«وش رأيكم قبل رمضان نتسامح.. تهدأ النفوس وتستريح الظنون..
أنا على قلة خطئكم مسامح، وأنتم على كثر الخطأ سامحوني..»..
تلقينا مثل هذه الأبيات بداية رمضان، أو ما يشابهها من رسائل يطلب أصحابها الحل والمسامحة، ولا غرابة في ذلك، فالشياطين مصفدة في رمضان، وبالتالي تقترب القلوب من ربها وتعود إلى نقائها، ويتضح لها أن كثيرًا من المشاكل التي وقعت فيها يجب أن تُطوى، فالحياة أقصر من أن تُضاع في مشاكل صغيرة، وكل المشاكل صغائر، كما أنه لا يمكن إضاعة الطاقة والوقت والحسنات في مشاكل مهما رآها أصحابها كبيرة، فهي لا تساوي حجم الخسائر التي تحدث بسببها، وما بقيت آثاره في رمضان يأتي العيد لينظف الباقي، ويعود الإنسان بنفسية مميزة،
وسعي لانطلاقة جديدة غير مثقلة بالأحقاد والمشاكل، كما قال عنترة:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب.. ولا ينال العلا من طبعه الغضب..
وبالتالي يأتي سؤال ما بعد رمضان والعيد: هل ستحصل الانتكاسة ويعود المؤذون لما كانوا عليه من أذى قبل رمضان، فيعاودون السقوط في أوحال نهش الأعراض وتفريق العائلات، وتحطيم الناجحين بألسنتهم وتدخّلاتهم وأسمائهم المستعارة؟!
أتمنى أن تكون الإجابة: لا! فنعيم سلامة القلب الذي عشناه في رمضان والعيد يجب ألا نتخلى عنه، والدنيا قصيرة والأرزاق مقسومة، والموت يتخطّف، والسعيد من وُعظ بغيره، والشقي من وُعظ بنفسه، بالإضافة إلى السلامة من الدعوات، فمن آذى تعرّض لدعوات لا تتوقف وممن؟ من مظلومين ليس بين دعواتهم وبين الله حجاب.
ولذلك على إخواننا المؤذين أن يدركوا هذه الحقيقة ويبقوا على خيريتهم، فالمسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده، كما أخبر الحبيب المصطفى «صلوات الله وسلامه عليه».
كيف؟!
بالاستمرار فيما كنا ندرسه في مدرسة رمضان، وتصفية القلب أولًا بأول، والعزيمة الصادقة على عدم العودة للوحل مهما كانت المسوّغات، وما نجح الناجحون إلا بعزائمهم التي لا تنحني للتفاهات، وأيضًا الحذر من بعض الأصدقاء الذين يوقعون في الأذى بإيغار الصدور عامدين أو ساذجين، فمثل هؤلاء قربهم خسارة، ولذلك فمعالجتهم أو التخلص منهم أمر يستحق.
أخي العزيز/ أختي العزيزة
حللناك في رمضان، فهل ستعود لما كنت عليه قبل رمضان، إن عُدت فلا أعتقد أننا سنحللك مرة أخرى.
——————————————–
بقلم أ. د. شلاش الضبعان
المصدر : صحيفة اليوم