الأحد 22 سبتمبر 2024 / 19-ربيع الأول-1446

كاشغـري.. ماذا بعد العـاصفــة ؟



كاشغـري.. ماذا بعد العـاصفــة ؟
د. خالد بن سعود الحليبي.

هل كانت مفاجأة؟ نعم لكثير من الناس كان إعلان حمزة عن أفكاره المنحرفة مفاجأة، ولكنها كانت متوقعة من الذين قرأوا أفكاره من قبل، أو كانوا قريبين منه. حمزة ليس وحده، بل ربما كان هناك من يؤمن بشيء من وسوساته، ويسيخ في شبهاته، ويتلمظ بكلماته، ولكنه لم يفصح عنها.

وإذا كنا قد لعقنا الأمرين ونحن نعالج أفكار الانحراف الكفري بعد أن استشرى وكثر معتنقوه، فها نحن أولاء نبدأ معركة جديدة مع الانحراف الفكري، وأخشى أن تتسع الدائرة دون أن نشعر كذلك.

إن العاصفة التي واجهت هذه الهرطقات الكفرية كانت مجدية في إثارة الغبار حولها، بحيث تمنع من رؤيتها، ومن ثم من تحليلها، ولذلك فائدة لا تنكر، تتمثل في ردع أمثال هذا الشاب عن التصريح بالرؤى الشيطانية التي أخبر النبي «صلى الله عليه وسلم» أنها قد يجدها أي إنسان (مؤمن)، وأمر المؤمن بعدم ترجمة هذا الشعور إلى قول؛

فقد روى البخاري في صحيحه قول النبي «صلى الله عليه وسلم»: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته، وروى أبو هريرة «رضي الله عنه» كذلك: قال: «جاء ناس إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) من أصحابه فقالوا: يا رسول الله إنـا نجد في أنفسنا الشيء يعظم أن نتكلم به، ما نحب أن لنا الدنيا وأنا تكلمنا به، فقال أو قد وجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان»،

وحديث ابن عباس «رضي الله عنهما»، جاء رجل إلى النبي «صلى الله عليه وسلم» فقال: إني أحدث نفسي بالأمر لأن أكون حممة (فحمة) أحب إليّ من أن أتكلم به، قال الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة».

إذن مثل هذه الأفكار قد تتوارد على الذهن؛ ولكن ليس من حق أحد أن يؤمن بها فضلًا عن أن يصرّح بها، بل يجب أن يسأل أهل الذكر عنها، فلكل سؤال جواب، وإنما تدفع الشبهة بالعلم.

يعنيني هنا: الذين حرّكتهم غيرتهم على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا وتابعوا ورفعوا قضايا، أرى أن عليهم أن يبادروا بمشروع مبتكر لحماية الشباب من هذه المنزلقات، قبل أن يقع الفأس في الرأس،

فإن العقوبة المترتبة على مثل هذا قد لا ترفع بتوبة صاحبها؛ التي يعقدها بينه وبين الله، فمتى نحوّل مشاعرنا إلى مشروعات؟

 


  

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم