الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

فقه رمضان 2



 

  • الوقفة الرابعة : اختص الله شهر رمضان بنزول القرآن العظيم فيه ، و هذا يدلنا على وجود علاقة عظيمة بين رمضان و القرآن ، فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا جاء رمضان تدارس القرآن مع جبريل عليه السلام في كل ليلة من ليالي رمضان ، ففي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ” كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ” ، وفي هذا الحديث دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان وخاصة ليلاً .

فالقرآن الكريم هو كلام الله و هو معجزة هذه الأمة ، و هو أفضل ما تقضى معه الأوقات تلاوة و حفظاً و تدبراً و عملاً بأحكامه ، فكم سنجعل لكتاب الله خلال شهرنا و ما بعده ؟ يقول الله تعالى : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) يجب علينا أن نجعل للقرآن أفضل أوقاتنا في اليوم و أطولها ،  و ليس فضول أوقاتنا و أقصرها ، فإنك بقدر علاقتك بكتاب ربك تكون خيريتك و فضيلتك في هذه الحياة الدنيا و في الآخرة ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( خيركم من تعلم القرآن و علمه ) ، و في يوم القيامة ( يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها )  ، فأي فضل تريده و أي منزلة ترغبها بعد هذا الفضل ؟

و أقترح أن يجعل كل فرد منا لنفسه هدف بعدد الختمات التي يعزم على قراءتها خلال شهر رمضان ، ثم يضع خطة مناسبة لهذه الختمات للقراءة اليومية ، فمثلاً إن رغب في قراءة 3 ختمات خلال رمضان ، فيحتاج أن يختم كل 10 أيام ، و عليه أن يقرأ كل يوم 3 أجزاء من القرآن . و هذا هو الحد الأدنى الذي أقترحه عليكم ، و خاصة مع عدم وجود المشاغل الكثيرة هذا العام ، و إن وجدت فالقرآن يحتاج منا أن نخصص له أجزاءً من حياتنا .

أما المثال على الحد الأعلى ، إذا رغب الإنسان في قراءة 10 ختمات خلال الشهر ، فيحتاج أن يختم كل 3 أيام ، و عليه أن يقرأ في اليوم الواحد 10 أجزاء ، و يمكن أن يخصص بعد كل صلاة جزئين أو يقسمها حسب وقته . و من أراد الزيادة أكثر من 10 ختمات فذلك فضل الله يؤيتيه من يشاء ، و الذي يصل لهذا المستوى يضع خطته حسب ما يناسبه .

  • الوقفة الخامسة : من خصائص هذا الشهر الكريم وجود أعظم ليلة في العام فيه و هي ليلة القدر ، التي أخبر الله عن فضل العبادة فيها ، فقال : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) ، و لو تأملنا لوجدنا أن هذه الليلة تكون في نهاية الشهر ، و في هذا الوقت فد يضعف البعض و يتكاسلون عن الطاعات و العبادات ، و لكن أصحاب الهمم العالية أمثالكم يجعلون البدايات تهيئة واستعداد للنهايات ، فتزيد طاقتهم للعبادة في نهاية الشهر حتى يستمروا عليها بعده ، و هذا من معاني تحقيق غاية التقوى المقصودة من الصيام ، نسأل الله أن يبلغنا إياها و يجعلنا من الموفقين للعبادة و الذكر فيها ..
  • الوقفة السادسة : أوقات فاضلة احرص على اغتنامها و عدم تفويتها :
  • الوقت الأول : قبل الإفطار فإنه موطن استجابة للدعاء ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم ” للصائم عند فطره دعوة لا ترد ” فلنستغل هذا الوقت بالدعاء ، و لنجعل ألستنا تلهج بالدعاء حتى و نحن على مائدة الإفطار أو و نحن نعمل في إعداده ، و إذا بالإمكان الانتهاء من الإعداد قبل الأذان بوقت للتفرغ للدعاء فأفضل .
  • الوقت الثاني : قبل أذان الفجر و هو وقت السحر ، و ينبغي الحرص فيه على أكل السحور ، لما فيه من البركة و الفضل العظيم و السنة تأخيره ، و كذلك الحرص في هذا الوقت على عبادة الذكر و الدعاء و خاصة الاستغفار ، فقد ذكر الله من صفات عباده المؤمنين أنهم ( بالأسحار هم يستغفرون ) ، و هو وقت تنزل رب العز و الجلال إلى السماء الدنيا (فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر ) فلنحرص على عدم الانشغال بملهيات الدنيا من مسلسلات و ألعاب و أجهزة إلكترونية و غيرها و خاصة في هذا الوقت .
  • الوقت الثالث : هو بعد صلاة الفجر ، فيسن الجلوس في مكان الصلاة و الانشغال بأذكار الصباح ثم قراءة القرآن و التأمل و التدبر في حال النفس و الكون ثم صلاة ركعتين بعد شروق الشمس و ارتفاعها قدر رمح ، فقد جاء في فضل هذا الوقت قول النبي صلى الله عليه و سلم ” من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كتب له أجر حجة وعمرة تامة تامة “

_____________________

بقلم: عبدالله بورسيس

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم