الأحد 22 ديسمبر 2024 / 21-جمادى الآخرة-1446

ذكاء المُدرس



بقلم أ.أسامة طبش

يُخطئ مَنْ يعتقد أن التدريس مهنةٌ سهلةٌ، وفي متناول كل الناس؛ فهذه المهنة تتطلَّب مؤهلات خاصة، تُمكِّن صاحبَها من ممارستها، والحفاظ على وتيرة عمله، والنجاح فيها على المدى الطويل.

سنُعرِّج في هذا المقال على نقطة نعتقد أنها أساسية في المدرِّس، وهي التي تُمهَّد له السبيل للوصول إلى الفعالية اللازمة وإصابة الأهداف المحددة، وهي: “الذكاء في التدريس”.

نقصد بالذكاء في التدريس تلك الملَكَة الفكرية التي يحوزها المدرِّس، فتجعل منه فنَّانًا في تدريس مادَّته، وهي تصل إلى أبعد من ذلك، لتشمل معرفته، وتمكِّنه من المعلومات التي يدرسها، لا سيَّما مضمون الدرس الذي سيُقدِّمه لطلبته، فيجب أن يكون مُطَّلِعًا على كافة خباياه، ومتُوقِّعًا لكل التساؤلات بخصوصه، وآخذًا بعين الاعتبار الأفكار التي قد تُطرَح بصورة ارتجالية، فالمدرس بحنكته وفطنته الدائمة، يتواصل مع الطلبة باقتدار شديد، ويُقنعهم بإجاباته الصائبة.

يُضاف إلى ما سبق معرفة المراحل التي سيمُرُّ بها الدرس، فنذكر على سبيل المثال: السؤال الجالب للانتباه، ثم منح أمثلة دالة على مضمون الدرس، ثم الغوص في عمقه بالشرح الكامل التامِّ، ثم منح القاعدة العامة، ثم اقتراح تمارين وتطبيقات لقياس مدى الاستيعاب، فهذه المراحل تتمُّ بأسلوب منطقي، وبتسلسُلٍ شديد؛ حتى لا يشعُر الطالب بالملَلِ، ويُساير وتيرةَ الدرس المقدَّم إليه.

أما الأهداف المتعلِّقة بالدرس، فمن الأفضل ألَّا تتجاوز ثلاثة أهداف، حتى يحصر المدرس مجال عمله، وكلما كانت الأهداف دقيقة ومُوجَّهة، عرَف الدرس نجاحًا باندماج الطلاب مع ما يُقدَّم، ووصولهم إلى درجة الاقتناع والرضا بما عُرِض عليهم من معلومات قيِّمة خلال الدرس، فتحديد هذه الأهداف مُهمٌّ كبداية، ويجب معرفة ما يجب الوصول إليه في آخر المطاف بوضوح.

الإطار العام الذي أسلفناه يُسهِم كثيرًا في جلب انتباه الطالب، ويجعله منسجِمًا مع زملائه ومتفاعِلًا مع مدرِّسه، فالمسار التعليمي يتمحور حول العناصر التالية: المدرس والطالب والمادة العلمية الملقَّنة، فللمدرس دورٌ يضمن تفاعُل وتناغُم العنصرين الآخرين، لتحقيق الهدف العام بنجاح الدرس المقَدَّم، فإدراك المدرس للعناصر السالفة وتَمكُّنه منها، يجعله قائدًا في قسمه، ومُوجِّها لدفَّة حصة الدرس كما يشاء، فأحيانًا للارتجالية مكانها، وهي تعبير عن تَمكُّن المدرس.

على المدرس أن يختار أحسن السُّبُل لعرض درسه، وهذا مُتوقِّف على قُدْراته ومَلَكاته الذاتية، وبالذكاء الذي ذكرناه، سيُوظِّف طاقاته الفاعلة، فيضمن بذلك هضم المعارف المقَدَّمة في الدرس، ويُوفِّر أحسن الشروط الضرورية لها، وهذا الذكاء فطري ومُكتَسب ببعض التمرينات اليسيرة والنصائح اللازمة، فرويدًا رويدًا تصل الفعالية إلى أقصى درجاتها، ويُحسُّ المدرِّس أنه قائد الساحة في قسمه.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم