة والحرص على ترتيب الأولويات.
– كتابة الخطة ووضعها في مكان بارز أمامك.
(3) كن مفوضاً:
بمعنى أن تمنح آخرين بعض سلطتك للقيام ببعض المهام المحددة تحت إشرافك، ومن أهم فوائد التفويض:
زيادة مقدار الوقت لديك، وجعلك قادراً على القيام بأكثر من عمل في وقت واحد، كما يجبرك التفويض على تنظيم وقتك. ولكي يحقق التفويض فاعليته في إدارة الوقت لابد من اتباع القواعد الأساسية التالية:
– اختيار الشخص المناسب والقادر على تحمل المسئولية.
– توفير التدريب الضروري والمناسب للشخص المفوض حتى يحقق الهدف المطلوب.
– توفير البيئة المناسبة لعمل المفوض.
– تفويض المهمة – كلما أمكن – كاملة، ومنح المفوض الشعور بالإنجاز.
(4) كن خلافياً:
الإنسان الخلافي هو الشخص الذي لا يزاحم الآخرين في المكان والزمان، فيشتري حينما يبيع الناس، ويبيع حينما يشتري معظم الناس، وحينما يكون الناس في أوقات الزحام يكون هو في أماكن السعة. إنه يطبق قاعدة: (عش قريباً من القمة وليس عليها حتى تتجنب الزحام).
إن تطبيق (كن خلافياً) في إدارة الوقت تساعدك في القيام بالعديد من الأعمال في الوقت الذي لا أحد غيرك يفعلها.
(5) كن قادراً على قول:
(لا): يجد كثير من الناس صعوبة في قول: (لا) للآخرين، لأنها قد تبدو تحدياً للآخر، أو رفضا له، ولرغبة الكثير في صحبة الآخرين والخشية من كراهيتهم. ولكي تقول: (لا) دون أن تخسر الآخرين يمكن اتباع الآتي:
– قبل قول: (لا) اشرح للآخر الأسباب التي بنيت عليها قرارك (لا).
– قل: (لا) بتأدب وبصوت غير مرتفع ولا منفر، بل بأسلوب أخوي ومؤدب.
– قل: (لا) مع ذكر البدائل.
– قل: (لا) المشروطة. (لا) ولكن إذا فعلت كذا وكذا سأقول: (نعم).
(6) كن حازماً:
لابد أن تكون حازماً في تنفيذ هذه السلوكيات لتحقيق إدارة وقتك بنجاح، لأن التردد من أهم العوامل التي تؤدي إلى ضياع أوقاتنا، والحزم هو الإستراتيجية الفاعلة لاستثمار الوقت خير استثمار، وصدق الشاعر إذ يقول:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فسـاد الرأي أن تتـرددا
أخيراً:
إن أعز شيء نملكه القلب والوقت، فإذا أهملنا القلب وأضعنا الوقت فلا طعم للحياة، وهذا يؤكد ضرورة توعية أفراد المجتمع بواجبهم نحو الوقت، وأنهم مسئولون عنه يوم القيامة، وذلك عن طريق الدورات والندوات ووسائل الإعلام.