الأحد 22 ديسمبر 2024 / 21-جمادى الآخرة-1446

دور المدرسة في تنمية عادة القراءة للطفل



مسألة إيجاد الطفل القارئ (المثقّف) ليست مسؤولية الأسرة وحدها فحسب، ولكنها مسؤولية المدرسة أيضاً، والمدرسة الابتدائية هي الأساس في ذلك. ومن الأمور البديهية أنّ من أهم الأغراض التعليمية هي توجيه الأطفال نحو الكتب، لا لمجرد معرفتهم كيفية قراءتها وإنما لعقد قرانهم بها! إذاً “علينا أن نبدأ البناء من أسفل وليس من أعلى فنركز على الطفل الذي هو شاب المستقبل، فنضع برامج تعليمية ومقررات دراسية نبرز فيها بصورة واضحة أنّ المكتبة والكتاب وغيرهما من المواد الثقافية هي العماد الذي يجب أن يعتمد عليه الطالب، فنربي في الطفل عادة القراءة والقراءة الحرة”.

فليس من الصحيح أن نطلب من التلميذ أو الطالب في المدرسة أن يقرأ ويتثقف ذاتياً، اعتماداً على قراءات ومهارات خاصة يزاولها بنفسه دون أن نوضح له الطريق، فالتعلم الذاتي جيد وحسن وربما يكون هو الأسلوب الأمثل خلال عملية التعليم ولكن بعد أن نبين للطالب كيف يكون وبأي صورة يتم؟ فينبغي أن تكون هناك دروساً تعلم الطالب وترشده إلى كيفية الرجوع للمصادر وكيفية استخدامها، هذا الأمر ربما يكون حاصلاً نوعاً ما حالياً من خلال “مادة المكتبة والبحث” ولكن في ظل الظروف التعليمية التي نعيشها الآن في مدارسنا فالأمر ربما يكون صعباً للغاية نظراً للزيادة في عدد المواد المقررة، ونظراً لاعتمادها بصورة كبيرة على عملية التلقين أثناء التدريس، وعلى عملية الحفظ عند المراجعة. وهذا أسلوب خاطئ، كما يتحدث الكثير من التربويين، فـ”حديث تدريه خير من ألف ترويه” كما جاء عن الإمام الصادق (ع). فللمدرسة دورها الكبير والمؤثر في تعزيز عادة القراءة وتنمية التعليم والتثقيف الذاتي، خصوصاً في ظل وجود القدوة المتمثلة في المدرس، فما أجمله من منظر عندما يرى الطالب أستاذه متصفحاً لكتاب مقلباً لأوراقه، ما أجمله من منظر عندما يرى الطالب أساتذته وقد عقدوا حلقة للنقاش في قاعة المكتبة.

فالمدرسة بإمكانها أن تعمل على تغيير اتجاهات الطلبة والانتقال بهم من حالة العزوف عن القراءة إلى حالة الولع بها، وهذا ما نأمل تحققه للمدرسة أن تقوم ببعض ذلك الدور من خلال إيجاد حصة القراءة الحرة التي يختار أثناءها الطالب ما يريد قراءته من مواد بتوجيه من أمين المكتبة، وكذا باستخدام أسلوب القصة خصوصاً في المرحلة الابتدائية، ولن يكون ذلك إلا بوقفة شجاعة من المسؤولين لأجل العمل على التغيير في السياسات التعليمية في وطننا العربي والإسلامي. وبما أنّ الحديث يدور حول المدرسة ودورها في تنمية وتعزيز عادة القراءة أشير هنا إلى ضرورة اهتمام المدارس بـ”المكتبات المدرسية” من ناحية “المظهر والجوهر” فتعمل على اختيار المكان المناسب لإقامتها والاهتمام بها من ناحية الشكل والإضاءة والتهوية. وتعمل جاهدة على توفير مختلف المراجع والمصادر التي تعين المدرس في تحضير دروسه، والطالب في دراسته وقراءته وإعداده للبحوث، وكذا السعي نحو تقديم كلّ ما من شأنه جذب المدرس والطالب نحو عالم القراءة، ولن يكون ذلك إلا بتوفير المواد المقروءة المناسبة، فالطفل يقدم على الحلوى التي يسيل لها اللعاب اشتهاءً! وقبل أن أتحدث عن أهمية القصة أقول بضرورة تعاون جميع المنتسبين من أجل إنجاح هذا الهدف النبيل؛ فأفضل ما يمكن أن نقدمه لطلابنا هو عقد قرانهم بالكتاب! فمن الأمور البسيطة التي يستطيع أن يقوم بها الكثير من المدرسين، قيامهم باقتطاف بعض العبارات والجمل البسيطة من الكتب التراثية وكذا الحديثة وإبقائها أمام الطلبة ومن ثمّ التعريف بكتّابها في حدود عشر دقائق (مثلاً) في بعض الحصص، ويفضل أن ترتبط المعلومة الخارجية بالمنهج المدرسي.

إنّ للقصة دوراً كبيراً في إشاعة جو القراءة في المجتمع وتحبيب هذه العادة للطفل والشاب، “فالقصة موضوع قائم بذاته في الدول المتقدمة، من خلالها يزرعون التوجه الذي يرغبون في عقول أطفالهم”. فينبغي علينا جميعاً أن نصوغ أفكاراً نهضوية بشكل قصص جميلة ومشوقة ونسمعها لأطفالنا سواء في البيت أو في المدرسة أو عبر وسائل الإعلام المختلفة… إلخ. ومما يجب أن نركز عليه في هذا الخصوص موضوع (القراءة) وبهذا الأسلوب ربما نضمن التأثير الكبير على أبناء المستقبل. فهل نبادر جميعاً من أجل غرس هذا التوجه في نفوس أطفالنا؟.

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم