وجعل الله سبحانه الطمأنينة في قلوب المؤمنين ونفوسهم، وجعل الغبطة والبشارة بدخول الجنة لأهل الطمأنينة فطوبى لهم وحسن مآب.
والطمأنينة سكون يثمر السكينة والأمن. والفرق بين الطمأنينة والسكينة أن الطمأنينة أعم وأشمل وتكون في العلم واليقين ولهذا اطمأنت القلوب بالقرآن . أما السكنية فإنها ثبات القلب عند هجوم المخاوف عليه وسكونه وزوال قلقه واضطرابه.
والنفس المطمئنة هي النفس التي سكنت واستقرت في مقام الاطمئنان والسكينة والأمن. وتمتاز النفس المطمئنة بالسكينة والتواضع والإيثار والرضا والصبر على الابتلاء والتوكل. وتسير بمقتضى الإيمان إلى التوحيد والإحسان والبر والتقوى والصبر والتوبة والإقبال على الله.
والنفس المطمئنة هي النفس التي تجد أمنها وسكينتها مع ذكر الله. ” الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ” ( الرعد: 28 ) . أي تطيب وتركن إلى جانب الله وتسكن عند ذكره وترضى به مولى ونصيرا. ثم يؤكد سبحانه بأن اطمئنان القلوب لا يتم إلا بذكره.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ” قل اللهم أنى أسألك نفسا بك مطمئنة تؤمن بلقائك ، وترضى بقضائك ، وتقنع بعطائك ” (أخرجه الحافظ ابن عساكر) .
والنفس المطمئنة نفس متوازنة، متفاعلة متكاملة الجوانب لا يغلب عليها الحس فتتصرف وفقا لغرائزها، ولا يطغى عليها العقل فتتصرف وفقا لمقولات مجردة منطقية ، إنما هي تتصرف وفقا لإرادة حرة من خلال أشكال جمالية: عمل فني ، عمل أخلاقي ، عمل علمي.
سمات النفس ا لمطمئنة:
1- الوحدة في ملكاتها وعدم التنافر بين فعلها وإيمانها الداخلي، أي بين الفعل والقول، الداخل والخارج.
2- أنها نفس بسيطة رقيقة ، تلقائية وبهذه الصفات تلمس الأشياء بحواسها الداخلية بمعنى أنها تمتلك نورا بداخلها يبصرها بحقائق الأمور.
3- تتسم بالابتكار والأصالة فهي دائما متجددة مبدعة تبتعد فيها عن النظرة الضيقة المحدودة .
4- النفس المطمئنة نفس حرة لا تخضع إلا لقانون الإنسانية الفطري الذي دعاها الله له في خاتم رسالته” اقرأ” فالقراءة قراءة لكل ما في الوجود من أشياء وجبال وبحار وأناس وعلاقات تفهم جميعا لتثمر القراءة علم وثقافة وفن وفلسفة وشرط القراءة.. الحرية.
5- النفس المطمئنة .. نفس راضية .
6- من سماتها أنها لا تحكم علي الآخرين وتنشغل بإصلاح عيوبها .
7- لا تقبل أن تجر وتندفع في مهاترات ومجادلات توقعها في الخطأ في حق الناس من سب وشتائم وحكم خاطي يفقدها طاقتها النورانية التي وهبها الله لها.
الإيمان الجميل :
بلا شك أن النفس المطمئنة نفسا مؤمنة إيمانا جميلا كاملا .. إيمان بالله خالق هذا الكون الجميل واحترام قوانينه ورسائله التي أنزلها على الإنسان، والإيمان أوسع واشمل من إقامة بعض الشعائر وارتداء بعض الملابس ، بل الإيمان هو إيمان بالله والحياة والانسان.
فهو العمق الذي يبعدنا عن السطحية والزيف والخداع لأنه تجربة شعورية جمالية ، نؤمن فيها بما نفعله ونحقق فيها ما نحبه بلا أنانية وبلا خداع.