الخميس 19 سبتمبر 2024 / 16-ربيع الأول-1446

عندما يموت الحب وتنتحر الذات



إنه تجربة وجودية عميقة تنتزع الإنسان من وحدته القاسية الباردة لكي تقدم له حرارة الحياة المشتركة الدافئة وتجربة إنسانية معقدة … وهو أخطر وأهم حدث يمر في حياة الإنسان لأنه يمس صميم شخصيته وجوهره ووجوده … فيجعله يشعر وكأنه ولد من جديد…..

الحب هو جنة الدنيا وفردوس الحياة إنه الأمل الذى يشرق على القلوب الحزينة فيسعدها ويدخل إلى القلوب المظلمة فينيرها ويبدد ظلمتها ويتسرب إلى الجوانح فيغمرها بضيائة المشرق الوضاء.

 

لقد قالوا الكثير والكثير في متناقضى الحب وامراض القلوب من الحقد والكراهية والحسد والضغينة…. وتاثيرهما على الذات والآخرين قالوا: مهما تكلم الرجل فلا يقدر على شرح الحب، ولكن يكفي أن تتفوه المرأة بلفظ واحد فتذيب من الحب ما لا يسعه قلب الرجل. – كيتي هولمز

 

إن المرأة كفء لأن تمارس أعمال الحرب وأعمال السلم معاً وأنها قادرة على دراسة الفلسفة وأن الكلبة الأنثى تحرس القطيع كما يحرس الكلب الذكر وأن المجتمع العربي لن يرقى إلا إذا كف الرجل عن استعمال المرأة لمتعته وقصر نشاطها على البيت. – ابن رشد ( فيلسوف أندلسي )

 

“وأوقد الشوق في الأحشاء نيرانا” ابن الرومي

 

إني وجدت الهوى في الصدر إذ ركدا، كالنار بل زاد جوف الصدر متقدا”النار تطفئ ببرد الماء إن ضُرمت، ولو ضربت الهوى بالماء ما بردا  ..العباس بن الأحنف

 

أعطوني زوجة كالقمر الذي لا يظهر في سمائي كل يوم” ” ﻻتقل لي كم هو القمر مضيء، بل أرني وميضاً من الضوء على زجاج محطم ..تشيخوف

 

هناك اشخاص عندما تلتقي بهم تشعر كأنك التقيت بنفسك” الصداقة كالحب. كسر لعزلة القلب وتدمير لصقيع الغربة ..غادة السمان

 

عكس الحب ليس الكراهية، بل اللامبالاة” ايلي ويزل

 

“في الحب واحد وواحد يساوي واحد” جان بول سارتر

 

ولكن تأثير الحب على الذات والآخرين وأمراض القلوب المشار إليها هو ما نريد أن نركز عليه هنا في هذه المقالة .

قال الحسن: أصول الشرِّ ثلاثة وفروعه ستة، فالأصول الثلاثة: الحسد، والحرص، وحب الدنيا، والفروع الستة: حب النوم، وحب الشبع، وحب الراحة، وحب الرئاسة، وحب الثناء، وحب الفخر.يحسد أحدهم أخاه حتى يقع في سريرته وما يعرف علانيته، ويلومه على ما لا يعلمه منه، ويتعلَّم منه في الصداقة ما يعيِّره به إذا كانت العداوة، والله ما أرى هذا بمسلم.

 

وقال بعض الحكماء: ما أمحق للإيمان، ولا أهتك للستر من الحسد؛ وذلك أن الحاسد مُعانِد لحكم الله، باغٍ على عباده، عاتٍ على ربه، يعتدُّ نِعَم الله نِقَمًا، ومزيده غِيَرًا، وعدل قضائه حيفًا، للناس حالٌ وله حال، ليس يهدأ، ولا ينام جشعه، ولا ينفعه عيشه، محتقرٌ لنِعَم الله عليه، متسخِّط ما جرت به أقداره، لا يبرد غليله، ولا تُؤمَن غوائله، إن سالمته وَتَرَك، وإن واصلته قَطَعَك، وإن صَرَمته سبقك

وفي الصحيحين عن أنس – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((لا تباغضوا ولا تقاطعوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا))، وفي “صحيح ابن حبان”:

((لا يجتمع في جوف عبدٍ الإيمانُ والحسد))، ورواه البيهقي أيضًا من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – مرفوعًا.

 

وروى الطبراني بسندٍ رجاله ثقات عن ضمرة بن ثعلبة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال الناس بخيرٍ ما لم يتحاسدوا)).

وروى البزار بإسناد جيد والبيهقي وغيرهما عن الزبير – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، أمَا إني لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين)).

 

وحقيقة الحسد: شدَّة الأسَى على الخيرات تكون للناس الأفاضل، وهو غير المنافسة، وربما غلط قوم فظنُّوا أن المنافسة في الخير هي الحسد، وليس الأمر على ما ظنُّوا؛ لأن المنافسة طلب التشبُّه بالأفاضل من غير إدخال ضرر عليهم، والحسد مصروفٌ إلى الضرر؛ لأن غايته أن يُعدم الأفاضل فضلهم، من غير أن يصير الفضل له، فهذا الفرق بين المنافسة والحسد.

 

أما الحقد لغة: فهو إمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها. واصطلاحاً: طلب الانتقام وتحقيقه. وقيل: هو سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة.ومن مترادفاته الضغينة: هي الحقد الشديد أو الحقد المصحوب بالعداوة.و النقمة: وهي الكراهية التي تصل إلى حد السخط.و الغِل: قال القرطبي: هو الحقد الكامن في الصدر.

 

وقال الغزالي: “إن من آذاه شخص بسبب من الأسباب وخالفه في غرضه بوجه من الوجوه, أبغضه قلبه وغضب عليه ورسخ في قلبه الحقد عليه, والحقد يقتضي التشفي والانتقام, وقد يحدث الحقد بسبب خبث النفس وشحها بالخير لِعِبادِ الله”.

 

أما عن الحب بمعناه الشامل فقدأكد علماء في جامعة “يونيفرستى كوليدج” أن أعراضه لا تظهر فقط في صورة تعبيرات الوجه والسلوك, ولكن للحب القدرة على إحداث تغيرات في المخ, وفي أقصى درجاتها تشبه تأثيراته المخدر.

إن الإشارات الإيجابية المنبعثة من المخ عند رؤية الأشياء والأشخاص الجذابين تسبق تكوين الشعور ذاته, وتعلو على الإحساس الداخلي بقيم الجمال كما يسبق تلك الإشارات الكهربية نشاط كل من حواس البصر والتذوق بمقدار 50 في المئة, حيث إن تذوق الجمال هو عبارة عن تصورات كهربية تحفزها كيمياء المخ في الأساس, بينما تشكلها الحواس الإنسانية الأخرى كالاستماع لجاذبية الصوت والانبهار بجمال الصورة, وهنا دلت استكشافات علم الأعصاب على أن أسرار الحب تكمن في المخ, وأن الأحاسيس غالبًا ما تكون بريئة منها.

 

وعلى الرغم مما كان معروفًا بأن أوامر الحب تتشكل عن عدة أسباب, منها إما أن تكون تعبيرًا عن اجتياح شعور عام بالارتياح تجاه شخص معين, أو تفرد هذا الشخص بوجود صفة مميزة له كأن يكون صاحب عين جذابة, أو لمسة ساحرة, أو قوام مثالي, أو صاحب عقل او قلب فريد, ومن هنا جاء انبهار بعض الفتيات والشبان باشخاص معينين والوقوع في غرامهم, لأنهم يحملون رسالة فكرية أو قيم جمالية معينة, أو وجود صفة معينة يفتقدها في الآخرين, إن الحب ونقيضه هو جماع ما في الوجود من تناقضات فرغم أن المحبين قد يميلون في الغالب إلى العزلة إلا أنه هو الذي يسمح لهم بفهم أنفسهم والعالم المحيط بهم وهو في الحقيقة أدق وأعمق من التملك لأنه يتطلب موافقة المحبوب , ولا شك أن الظفر بذلك يستلزم مطلق الحرية .

 

فالحب لا يقهر المحبوب و لا يؤخذ غلابا !! وقد يكون أحد صوره القبول والإيجاب ونهايته أو بدايته الزواج !! .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم