يُعدّ العام الأوّل من الزواج هو حجر الأساس لبناء قوي يُفترض أن يستمر طيلة العمر، وهو بناء سيتعرض حتماً لعدّة مصاعب وظروف مختلفة، وعلى الزوجين الشابين فهم هذا الأمر والتصرُّف بحكمة حياله. تعتبر الخطبة هي بداية الاختيار السليم والتي يجب ألا تكون قصيرة للغاية بشكل لا يمكن الزوجين من معرفة بعضهما البعض جيِّداً، لكنّ السنة الأُولى تفتح أمام الزوجين جوانب أكبر ليعرف كلّ منهما الآخر جيِّداً وربّما تتكشف أُمور لم تكن في الحسبان وتستلزم بعض الحكمة في التعامل معها وتنازلات من الطرفين معاً وإلّا لا يستطيع هذا الزواج الاستمرار.
أنواع المشكلات
– اختلاف الطباع
يعتبر اختلاف الطباع بين الزوجين أكبر عقبة يواجهها كلاهما فقد يكون أحدهما رومانسياً يحبّ التعبير عن الحبّ بالكلام والورود بينما يكون الآخر عملياً لا يلتفت لتلك الأُمور لكنّه قد يستطيع التعبير عن حبّه بالأفعال، وقد يكون أحدهما شديد النظام بينما الآخر شديد الفوضوية، بل حتى فكرة العصبية والهدوء والصوت العالي والصوت المنخفض وغير ذلك من تلك الأُمور.
– تسلط أحد الزوجين واستسلام الآخر
من المؤسف أن يكون أحد الزوجين متسلّطاً أو متحكماً أو أنانياً إلى حدٍّ كبير، ولا يظن أحد أنّ الرجل دائماً هو المشكلة فأحياناً تكون المرأة هي المتسلّطة، والزواج يعني شراكة كاملة وصداقة تامة وليس تسلطاً أو تحكماً من طرف على الآخر.
– تدخُّل الأهل
كثيراً ما يكون تدخُّل الأهل هو المشكلة ولا يجب على الأهل التدخُّل إلّا بالإصلاح أو إن طلب الزوجان ذلك، ولا يجب التحيّز لابنهم أو ابنتهم ولكن يجب التعامل بحكمة وإنصاف مَن معه الحقّ وتوجيه الطرف الآخر بلُطف.
– المقارنة بعلاقة سابقة
عندما يكون أحد الطرفين أو كلاهما قد مر بخطبة أو زواج سابق فكثيراً ما يعقد المقارنة خاصّة إن كان هذا الطرف مُجبراً على الفراق، بل يفضّل حتى وإن كانت المقارنة إيجابية ألا يذكر اسم الخطيب أو الزوج أو الخطيبة أو الزوجة السابقة.
أسباب تلك المشكلات
1- النظرة غير الموضوعية والتطلُّعات الخيالية
كثيراً ما يعيش الشباب أحلاماً وردية غير واقعية وتصوّرات غير منطقية عن الزواج ويظنّ الأشخاص أنّ الرومانسية التي نشاهدها في الأفلام هي الطريقة للتعبير عن الحبّ، بينما الحبّ يمكن التعبير عنه بأشياء كثيرة منها تحمّل مسؤولية هذا الزواج ومنها التنازل عن بعض الطباع لكسب مزيد من التكيّف والتأقلم بين الزوجين.
ومن ذلك أيضاً نظرة الزوجين لفكرة التناسب بينهما، على أنّها يجب أن تكون تشابه بينما هي في الحقيقة يجب أن تكون تكاملية فيجب أن يكمل كلّ منهما الآخر.
2- الشكوى وإفشاء الأسرار بين الزوجين
من أكثر الأسباب التي تؤجج المشكلة حتى ولو كانت للأهل، لأنّ مَن يستمع ينظر من وجهة نظر الراوي فحسب وقد يعطيك نصيحة غير حكيمة عن غير قصد – فضلاً عن وجود بعض ذوي النوايا السيِّئة أيضاً – فتثار المشكلة أكثر وأكثر.
