الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446
  • الرئيسيه
  • اسريات
  • عندما تتواجد الأم بجسدها وتغيب عاطفيًا .. ماذا يحدث للأبناء؟

عندما تتواجد الأم بجسدها وتغيب عاطفيًا .. ماذا يحدث للأبناء؟



“عندما تتزوجون وتنجبون ستعلمون كيف تعبنا لنربيكم”، عبارة كثيرًا ما نسمعها نحن الأبناء من آبائنا وأمهاتنا، وما نلبث ندرك الأمر بالفعل كما وصوفه لنا بعد الزواج والإنجاب، فنقدر ما بذلوه من أجلنا.

إلا أن هناك آخرين لم يحظوا برعاية والدية، إذ لم يتواجد الأب أو الأم  في حياتهم، بشكل حقيقي،  ومن ثم فقدوا روابط عاطفية بهم لا يمكن تعويضها.

عبر السطور التالية سنتحدث عن الفقد العاطفي للأبناء عندما تغيب “الأم” عن حياتهم “عاطفيًا”  منذ الطفولة، لنرى آثار ذلك وعواقبه الجسيمة على نفسياتهم.

لا ينعكس الأثر السلبي لغياب الأم عاطفيًا عن حياة أبنائها عليهم فقط، بل وبحسب الاختصاصيين على الأحفاد أيضًا،  ليصبح الأمر حلقة مفرغة من  انتقال الغياب العاطفي، وما ينتج عنه من مشكلات نفسية يتوارثها الأحفاد من الأبناء.

لذا تنصح  جاسمين لي كوري صاحبة كتاب  “الأم الغائبة عاطفيا The Emotionally Absent Mother” من تعرض لتجربة الغياب العاطفي للأم بالتالي حتى يتم التعافي من آثار الخبرة المؤلمة:

أولًا: ضرورة البحث عن نموذج الأم الراعية، التي تحتوي وتضم وتدفيء وتنصت وتربي وتحب بدون شروط فيمن حولك، ففقد هذا لدى الأم البيولوجية لا يعني الاستسلام، بل البحث عن نموذج  في  شخص أكبر أو أصغر سنًا من محيطك، المهم أن يتمتع بسمات الأم النموذج.

ثانيًا: تنصح جاسمين من فقد أمه عاطفيًا بأن يتعامل مع نفسه برفق الأم، وعناية الأم، وكأنه أم لنفسه: تقول:”  إذا كنت تتعاملين مع نفسك بشكل غير جيد، مما يلحق بك الضرر، فلا تتناولي الطعام بشكل صحيح، ولا تخصصين وقتا لممارسة التمارين، وتقضين بعض الوقت مع الأصدقاء، ولا تمارسين الهوايات،  إذا كنت تشعرين أنك لا تستحقين المعاملة الجيدة من الآخرين ومن نفسك، فعليك أن تدركي أن تغيير هذا الاعتقاد هو أمر أساسي لتحسين حياتك، ولا  تسمحي لهذا الصوت الخبيث في رأسك أن يمزقك، بل كوني لطيفة ورفيقة بنفسك، وخصصي وقتا للأنشطة التي تجلب لك السلام والفرح، تحدثي مع نفسك كأم تتحدث إلى طفل وقولي لها مثلا “لقد عملت لفترة كافية، أنت متعبة الآن وتحتاجين إلى النوم،  تحتاجين إلى إبطاء سعيك وتناول وجبة صحية، لا شيء أهم من ذلك”.

ثالثًا: البحث في طفولة أمك أمر مهم إذ يساعد هذا على الغفران، إذ أنه غالبًا من تكون الأم المسيئة لأبنائها عاطفيًا هي نفسها كانت طفلة تمت الإساءة إليها، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فهي لم تمنحك شيئًا هي في الأصل حرمت منه ولم تناله ولم تعرفه.

رابعًا: وفقا لجاسمين لي كوري، فإن العديد من الأطفال الذين نشأوا مع أمهات غائبات عاطفيًا لم يكن لديهن بيوت “تتمحور حول الطفل”، وتقول جاسمين: “هؤلاء الآباء لم يشرفوا على أطفالهم، ولم يتحدثوا مع أطفالهم، ولم يلمسوا أطفالهم، ولم يكونوا هناك عندما جاء أطفالهم إليهم طلبًا للمساعدة”.

لذا لابد أن تتمحور البيوت حول الأطفال، تسمع لهم وتنصت، وتساعدهم على التعبير عن مشاعرهم، وتتفهمها، وتحترمها، فلا شيء أكثر أهمية من الأمومة، وتحدث الإساءة العاطفية عندما تجعل الأم البيت متمحورًا حولها،  والأشياء التي تشغلها، كمشكلاتها الزوجية، وصعوباتها المهنية، وأزماتها المالية، إلخ.

خامسًا: افهم مشاعرك واحترمها واقبلها،  لا تنكرها، ولا تدفنها، بل عبر عنها كإبن/ابنة لأم غائبة عاطفيًا بالكتابة، أو الرسم،  حتى تتحرر من مشاعرك السلبية وتجد سلامك النفسي.

________________

بقلم | ناهد إمام

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم