الجمعة 20 سبتمبر 2024 / 17-ربيع الأول-1446

سيكولوية فاسد والإعلام الموالي لغير ما يرضي الله ورسوله



لقد انتشر الفساد في الاجواء العربية خاصة الفسادُ حتى بمعناه اللغوى الاصيل وهو التّلفُ والعطبُ، والاضطرابُ والخللُ، وإلحاقُ الضرر، وكذلك بأشكاله السياسي وهو المرتبط عادة بالخيانة والجاسوسية، ويحقق الفاسد سياسيا لذاته من الأعداء مكاسب سياسية ومالية، والفساد المالي والإداري حيث السرقة والرشوة والمحسوبية ناهيك عن البلطجة باشكالها المختلفة، وقد تأخذ شكلاً خفيفا مثل السمسرة او الكومشن! وبدل الأتعاب والهدية، ورد الجميل. وهذا يؤدي حتماً إلى الفساد الأخلاقي والاجتماعي.

 

وقد حقق الفاسدون لذواتهم باستيلاب ذوات الاخرين، وممتلكاتهم وأموالهم، هذا المكون والذى أفسد البلاد والعباد وأتى على الأخضر واليابس متبعاً سياسة الارض المحروقة لكل القيم النبيلة في المجتمع فتفككت الروابط وأُهدرت القيم.

 

 

لقد أصبح للفساد في بلادنا حصونه التى تنميه وتحرسه وترعاه وتحفظه من الهلكة، من اعلى المستويات الى ادناها فنمى وترعرع وقويت شوكته، له نخَبُهُ وقوانينه الخاصة، وشروط إمتهانه بإحترافية، ولا مكان فيه لذوي الضمائر الحية والقلوب الضعيفة، أو لمن يملك مقدار حبة من خردل من ايمان، الفساد بات يملك وسائل الترغيب والترهيب والاكراه، ويزرع إيديولوجيا للسيطرة على العقول، والعمل على تدجينها وتطويع تفكيرها لصالحه، بات يملك قدرة خارقة للاستقطاب والاستدراج الى مدارجه ومسالكه ومهالكه.

والفاسد مع تكرار ممارسته للفساد، تنحط لديه معاني المروءة، والكرامة، وتنعدم لدية الحساسيات الأخلاقية فتتداخل عنده القيم الحميدة مع قيم الوضاعة والنذالة، فيصبح كائناً غريباً عن نفسه وفاقدا لجوهره .

 

 

الفاسدون متضامنون متكافلون، تربطهم المصالح والمكاسب، وقلما يعيرون اهتماماً للهموم الوطنية والقومية والإنسانية، ولا يلقون بالاً لحالات الفقر والبؤس المتفشية في المجتمع لأن وجوههم تصلبت وانعدم عندهم الحياء على عتبات المادة، لا يهتمون بالمصالح العامة إلا بمقدار ماتخدم مصالحهم ومكاسبهم، يملكون تعطيل القوانين، وقتل القرارات في المهد، يتولـون ادارات يزاولون فيها الفساد والإفساد، بسببهم ترتفع الاسعار ويستشري الفساد، بسببهم كثرت الرشاوى، والنفوذ، وعجّتْ دوائر الدولة بالمحاسيب، بسببهم ظهر الانحراف، وغاب الالتزام والانتماء .

 

 

الفاسدون يتحدثون عن قيم العدل والمساواة والحق والنزاهة وحقوق الانسان، ويمارسون شعائرهم الدينية والإجتماعية، ويبالغون في الحديث عنها، ويحفظون مآثر تراثية ودينية وآيات قرآنية يرددونها في المناسبات حيثما حلوا، للتغطية على فسادهم وشرورهم ، واذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض، قالوا انما نحن مصلحون..

إنهم يتقنون التخفي وهم متكلمون فصحاء يسوقون من الحجج والبراهين ما يبرروا ويزينوا فسادهم ، مما يجعل المرء يظن أنه يجلس شخصية قيادية طامحة للأفضل ذات قدرات وأفكار يسوقون انفسهم على أنهم ناجحون دوناً عن الآخرين والسبب في ذلك أنه نفذوا بفسادهم بسلام، نجحوا نجاحا نجاح دخل في سيرتهم الذاتية ، خاصة أن المحاسبة غائبة على مذهب ما مضى لا يعود.

ونحن جميعا معنيون بأمر الفساد وبشكل كبيرالذى بات يشكل خطرا على كل من المواطن والوطن ذاته فبات يتفشى إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية والتعليمية والأخلاقية والتربوية ، وتدهورت الصحة وتراجع التعليم وتلوثت الذمم وأهدرت القيم وتشكلت ثقافة خاصة للفساد والفاسدين !!!

 

 

ولعل أسوأ نتاجات الفساد هو ترسيخ مفهوم ثقافة الفساد حيث تسربت قيم الفساد الوضيعة لتحل محل قيم الخير النبيلة، وأصبحت قيم الفساد مع الزمن، مقبولة ومبررة،

ومع تحول الفساد إلى ممارسة وثقافة مقبولة، أصاب “بالعدوى” وعن طريق المخالطة والمشاركة، الكثير من الناس فكثرة الفاسدين وتحسن أوضاعهم، أغرى الآخرين، بإتباع نفس الأساليب والممارسات، فكم من نظيف مارس الفساد، من حيث لا يرغب، لانعدام الطرق الأخرى وتضاؤل وانحسار البدائل، ومن منا لم يمارس الوساطة للحصول على حقه في الوظيفة، غير آبه بأولويات وحقوق الآخرين، وانعكس ذلك على الإدارة العامة، بالترهل، واليأس، وعدم المبالاه والانانية، والتملص من المسؤولية، وتحول الفساد مع الأيام إلى شبكة مصالح، ترتبط مع بعضها البعض بمنظومة تبادل المنافع والفوائد، يصعب محاربتها بسبب ترابط أركانها، الفاسد فيها يحمي أخاه ويحصنه، لتتكون منهم مافيا متشابكة من الصعب مقاومة هؤلاء بوسائل الإصلاح التقليدية،

 

 

ونحن كشعوب مقهورة، تقع علينا شرور الفاسدين وأوزارهم، نتحمل جزء كبير من المسؤولية عن الفساد، لانتعلم ولا نرعوي، كم مرة انتخبنا الفاسد السيئ، وكم دافعنا عن فاسد سارق، بحجة انتماؤه الطائفي أو الإقليمي أو العشائري، ونحن نعلم أنه سوسة تنخر جذور الوطن، وكم دفعنا الوضيع المتكبر إلى الصفوف الأولى، وتصدرنا به المجالس، ووصفناه بالذكي، والشاطر، والفهلوي! وتناقلنا قصصهم وبطولاتهم، وسعينا إلى التقرب منهم، وقدمناهم في جميع مناسباتنا، وناديناهم بصاحب المعالي والسعادة والعطوفة……..هل هي ثقافتنا الموروثة؟ ثقافة الشيخ المبجل والزعيم الاوحد، لا بد اذن من العودة إلى ثقافة الكرامة والشهامة والكبرياء والاعتزاز بالوطن.

 

 

ولقد ظهر مؤخرا من اشكال الفسادعبر تأثير التضليل الإعلامي الذي يكمن في كيفية استخدام المعلومات ونشر وبث أفكار مغلوطة عن عمد وسابق تصور وتصميم لتأسيس واقع افتراضي مزيف ومغلوط بهدف إيقاع المتلقي في الخطأ بينما هو يفكر بشكل صحيح, بأساليب يصعب معرفة دقة وصدقية الرسالة عبر إخفاء المصدر والاتجاه وتزييف الوثائق وتزويرها بحيث يصعب التشكيك فيها أصلا، فضلا عن صعوبة وضعف تأثير إجراءات مقاومة هذه الرسالة.

 

ويعد التضليل الإعلامي شكلا من أشكال العدوان ونشاطا سيكولوجيا تخريبيا ضمن معركة الأفكار والمفاهيم بسلاح عصري لا يتوانى عن استخدام أي وسيلة لتحقيق أهدافه, من هنا ينبغي أن يأتي الرد العلمي والمدروس مدعما بالوقائع والحقائق دون مغالاة بالنفي, لأن بعض هذه الرسائل تحمل نواة الحقيقة أو جزءا منها, ويدخل التضليل الإعلامي ضمن الإطار الواسع للحرب الإعلامية عبر اختلاق وقائع ممسرحة وإغراق وسائل الإعلام بأكثر الأخبار تناقضا بفعل الإفراط في ضخها وهذا ما سمي بفوضى المعلومات والأخبار.

 

 

وعلى الرغم من التفاوت الكبير في القدرات الإعلامية إلا أننا نشهد وبقوة تصدي بعض الدول لعملية التضليل المستمرة الباحثة عن الخبر الجديد مع استمرارية تطورها لجذب المشاهد أو المستمع لمادتها الإخبارية وغالبا ما تكون لإغراض الدعاية السياسية, وقد يوظف الإعلام في تسليط الضوء على مواقف الدول والحكومات في الأزمات والصراع الدولي، و في بعض وسائل الاعلام العربية للأسف من يؤيدون اعداء الله ورسولة من اليهود الصهاينة والنصاري الصليبيين ويستحثونهم على قتل الابرياء من المسلمين والعرب بكل فجاجة واستخفاف بادني تعاليم الدين الاسلامى والاعراف والتقاليد والنخوة والرجولة بل ادنى درجات الانسانية فهل هذا زمن الرويبضة ومن الفساق ومن شايعوهم .لقد انمحت لديهم كل درجات النخوة والابوة والشهامة والرجوله اصبحوا هم واعداء الله ورسولة سواء ومن جلدة واحدة وصنف واحد وهم والمنافقون سواء.

 

 

يقول الله سبحاانه وتعالى في كتابه العزيز (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * ْ} المائدة 51

فينهى تعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى الذين هم أعداء الإسلام وأهله ، قاتلهم الله ، ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض ، ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك فقال : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم [ إن الله لا يهدي القوم الظالمين ] ) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى حلفاءَ وأنصارًا على أهل الإيمان؛ ذلك أنهم لا يُوادُّون المؤمنين، فاليهود يوالي بعضهم بعضًا، وكذلك النصارى، وكلا الفريقين يجتمع على عداوتكم. وأنتم -أيها المؤمنون- أجدرُ بأن ينصر بعضُكم بعضًا. ومن يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم، وحكمه حكمهم. إن الله لا يوفق الظالمين الذين يتولون الكافرين.

 

ويرشد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين حين بيَّن لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة، أن لا يتخذوهم أولياء. فإن بَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يتناصرون فيما بينهم ويكونون يدا على من سواهم، فأنتم لا تتخذوهم أولياء، فإنهم الأعداء على الحقيقة ولا يبالون بضركم، بل لا يدخرون من مجهودهم شيئا على إضلالكم، فلا يتولاهم إلا من هو مثلهم، ولهذا قال: { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ْ} لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم. والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم.

 

 

إن الله تعالى نهَىَ المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارًا وحلفاءَ على أهل الإيمان بالله ورسوله وغيرَهم، وأخبر أنه من اتخذهم نصيرًا وحليفًا ووليًّا من دون الله ورسوله والمؤمنين، فإنه منهم في التحزُّب على الله وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان. , ومن يتولَّ اليهود والنصارى دون المؤمنين، فإنه منهم. يقول: فإن من تولاهم ونصرَهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولً أحدًا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راضٍ. وإذا رضيه ورضي دينَه، فقد عادى ما خالفه وسَخِطه، وصار حكُمه حُكمَه، ولذلك حَكَم مَنْ حكم من أهل العلم لنصارى بني تغلب في ذبائحهم ونكاح نسائهم وغير ذلك من أمورهم، بأحكام نصَارَى بني إسرائيل، لموالاتهم إياهم، ورضاهم بملتهم، ونصرتهم لهم عليها، وإن كانت أنسابهم لأنسابهم مخالفة، وأصل دينهم لأصل دينهم مفارقًا.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم