الأثنين 23 ديسمبر 2024 / 22-جمادى الآخرة-1446

سلوكيات الأطفال البريئة والتعامل الأسري معها



سلوكيات الأطفال البريئة والتعامل الأسري معها .
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRm-hauRn51iTkVFrd0Lwa4ch74RAw-XXLF7QEenyXPx-rCiuAPilToEQ4vSQ
أ. روحي عبدات .
يتصرف الكثير من الأطفال بشكل عفوي في مراحل العمر الأولى، وذلك كدافع نحو استكشاف العالم الخارجي والتعرف على خصائص وصفات الأشياء المحيطة واختبارها،
فالطفل الصغير كالعالم الصغير الذي يجري الأبحاث والتجارب بأدوات بسيطة وبممارسات وسلوكيات يومية، فهو يستعمل الألوان بشكل عشوائي ليرسم على الجدران، ويرمي الكرة أو بعض الأدوات المنزلية ليلاحظ احتكاكها بالأجسام الأخرى أو ليسمع صوتها عندما ترتطم بالأرض، ويحاول فك الألعاب أو بعض الأجهزة الكهربائية ليعرف ما بداخلها، ويسمع ألفاظاً أو كلمات من الآخرين ويحاول ترديدها بلا وعي أو إدراك لمعانيها.
إلا أن كل هذه السلوكيات الاستكشافية لا تروق بالاً للأسرة التي تأخذ بلوم الطفل وعقابه وزجره عن ممارستها، دون أن يعرف الطفل أحياناً لماذا تقوم الأسرة بذلك،
ولماذا تمنعه من القيام بما يحلو له القيام به، ودون أن يكون قادراً على تفسير السبب حسب منطقه الصغير الذي يتمتع به.
ولا شك أن هذه السلوكيات العشوائية والاستكشافية تفسد الكثير على الأسرة، وتنغص حياة الأم اليومية، خاصة إذا أتلف الطفل بعض الأدوات في المنزل او ألعابه، أو ردد كلمات غير أخلاقية ومحرجة أمام الآخرين، أو أزعج الأسرة بتصرفاته التي لا تكل ولا تمل،
مما يضطر الأم أو الأب إلى محاولة إيقافه ومنعه، إلا أن طريقة التعامل مع هذه السلوكيات قد تأخذ منحى عنيفاً من قبل الأهل الذين يقومون بالضرب أحياناً والصراخ والمنع القسري والتأنيب،
الأمر الذي يضعهم في موقف عدائي مع الطفل الذي يفسر سلوكياتهم ضده، فيميل إلى العناد أحياناً وتحدي الأسرة وإعادة تكرار الفعل أو غيره بأشكال مختلفة، أو الاستسلام والانسحاب أحياناً أخرى والامتناع القسري عما يفعله،
مما يضيع عليه الكثير من فرص النمو والتطور العقلي والادراكي والاجتماعي، لأن الكثير من السلوكيات آنفة الذكر تعتبر ضرورة نمائية هامة بالنسبة له، فلولا وقوعه في الأخطاء واختباره لخواص الأشياء والمفاهيم لما تعلم منها.
لذلك فعلى الأسرة عدم اعتبار هذه السلوكيات –على سوئها- بأنها ضارة وسلبية جملة وتفصيلاً، بل هي تنبع من طبيعة الطفل وبراءته، ولا تمثل تحدياً للأسرة وسلطتها، وينبغي التعامل معها بمنطق السبب والنتيجة، لكي يفهم الطفل عواقب أي سلوك سلبي يقوم به وما بترتيب عليه،
بمعنى آخر إذا أرادت الأم منع طفلها من الكتابة على الحائط فلا بد أن توضح له الأسباب بشكل مبسط يتناسب مع قدراته، وأن لا تفسر هذا الموقف بأنه نوع من الانتقام منها أو العناد لها بل هو حاجة تطورية واستكشافية عند الطفل،
والأمر الهام الآخر أن توفر له البديل عن هذا السلوك الذي يشبع حاجته، كأن تدعه يكتب في كراسة الرسم، أو على السبورة أو أي مكان آخر يسمح به وتشجعه على عمله هذا، وتظهر أعماله الفنية ورسوماته أمام الآخرين.
وهذا ينطبق على أي سلوكيات أخرى كالألفاظ النابية وسلوكيات استفزاز الآخرين، وتخريب الأدوات، فيجب النظر إلى الدافع الذي يجعل الطفل يمارسها في البداية حتى نجد لها تفسيراً وبديلاً لها،
فتصحيح الطباع السيئة عند الطفل من الصغر يجنب الأسرة الكثير من الجهود للتخلص من هذه الطباع في مرحلة المراهقة، حيث من المتوقع أن تتقولب وتأخذ طابعاً عدوانياً ويتخللها العناد والاصرار على ممارستها، لأنه قد اعتاد عليها دونما زجر أو منع،
فحتى لا تكبر هذه الطباع مع الطفل، وحتى لا يتخذ الطفل ردود فعل سلبية تجاه الطرق القسرية في تربيته عند الصغر، لا بد لنا كوالدين من الرأفة والرحمة بهذا الملاك الصغير عند تخليصه من الشوائب التي تطرأ هنا وهناك بين الحين والآخر. 
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم