الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

فقه رمضان 1



 

لن أتحدث عن فقه رمضان بالمعنى الإصطلاحي و الذي يعني فهم الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام و العبادات في رمضان ، و إنما سأتحدث عن فقه رمضان بالمعنى اللغوي و الذي يعني فهم الأمور التي تجعلنا نستثمر شهر رمضان بأفضل طريقة ممكنة للحصول على أعظم المكاسب بعد نهاية هذا الشهر العظيم و الموسم الكبير .

و هي عبارة عن مجموعة من الوقفات و التأملات في بعض خصائص هذا الشهر المبارك ، أسأل الله أن ينفعني و إياكم بها و أن يجعلها في ميزان حسناتنا جميعاً ..

  • الوقفة الأولى : رمضان موسم مبارك ، جعله الله لاكتساب الحسنات و مغفرة الذنوب و السيئات ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم : ” من صام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ” ، و يقول : ” من قام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ”  .. و لكن هنا سؤال .. هل يحرم من هذا الفضل أحد ؟

جاء في الحديث عن جابر بن سمرة قال : ” صعِد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنبرَ ، فقال : آمين ، آمين ، آمين ، فلمَّا نزل سُئل عن ذلك ، فقال : أتاني جبريلُ ، فقال : رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ” أي: خاب وخَسِر وذَلَّ وعَجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن أدرَك شَهرَ رمَضانَ، فكَسِلَ عن العِبادةِ ولم يَجتَهِدْ ويُشمِّرْ حتَّى انتَهى الشَّهرُ فلم يَظفَرْ ببرَكةِ الشَّهرِ الكريمِ ولم يُغفَرْ له .

فتأمل في خطورة هذا الدعاء إذ أن الداعي أفضل الملائكة و هو جبريل عليه السلام و الذي أمَن على الدعاء هو أفضل البشر عليه الصلاة و السلام .

فكم من صائم حظه من صيامه الجوع و العطش و كم من قائم حظه من قيامه السهر و التعب .. نسأل الله أن يعفو عن تقصيرنا ، و أن يعيننا على الصيام و القيام و صالح الأعمال .

  • الوقفة الثانية : أن الله سبحانه و تعالى هو الذي اختص بأجر الصيام فقال في الحديث القدسي : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به  ) ، فقد أخفى الله أجر الصائم ليعلم كل مسلم أن الأجر يختلف باختلاف أحوال الصائمين ، فمن الناس من يقضي كل صيامه في نوم و راحة ، و منهم من يجتهد في العبادات و الطاعات كالمحافظة على الصلوات في وقتها ، و قراءة القرآن و قضاء احتياجات الأهل ، و القيام بالأعمال الوظيفية على أحسن وجه ، و تحمل أذى الآخرين ، و إن سابه أحد أو شاتمه أو أخطأ عليه قال ” إني صائم ” ، فهل يستويان في الأجر و الثواب !!
  • الوقفة الثالثة : ما الغاية من الصيام و كيف نحققها ؟

يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) ثم حدد الغاية و الهدف من هذا الصيام و هو تحقيق التقوى فقال ( لعلكم تتقون ) .

و نعرف أننا حققنا هذه الغاية بأن نزيد في أعمالنا الصالحة بعد رمضان عما كانت عليه قبله ، فالمسلم في رمضان تعتاد نفسه على فعل الخير و الزيادة من الطاعات ، كقراءة القرآن و قيام الليل بصلاة التراويح و التهجد ، و الإكثار من الصدقات و بذل المعروف ، و الحرص على المحافظة على صومه من الرفث و الفسوق و كل ما ينقصه .. فما الحصيلة التي سيخرج بها من هذه الطاعات بعد رمضان ، و ما النوافل التي سيستمر في المحافظة عليها بعد رمضان حتى يحقق معنى التقوى ، و هي أن تجعل بينك و بين عذاب الله وقاية بفعل أوامره و اجتناب نواهيه .

1 -2

__________________

بقلم: عبدالله بورسيس

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم