في حياتنا العاديّة، نساءً ورجالاً، تمرُّ علينا أنواع من الناس (غير شريك حياتنا) نرى فيهم ميزات وإثارة. ولكننا ننظر إلى شريك حياتنا بعين الاعتبار، فالأمر لا يتعدّى أكثر من كونه تقديراً للجمال. وهذا الأمر، يحصل خاصة عندنا نحن النساء. أما الرجال، فالأمر عندهم مختلف قليلاً. فالرجل يقوم بتخزين ما يشاهد بشكل غريزي أكثر.
وهو أقل سيطرة على تلك النزعة الغريزية، التي من المفترض أن تكون في مثل الحالة التي نتحدث عنها مُجرَّد نظرة والسلام.
يحصل أحياناً أن يكون الأمر لا يتعدّى نظرة. لكن قد تكون هناك امرأة حول شريك حياتنا، تخطف قلبه غريزياً، تلمس من عينيه وأنفاسه حالة لا يمكن أن يُقال عنها غير حالة عشق وشهوة. بالطبع، ليس من الضروري في هذه الحالة أن يكون شريك حياتنا له علاقة بتلك المرأة أو أن تكون هي منتبهة للحالة التي يمر بها. فالمسألة قد لا تتعدّى حالة خاصة: هو أصيب بها وهو غير مُلام، فالانشداه وحالة الرغبة، هما مسألة خارج إرادة الإنسان. ولكن ما ليس خارج إرادته، هو نقطة تحوّل الإحساس إلى فعل.
إنّ قلق المرأة على حكاية خطف الرجل منها، أو ذهابه من جراء نفسه إلى امرأة أخرى، هو قلق شديد. ولكن هذا القلق من المفترض أن يدخل في دائرة الحكمة، حتى تُميّز المرأة، ما إن كانت كلّ الحكاية مُجرّد نظرة، أم أنّ هناك خطراً فعلياً يستحق القلق.
هناك علامات مُعيّنة يجب على المرأة أن تدرسها، حتى تعرف على أي أرض تضع أقدام شكوكها. ومنها أن تكون لزوجها مثلاً تجربة خيانة سابقة، أو أنّه قد سبق أن تحدث معها عن الملل وحاول إقناعها بأن لا بأس بأن ينظُر الآخر إلى جهة أخرى. ومن تلك العلامات أيضاً، أن تكون قد بدأت في الفترة الأخيرة تلحظ تذمّره من تَقدُّم العمر وفوات الأوان. أو شعرت بأنّه بدأ يختلق المشاكل ويقول إنّه لم يُعد يحتمل حياته وإنّه مُتململ. وهذه الاحتجاجات تحصل من دون مُقدّمات ومن دون مُبرّرات منطقيّة. ومن العلامات المهمة أيضاً، أن تكون المرأة قد بدأت تلحظ نسبة شجار عالية بينها وبين زوجها، وأن تكون حياتهما الجنسية قد توقفت تماماً، أو باتت أنشطتهما في هذا السياق قليلة ومُملة لها وله.
هذه العلامات، هي التي من المفترَض أن تُثير فيكِ القلق، خصوصاً حين ترين عينيه الرّاغبتين بدأتا تُطالعان مكاناً آخر.
ولأنّ الأمر هو عبارة عن شك ومعه دلائل معه خوف شديد، فستكونين في رَبْكة شديدة من أمرك. تتطلب هذه الرَّبْكة ألّا تكوني وحدكِ. هناك شخص ما يجب أن تستعيني به. المهم ألّا تختاري شخصاً واحداً فقط، وكيفما اتّفق، بل يجب أن تختاري شخصاً يمتاز بعنصر الثقة، والحكمة والذكاء، كصديقة لك أو أمك أو مثلاً مُعالجة نفسيّة. فهذه الأمور تحتاج إلى حكمة حتى لا يعطي الشخص الذي استعنتِ به رأياً يجعل الأمور أسوأ. ذلك لأنّ الرجل، إن كانت عينه قد ذهبت إلى مكان آخَر، وشعر بأنك تحاولين القيام بحركة معه، ففي هذه الحالة يكون الأمر أشبه بدفعه ليجعل الفكرة تُطبّق حتى لو لم يكن مقتنعاً، لأنّ إحساسه بأنّه مُرابَب ومُتَّهم، وبأنّ هناك أطرافاً غير زوجته تتدخّل في الأمر، سيخلق عنده حالة نفسية غير جيدة.
هناك حركة فطريّة تقوم بها الكثيرات من النساء، حين تشعر الواحدة منهنّ بأن عيني زوجها “زايغتان” وتَجُولان في مكان آخَر، وهو التقرُّب من تلك المرأة. وفي الحقيقة، إنّ هناك فوائد من هذا التقرُّب، منها أنّها تُفشل خطّته وتُفشل خطتها في حين لو كانت هذه الخطة موجودة فعلاً. ومنها أنها تعرف نقاط ضعفها وقوّتها. ولكن الأمر في أساسه يتمحور حول: كيف تتقرّبين؟ وإلى أيّ درجة أنتِ ضابطة أعصابك؟ مرّت عليَّ حالة لم تستطِع ضبط أعصابها، وصلت إلى ضرب الأخرى التي أصلاً ما كان لها ذنب لوجود رجل مُعجَب بها. وهناك أخرى تقرّبت لدرجة إغراقها بالهدايا ومع ذلك، خطفت امرأة غريبة زوجها. لذا، فحتى التقرُّب يجب أن يكون فنّياً ومدروساً.
بعض النساء أنفاسهنّ طويلة، فمن الأسهل للواحدة منهنّ أن تعيش في عذاب الشك وهي ترى زوجها ينزلق عاطفياً وشهوةً نحو امرأة أخرى، على أن تواجهه. وهناك نساء يرين المواجهة أريح وأفضل لهنّ. وحين تأتي الواحدة منهنّ إلى المواجهة، لابدّ من ذكاء ووضع كلّ الاحتمالات. فهل هذه المواجهة سوف ينتج عنها دمار أو إصلاح للزواج؟ وما قدرة تحمُّل الزوجة لكلِّ ذلك؟ هذه مسألة شخصية، المرأة هي التي تُحدد قدرتها فيها.