3- التعجّل
التعجّل في كلّ شيء آفة وفي الزواج يُعدّ آفة كبرى أيّاً كانت المرحلة، فالتعجّل في الاختيار خطأ وفي الخطبة خطأ، بل ينبغي التأني عند التفكير والسؤال عن الطرف الآخر والاستخارة، ثمّ دراسة الشخص أثناء الخطبة جيِّداً وإطفاء صوت القلب قليلاً لامتلاك التفكير الصائب عن مناسبة الشابين لبعضهما البعض أمّا لا، أمّا بعد الزواج فينبغي أن تكون السنة الأُولى هي سنة البناء والأساس والتعوّد وإرسال دعامة هذا الزواج، بل يفضّل تأجيل الإنجاب فيها للتأكّد من تلاؤم الزوجين ولأنّ الأبناء قد يأتون بمسؤوليات أُخرى تؤجِّل هذا التلاؤم.
4- الرأي المسبق عن الرجل أو المرأة أو عن شكل الزواج أو عن العلاقة بالأهل
كثيراً ما نجد فتاة تبتعد عن أهل زوجها وترى أنّ أهل الزوج لن يحبّونها مهما فعلت، ربّما بسبب علاقة والدتها بأهل والدها أو بسبب الإعلام الذي كثيراً ما أساء لصورة الحماة وغير ذلك، وهو ما يؤثِّر سلباً بالطبع على بناء العلاقة.
5- التعلُّق الكبير بالأهل
من الأُمور السيِّئة أيضاً التعلُّق الشديد بالأهل وهو ما يجعل الزواج غير ناضج وطرفيه غير ناضجين ولا يمتلكان الحكمة لإدارة هذا الزواج، فتجد الزواج والبيت غير مستقر لأنّ أحدهما أو كلاهما يريد أن يقضي طيلة الوقت عند أهله ويحكي لهم كلّ شيء وهكذا.
6- سوء الاختيار
سوء الاختيار من البداية هو أسوأ تلك الأسباب وربّما إن لم ينضج الزوجان ويحاولا التأقلم يؤدِّي إلى هدم هذا الزواج.
أخطاء قاتلة
بعد الزواج تتكشف بعض العادات التي لا تظهر في الخطبة إذ يبدو المخطوبين على الدوام في أبهى صورة وحلة أمام بعضهما البعض ومن ذلك عادات بسيطة لكنّها مرهقة جدّاً مثل الفوضوية وعادات النظافة العامّة والشخصية والصوت العالي وغير ذلك.
كيف يجب أن يتعامل الزوجان مع السنة الأُولى؟
من الأفضل أن يعرف الزوجان أنّ الزواج هو شركة قائمة وسلة لها أذنان يحملها شخصان ولا أحبّ أن أشبهها دوماً بالسفينة ذات الربان الواحد وإن كانت كذلك في أغلب الأوقات، لكن حتى ربان السفينة يكون له نائب يستشيره ويأخذ برأيه، لذا فإنّ مسؤولية نجاح الزواج تقع على الزوجين معاً وليس على أحدهما دون الآخر، وإن كانت المرأة هي الأقدر فلأنّها الأصبر والأكثر حناناً.
يجب أن يتعلّم الزوجان أنّ التنازل دون إهانة هو أساس العلاقة الزوجية وأنّ هذا التنازل يجب أن يكون من الطرفين، بل إنّ أي علاقة إنسانية تتطلب دوماً الأخذ والعطاء ولا يجب أن يظل أحد الطرفين هو المعطاء على الدوام بينما يستمر الآخر في أنانيته لأنّ هذه وقتها تصبح علاقة تطفلية وليست شراكة وصداقة وعلاقة يجب أن تستمر طيلة العمر.