يعتقد الوالدان أن الأبناء يتقبلون انفصالهما تلقائياً دون وعي أو إدراك للتأثير السلبي على نفسياتهم ومدى قدرتهم على التكيف مع الأوضاع الجديدة التي من ستتغير عليهم.
ولا يتوقع الوالدان مقدار الأسى الذي سيرافق أبنائهم في جميع مراحل حياتهم، فالانتقال للعيش بين منزلي الأم والأب، يكرس الشعور لدى الطفل بعدم الاستقرار، بما يؤثر سلبياً على سلوكياته، ويؤدي بالتالي إلى أن يكون أكثر عرضة للمشكلات السلوكية والصحية والنفسية، والتي أحدها الشعور بالحرمان ونقص الإشباع العاطفي الذي يحتاجونه من والديهما معاً ليكتمل بنائهم النفسي والاجتماعي.
تظهر مشكلات مستقبلية عند الأطفال مثل العناد واضطرابات القلق الزائد والعزلة والكروب النفسية. وبالتصاق الطفل بوالده الحاضن يفقد الطفل كثير من المهارات الاجتماعية بسبب رفضه للأقران وتفضيله للاندماج بوالده الحاضن وعدم ثقته بالآخرين مما يعوق نموه الاجتماعي.
ومن السلبيات كذلك تدنى التحصيل الدراسي لدى الأطفال وظهور سوء التوافق المدرسي في أشكال عديدة منها الغياب المتكرر وإهمال الواجبات المدرسية وانخفاض الانجاز الأكاديمي، بل ويؤدي إلى خلل في القدرات المعرفية ومشكلات الانتباه والتركيز والإدراك لافتقار الأطفال للأمان والأجواء الأسرية الصحية.
ونكاية بالطرف الآخر فقد يلجأ الحاضن لتهديد الطفل بسحب الحب كشكل من أشكال الإذلال والتأثير غير المباشر على تقبل الطفل لوالده الآخر مما يؤدي به إلى التناقض الوجداني والاضطراب النفسي للطفل.
وقد يستخدم الضرب أو التوبيخ او الحبس أو يترك الحاضن الطفل للخادمة أو لأحد أقرباءه لرعايته خلال الأيام المعدودة التي يقيم فيها عنده أسبوعياً، أو يشكوه الزائر مدعياً كذباً ارتكاب الحاضن أفعالاً سيئة بالطفل، وغير ذلك من أساليب التعامل السلبية التي تترك آثارها السوداوية في نفسية الطفل مما يمارس حوله من الوالدين، بما يدفعه في كثير من الأحيان لرفض الانصياع لرؤية الزائر ويستمر الطفل مشتتاً بين صراعات الوالدين ويشعر بأنه أداة تستخدم للتنكيل ولتصفية الحسابات التي كانت بينهما قبل الطلاق ولم تحل.
لابد من حماية الأطفال من التعرض لتداعيات الطلاق، حيث تبدأ معاناة الأطفال، وتزداد إذا لم يتوقفا الوالدان بعد الطلاق عن الصراع مجدداً في شأن أطفالهم على (الحضانة والنفقة والرؤية).
والأكثر أهمية في هذه المرحلة هو الاتفاق على ما يخص مصلحة الأبناء، ليشعروا بالاستقرار بعد انفصال الوالدين، وليتأقلموا مع التغيير المفاجئ الذي طرأ على حياتهم دون أي ذنب ارتكبوه.
على الآباء والأمهات التواصل بشكل فعال مع أطفالهم بعد الطلاق، ويفترض عليهم إدراك أن الانفصال ربما يكون أسهل على الأطفال في حال تم التمهيد له بشكل تدريجي وصحيح، عن طريق مناقشتهم فيه، ومشاركتهم الأمر بهدوء، والتأكيد على أن لا علاقة لهم به، ويجب على الوالدين أن يراعوا الاحترام المتبادل فيما بينهم، وعدم تقليل أي طرف من شأن الطرف الآخر، وعليهما بشكل أساسي عدم إظهار الخلافات والمشاكل التي بينهما أمام الأبناء، حتى لا يكونا سببا في شقائهم وتلويث بناء حياتهم.
ومن الأفضل حرص الوالدان على التواصل الدائم والمستمر كلما كان ذلك ممكناً.
وكما قيل فمبدأ الوقاية خير من العلاج فإن تضرر الطفل فإن الأخصائي المعالج يقوم بالتركيز على تعريض الطفل بالتدريج لموقف الزيارة الذي يسبب قلق الانفصال المخيف للطفل مع استخدام فنية التعزيز التفاضلي لأي سلوك يقوم به باتجاه السلوك المستهدف مما يقلل من استجابة القلق المرتبطة بها، مع وضع استراتيجية معرفية وتدريبات استرخائية وتخيل مناسبة لمساعدة الطفل على السيطرة على القلق فيشعر بالأمان والطمأنينة ويستقل بشخصيته عن الاعتمادية على والده الحاضن بالتدريج وتزيد ثقته بنفسه.
من خلال تنفيذ جلسات علاجية لكف قلق الانفصال لدى الطفل وإرشاد سلوكي مرافق للوالد الحاضن، وفي حالة لم تستجيب الحالة بالجلسات العلاجية فيتم اللجوء للعلاج الطبي.
—————————————————–
بقلم أ. مجدي نجم الدين
* المرشد الأسري