الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

كنت ولازلت ابحث عن الحب



 

كنت ولا زلت ابحث عن الحب عبارة الكثير منا يرددها فكلنا كنا ولا زلنا نبحث عن الحب لكن ما هو الحب حتى يبحث عنه كل الناس فيما مضى والان وفي المستقبل، لماذا نحيا على امل ان نلقى الحب، ومن هو الذي يستحق ان نعطيه هذه المشاعر الطيبة؟ هل من يقدر ويحترم تقديرنا له، ويقابل التقدير بتقدير اقوى منه؟ هل الحب يعني ان نتنازل عن كرامتنا؟ ام ان الحب يعني ان نرقى بأنفسنا وننئ بها بعيدا عما يسئ اليها؟ هل علينا ان نحب أنفسنا أولا أم نحب الاخرين؟ متى يكون الحب نعمة ومتى يكون الحب أزمة؟ أسئلة كثيرة تدور بداخلنا على اختلاف تجاربنا في الحياة ونتساءل كثيرا فيما بيننا من الذي يستحق منا هذه المشاعر؟ من يبحث عن سعادتنا حتى لو تعارضت مع رغباته من يرفع كرامتنا لعنان السماء ام من يجعل من الاخرين والاحداث حولنا سيفا يسلطه على رقابنا ولا يعبأ بنا؟ هل هو من يجعل منك أيتها الانثى ملكة متوجة ويرى من نفسه حارسا أمينا ليزداد مقامك بين يديه ويجعل منك ملكة لكل من حولك، من يستحق الحب؟!  
هل تعطي الحب لمن تجعل منك عالما لا تريد أن يدخله أحد سواك؟ هل الحب مشاعر تعطينا الإحساس بالسعادة ولماذا عندما تحدث الله عز وجل عن تلك المشاعر الطيبة في القران الكريم بين الزوج والزوجة اختصرها في المودة والرحمة والسكن؟ هل هذا هو الحب الحقيقي من يبدي المودة ، واراني فيه حتى لو كنت غائبة عنه ، هل الحب رحمة بقلوب ومشاعر من يحبوننا فنرحمهم ، ويرحمونا ويخشى كل منا على الاخر ، هل الحب السكن والراحة والطمأنينة التي نجدها بالقرب ممن نحبهم وكيف يأتي كل هذا؟ هل هي كيمياء بين أثنين أيا كانوا صديقين زوجين … الخ أم هي إرادة الله في اختيار من نسكن إليهم فيجعل الظروف ومن ضمنها الكيمياء تقرب بيننا وبينهم ليكون الكل في واحد ، تلك الكيمياء التي تجعل من كل روح تركيبة فريدة من نوعها تقترب منها تلك الارواح التي تستأنس بها فتتعارف عليها كما لو تلاقوا من قبل ، عالم الارواح عالم قد لا نعرف عنه الكثير فهو عالم ملئ بالألغاز ، لكن جزء منه طرحه علينا الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن سر من اسرار هذا العالم في حديثه، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ . ” صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء : باب الأرواح جنود مجندة .
قد تتعلق قلوبنا بأناس لا يقدرون مشاعرنا نحوهم فتأتي رحمة السماء لتجعل كل روح في طريق مغاير لتجتمع بمن تشبهها ، ليس الشبه هنا في الملامح ولكن في الصفات في عالم الأرواح عمق المعنى والاحساس له أثره في نفس الروح ذات التركيبة الفريدة لتصنع من نفسها بما يحتويها من مشاعر وصفات روح مختلفة عن الاخرين لكن قد تتشابه مع اخرين فهناك من يسلك نفس الطريق الذي تلتمسه تلك الروح وهنا يكون اللقاء بينها وبين من يشبهها لكن متى يحدث اللقاء انها اللحظة التي لا يعرفها أحد سوى الله عز وجل ولحكمة يعلمها الله تقتضي حدوث ذلك في مكان وزمان محدد لكن علينا ان نحتمل مشقة الطريق ، وفي الطريق قد تحدث مفاجآت لا تدري عنها وانما هي حكمة من الله عز وجل ، فالأقدار قد تتغير ، والاحوال قد تتبدل، والنفوس قد لا تستمر على منوال واحد ، لذا  يفتح لنا الله عز وجل باب رحمته بشكل دائم لا ينقطع ولا يحتاج لوسيط، وهنا الحب الحقيقي حب لا يضاهيه حب، نرى كرم الله في كل شيء يحيط بنا ونعصي الله ثم نجد بابه مفتوحا، وبشوق يتقبل عبده ويحنو عليه ويغفر له ، والكثير من الآيات تحدثنا عن ذلك ، حتى ونحن نشعر اننا قد بعدنا عن الله عز وجل وقد يتوهم البعض منا ان الله تركه ، لماذا لا تتحقق احلامي لماذا اسير في اتجاه لا أرغب فيه لماذا كل شيء يطول انتظاره لماذا اجد نفسي في طريق مختلف ، هل الله لا يحبني كيف يتركني هكذا، ألست عبده وهو خالقي اين حب الله لي وأين حبي لله؟ اين انا وكيف كنت وعلام أصبحت ؟ أسئلة كثيرة ربما تشق بها ظلام الليل وانت تتحدث لنفسك فتسمع صوتا من بعيد ليعلن اذان الفجر بداية يوم جديد ونور جديد ومع الركعة الأولى في الصلاة تسمع ما أراد الله ان يقوله لك بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) (سورة الضحى)
لتكون الإجابة ما ودعك ربك وما قلي وللأخرة خير لك من الأولى يا رب اني تائهة فخذ بيدي واجعل الاخرة حقا خير من الأولى ، أرأيت الحب ؟ بل ازيدك من الحب حبا وطمأنينة ، فالله عز وجل يعلم ما تجول به نفسك ، ويجيبك سبحانه وتعالى بقوله وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ، اتريد دليلا يا عبدي على العطاء الذي لا ينقطع ، وعلى الحب الذي لا ينقطع ، أتبحث عن الحب عند غيري وها هو الحب والتدبير والعطاء لك لا ينقطع ، أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ، بلى يا رب سبحانك فأنت الهادي والعاطي والغني الذي لا شريك له ، سبحانك يا رب ، بل لم يتركنا الله في هذا الوقت العصيب الذي ننتظر فيه تحقيق احلامنا ونرى فيه الدنيا على المحك ، ونشعر بقسوة الظروف والقلوب التي تحيط بنا ، بل اعطانا سرا من اسرار الشعور بالسعادة الى ان يتحقق ما ترنو إليه يا عبدالله انها رسالة تحتاج منا لتأمل فقال سبحانه ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) يا الله سبحانك علمنا وافتح قلوبنا بنور العلم والايمان انه العلاج إلى أن ترى ما اردت تحقيقه إلى أن ترى فضل الله عليك وكرمه وعطائه عليك باليتيم فلا تقهر ، وعليك بالسائل فلا تنهر ، وعليك بالحديث عن نعم الله عليك وهنا تكون المعجزة في آيات الله لا ينفك عنها الاعجاز الدائم فما هي الا وحي يوحى ، يطالعنا علماء النفس ممن تخصصوا في البرمجة اللغوية العصبية بقولهم أن العقل يختزن دائما الحوار القائم بين الانسان وذاته فإذا تحدث بإيجابية عن نقاط القوة لديه وانه يستطيع ان يحقق أحلامه بإذن الله عز وجل، وأنه قادر على النجاح يختزن العقل الباطن هذه الطاقة الإيجابية ليعطيها له وقت الحاجة فيكون مزيدا من الدعم وبدون ان تشعر يجعل الله لك من نفسك رافدا متعاونا معك بقدر ما تعطيه من طاقة إيجابية وتفاؤل وامل ، يعطيك ما تحتاج من كل هذا وتستمر الحلقة دون انقطاع ، والعكس بالعكس فكأن الله عز وجل ، أراد بهذه الروشتة العلاجية ان تصنع من نفسك مركبا تنجو به من العراقيل والعقبات التي قد تقف امامك وتحول دون تحقيق احلامك ، أرأيت الحب، الحب نور يعطيه الله لمن يشاء ففيه السكن والطمأنينة والمودة لليتيم والسائل ، عليك بهذا الحب ، حتى تشفى ، فبداخلك انت مفتاح الحب ، بعقلك انت الحب ، بقلبك انت الحب ، غير من نفسك ستجد الحب الذي تبحث عنه ، انظر للدنيا بمنظور مختلف كما ارشدك الله سبحانه وتعالى ، سترى ما تبحث عنه بداخلك وستجد الطريق لضالتك من ذلك النور الذي يحي قلبك بعدما تشعر بجميل العطاء لليتم والسائل ، بعدما تشعر بجمال الدنيا عندما تتحدث عن نعم الله عليك قاصدا بها الشكر والامل في غدا أفضل، وليس جرح قلوب محرومة ، عليك ان ترعى مشاعر الاخرين وستجد من يحنو عليك ، عليك ان تحب الخير لغيرك وستجد من يحب لك الخير ، عليك ان تنشر السعادة وستجد السعادة تبحث عنك ، علينا جميعا ان نبحث عن الحب الحقيقي ، فحب الله يغنينا عن البحث عن الحب في قلوب البشر ، وان استطعنا او لم نستطع فحب الله نعمة لا يحاكيها حب ، حب الله شفاء من كل داء ، ولا انكر حاجتنا كبشر لمن يسدي لنا تلك المشاعر الطيبة ولكن لا تنتظر غيرك ابدأ بنفسك وتعلم من ربك كيف يعطينا ونعصيه كيف يفتح لنا أبواب رحمته ، وينتظرك بشوق ليقول لك لبيك عبدي ، كن حبيبا تعلم الحب من الله فستجد الحب في طريقك يبحث عنك دون ان تجلس تنتظره ، اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وصلي اللهم على محمد واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم